منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى قرية اخطاب

ايد واحدة نبنى بلدنا
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول
أخــطـابُ يـا قـلعةً للنـورِ زاهـرةً فيك العفافُ ومنك الطهرُ والأدبُ لو لم أكن فيك يا أخطابُ مولودًا لبحثْتُ عنكِ كما أوصت بكِ الكتبُ الناسُ حيرى بعيدًا عنكِ يا أملى حــتى إذا مـا أتـوْكِ فـاتَهُـم تـَعَــبُ أهلُ الفضائلِ فى أنحائِك اجتهدوا كى يُسعدوا كــلّ مُـحتاجٍ لهُ طـلـبُ كلّ المكارمِ والأخلاقِ قد جـمعتْ مجدَ الفراعين حتى جاءكِ الـعـربُ دوماً أتيهُ عـلى مـرّ الـزمـانِ بكِ أفضالكِ الغرّ قدْ هامتْ بها السحبُ الشمسُ والنجمُ والأقمارُ ظلّ لها من أهـلـكِ الصـالحينَ دائماً نسـبُ أخـطـابُ أنتِ التى فى قلبنا أبـداً أنتِ التى فى شغافِ القلبِ تحتجبُ حبّ البـلادِ التى عاشتْ بداخـلِنا فرضٌ على من إلى الأخلاقِ ينتسبُ
المواضيع الأخيرة
» ارقى مناطق التجمع الخامس بمنطقة اللوتس الجنوبية
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالثلاثاء مايو 06, 2014 11:10 pm من طرف رحاب صلاح

» شراء شات صوتي و يدعم ايضا الكاميرات-شراء دردشة صوتيه-شراء دردشة كامات
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:19 am من طرف رحاب صلاح

» هل موقعك الالكتروني يتوقف دائما؟ هنا الحل www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:16 am من طرف رحاب صلاح

» معلومات تهمك عن التجمع الخامس
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:14 am من طرف رحاب صلاح

» استضافة لينوكس أو استضافة الويندوز : تعلم كيفية اختيار الاستضافة المناسبة لك
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:49 am من طرف رحاب صلاح

» منتج الدردشة الأفضل والأقوى في العالم تفضلوا بالدخول وقراءة هذا الموضوع
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:47 am من طرف رحاب صلاح

» اسعار التمليك والمفروش في المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:44 am من طرف رحاب صلاح

» احمي موقعك وزوارك من الهاكر وسمعة موقعك على محركات البحث www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:20 pm من طرف رحاب صلاح

» طريقة شراء 123 شات فلاش من أي مكان في العالم
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:19 pm من طرف رحاب صلاح

» افخم مناطق المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:17 pm من طرف رحاب صلاح

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 98 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 98 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 285 بتاريخ الخميس أكتوبر 10, 2024 3:31 pm
عداد الزوار
تصويت

 

 كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الرحمن حسن

عبد الرحمن حسن


عدد المساهمات : 56
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/03/2011

كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون   كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون Emptyالخميس يوليو 28, 2011 6:52 am

أبواب ذكر الوفود عليه صلى الله عليه وسلم

الباب الأول
في ذكر وفد سعد بن بكر
عن عبدالله بن عباس قال: بَعثت بنو سعد بن بكر ضِمَامَ بن ثعلبة وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقدِم وأناخ بعيره على باب المسجد وعقَله. ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه، وكان ضمام رجلاً جَلْداً أشْعَر ذا غَدِيرتين، فأقبل حتى وقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه. فقال: أيُّكم ابنُ عبد المطلب؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ» .
قال: محمد؟
قال: «نَعَمْ» .
قال: يا بن عبد المطلب، إني سائلك ومشدِّد في المسألة، فلا تجدَنَّ في نفسك؟
قال: «لاَ أجِدُ فِي نَفْسِي سَلْ عَمَّا بَدَا لك» .
قال: أنشدك الله إلهك وإله مَنْ كان قبلك وإله من هو كائنٌ بعدَك، آلله بعثَك إلينا رسولاً؟
قال: «اللهُمَّ نَعَمْ» .
قال: فأنشدك الله إلهك وإله مَنْ كان قبلك وإله مَنْ هو كائن بعدك، آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبد الله وحده لا شريك له، وأن نخلع هذه الأنداد التي كانت أوثاناً تُعْبد من دون الله؟
قال: «اللهُمَّ نَعَمْ» .
قال: فأنشدك الله إلهك وإله من هو كائن قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نُصَلي هذه الصلوات الخمس؟
قال: «اللهُمَّ نَعَمْ» .
قال: ثم جعل يذكر فرائضَ الإسلام فريضةً فريضة، الزكاة، والصيام، والحج، وشرائع الإسلام كلها (يناشده عند كل فريضة منها كما) يناشده في التي قبلها.
حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه لا أزيد ولا أنقص.
ثم انصرف راجعاً إلى بعيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جين ولّى: «إنْ يَصْدُقْ ذُو العَقِيْصَتَيْنِ يَدْخُل الجَنَّةَ»

قال: فأتَى إلى بعيره فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللاتُ والعزَّى.
فقالوا: مَهْ يا ضمام، اتق البرصَ والجذام والجنون
فقال: ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان، إن الله عز وجل قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتاباً استنقذكم (به) مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه.
قال: فوالله ما أمَسْى في حاضِره رجلٌ ولا امرأة إلا مسلماً.
قال: يقول ابن عباس: فما سمعنا بوافد قومٍ كان أفضَلَ من ضِمَام بن ثعلبة.

الباب الثاني
في وفد مزينة
عن كثير بن عبدالله المزني قال: كان أول وفدٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مضر أربعمائة من مُزَينة، وذلك في رجب سنة خمس، فجعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة في دارهم وقال: «أنْتُم مُهَاجِرُونَ حَيْثُ كُنْتُم فَارْجِعُوا إلَى أمْوَالِكُم» . فرجعوا إلى بلادهم.

الباب الثالث
في ذكر وفد فزارة
عن أبي وَجْزة السَّعدي قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك قدم عليه وفدُ بني فَزَارة، بضعة عشر رجلاً منهم خارجة بن حصن والحُرُّ بن قيس، على رِكَابٍ عِجَاف، فجاؤوا مُقرِّين بالإسلام، وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بلادهم فقال أحدهم: أسْنَتَتْ بلادُنا وهلكت مواشينا وأجدبَ جَنابنا وغَرِثَتْ عيالنا، فادع لنا ربَّك.

فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر ودعا فقال: «اللهُمَّ اسْقِ بِلاَدَكَ وعِبَادَكَ وانْشُرْ رَحْمَتَكَ وأَحي بَلَدَكَ المَيِّتْ، اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيْثاً مَرِيًّا مَرِيْعاً طَبَقاً، وَاسِعًا عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ نَافِعًا غَيْرَ ضَارَ، اللهُمَّ اسْقِنَا سُقْيَا رَحْمَةٍ لاَ سُقْيَا عَذَابٍ ولا هَدْمَ ولا غَرَقَ ولا مَحْقَ، اللهُمَّ اسْقِنا الغَيْثَ وانْصُرْنا عَلَى الأعْدَاءِ» .
فمطرت فما رأوا السماء سَبْتاً، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فدعا وقال: «اللهُمَّ حَوَالَيْنا وَلاَ عَلَيْنَا، اللهُمَّ عَلَى الآكَامِ والظِّرَابِ وبُطُونِ الأوْدِيَةِ ومنَابِتِ الشَّجَرَةِ» . قال: فانجابَ السحابُ عن المدينة كانجِيَابِ الثوب.

الباب الرابع
في ذكر وفد تجيب
عن الحويرث قال: قدم وفدُ تَجِيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع وهم ثلاثة عشر رجلاً، وساقوا معهم صدقات أموالهم.
فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وقال: «مَرْحَبًا بِكُم» .وأكرمَ منزلهم، وأمر بلالاً أن يحسن ضيافتهم وجوازئهم، وأعطاهم أكثر مما كان يُجيز به الوفدَ.
وقال: «هَلْ بَقِيَ مِنْكُم أَحَدٌ؟»
قالوا: غلامٌ خلفناه على رحالنا وهو أحْدَثنا سنًّا.
قال: «أرْسِلُوه إلَيْنَا» . فأقبل الغلامُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني امرؤ من بني أَبْذَى الرهط الذين أتوك آنفاً فقضيتَ حوائجهم، فاقض حاجتي.
قال: «وما حَاجَتُكَ؟»
قال: تسأل الله أن يغفر لي ويرحمني ويجعل غَناي في قلبي.
فقال: «اللهُمَّ اغْفِرْ لَه وارْحَمْه واجْعَلْ غِنَاهُ فِي قَلْبِه» . ثم أمَر له بما أمر لرجلٍ من أصحابه.
فانطلقوا راجعين إلى أهليهم، ثم وافوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في الموسم بمنًى سنة عشر فسألهم عن الغلام. فقالوا: ما رأينا مثله ولا أَقْنع منه بما رزقه الله عز وجل.

الباب الخامس
في ذكر وفد سعد هذيم وهم من أهل اليمن
عن فروة بن سعيد، عن أبيه، عن جده قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه وفدُ أهل اليمن. فقالوا: يا رسول الله، قد أحيانا الله ببيتين من شعر امرىء القيس.
قال: «وَمَا هُمَا؟»
قالوا: أقبلنا نريدك حتى إذا كنا بموضع كذا وكذا أخطأنا الماء فلم نقدر عليه، فانتهينا إلى موضع طلح وسَمر، فانطلق كل رجل منا إلى ظل شجرة ليموت في أصلها، فبينا نحن في آخر رمقٍ إذا راكبٌ قد أقبل فلما رآه بعضنا تمثّل:
ولمّا رأتْ أنّ الشّرِيعة همُّها
وأن البَياضَ من فَرائصها دامِي
تَيَّممت العينَ التي عند ضارجٍ
يفيء عليها الظلُّ عَرْمُضها طامي
فقال الراكب: مَنْ يقول هذا الشعر؟
فقال بعضنا: امرؤ القيس.
قال: هذه والله ضارج أمامكم، وقد رأى ما بنا من الجهد. فرجعنا إليها فإذا بيننا وبينها نحواً من خمسين ذراعاً، وإذا هي كما وصف امرؤ القيس عليها العَرْمض يَفيء عليها الظلُّ.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذَاكَ رَجُلٌ مَشْهُورٌ فِي الدُّنْيا خَامِلٌ فِي الآخِرَةِ مَذْكُورٌ فِي الدُّنْيَا، يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَه لِوَاءُ الشُّعَرَاءِ يَقُودُهُم إلى النَّارِ» .

الباب السادس
في ذكر وفد محارب
عن أبي وَجْزة السعدي قال: قدم وفد محارب سنة عشر في حجة الوداع وهم عشرة نفر منهم سواء بن الحارث وابنه خزيمة، فأسلموا ولم يكن أحد أفظَّ ولا أغلظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.
وكان في الوفد رجل منهم يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الحمد لله الذي أبقاني حتى صدَّقتُ بك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ هَذِه القُلُوبُ بِيَدِ الله» ومَسَح وجهَ خزيمة فصارت له غرة بيضاء وأجازه كما يجيز الوفدَ وانصرفوا.

الباب السابع
في ذكر وفد بجيلة

عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه، قال: قدم جريرُ بن عبدالله البَجلي المدينة سنة عشر ومعه قومه مائة وخمسون رجلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَطْلُع عَلَيْكُم مِن هَذا الفَجِّ مِن خَيْرِ ذِي يَمَنٍ عَلَى وَجْهِه مِسْحَةُ مُلْكٍ» .
فطلع جريرٌ على راحلته ومعه قومه، فأسلموا وبايعوه.
قال جرير: وبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فبايعني، وقال: «عَلَى أنْ تَشْهَدَ أنْ لاَ اله إلاَّ اللَّهُ وَأنِّي رَسُولُ الله، وتُقِيْمَ الصَّلاَةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وتَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وتَنْصَحَ المُسْلِمِينَ، وتُطِيْعَ الوَالِي وإنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيًّا» .
قال: نعم فبايعته.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسائله عما وراءه، فقال: يا رسول الله، قد أظهر الله الإسلامَ والأذان وهَدمت القبائل أصنامها التي كانت تعبدها.
قال: فما فعل ذو الخَلَصة؟
قال: «هُو عَلَى حَالِه» . فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هدم ذي الخَلَصة، وعقد له لواء، فقال: إني لا أَثْبُت على الخيل. فمسح رسولُ الله صدره وقال: «اللهُمَّ ثَبِّتْهُ واجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» .
فخرج في قومه وهم زُهَاء مائتين، فما أطالَ الغيبة حتى رجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهَدَمْتَه؟» .
قال: نعم، وأحرقته بالنار والذي بعثك بالحق، وتركتُه كما يسوء أهلَه.
فبارَك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها.

الباب الثامن
في ذكر وفد نهد

عن علي بن أبي طالب أن وفد نَهْدٍ قدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم طِخْفة بن زهير، فقالوا: أتيناك يا رسول الله من غَوْري تِهامة على أَكْوار الميْس، ترتمي بنا العيسُ، نستحلب الصَّبير، ونَستحلب الخبير، ونَسْتخيل الرِّهام، ونسْتخيل الجهَام، من أرض بعيدة المْبطأ، غليظة الموْطأ، قد يبس المُدْهن، ونَشِف الجِعْثن، وسقطت الأملوج، ومات العُسْلوج، وهلك الهَدَال، ومادَ الودْي، بَرِئْنا إليك يا رسول الله من الوَثَن والعنَنَ، وما يُحْدث الزمَن، ولنا نَعم هملَ أغفال، ووقيرٌ قليل الرِّسْل كثير الرَّسَل، أصابتنا سَنة حمراء، أكْدَى فيها الزرع، وامتنع فيها الضّرع، ليس لها عَلل ولا نَهل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ في مَخْضِهَا ومَخْضِهَا ومَذْقِهَا، واحْبِسْ الثَّمَرَ بِيَانِعِ الثَّمَرِ، وافْجُرْ لَهُمْ الثَّمَدَ وبَارِكْ لَهُم فِي الوَلَدِ» .
ثم كتب معه كتاباً نسخته: «بِسْمِ الله الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ. مِن مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلى نَهْدٍ، السَّلاَمُ عَلَيْكُم مَن أقَامَ الصَّلاَةَ كَانَ مُؤْمِناً، ومَن آتَى الزَّكَاةَ كَانَ مُسْلِماً، ومَنْ شَهِدَ أنْ لاَ اله إلاَّ اللَّهُ لَمْ يُكْتَبْ غَافِلاً، لَكُم فِي الوَظِيْفَةِ، الفَرِيْضَةَ، ولَكُم الفَارِضُ والقَرِيْشُ، مَا لَمْ تُضْمِرُوا إمَاقاً، ولم تَقْطَعُوا رِبَاقَاً، ولَمْ تَأْكُلوا الرِّبا».
فقلت له: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي نحن بنو أب واحد، ونشأنا في بلد واحد، وإنك لتكلم وفودَ العرب بلسانٍ ما يُفْهم أكثره. فقال: «إنَّ اللَّهَ أدَّبَنِي فَأحْسَنَ أدَبِي ونَشَأْتُ فِي بَنِي سَعْدٍ» .
الأكوار: الرِّحَال.
والميس: شجر.
والصَّبِير: سحاب أبيض متراكب.
ونستحلب: بمعنى نحصد.
والخبير: النبات.
وتستخيل السحابة: إذا رأيتها فحسبتها ماء مطر، وتخيَّلت السحابة إذا تهيأت للمطر،

والرهام: الأمطار الضعاف التي لا تروي الأرض.
ونستخيل الجهام في الموضعين.
والجهام: سحاب ماء فيه.
والمبطأ: البعد.
والمُدْهن: نقرة واسعة تكون في الجبل تستنقع.
والجعثن: أصل النبات.
والأملوج: الغصن.
والهدال: ضرب من الشجر. وماد: مات. والوْدي: الفَسِيل. والهَمل: المهْمَل بلا راع.

والوقير: الشاة براعيها. والرِّسل: اللبن. والرَّسَل: ما يرسل منها إلى المراعي.
والسَّنة الحمراء: سنة الجدَب. وأكدى: انقطع. والنهل: الشُّرب الأول.
والعلل: الثاني. والوظيفة: كل ما يُقدَّر.
والفَرِيضة: الهرمة، وهي الفارض. والفارض: المريضة.
والقريش: التي وضعت حديثاً كالنفساء من النساء.
والإماق: الأنفة. والرباق: جمع ربق، وهو الحَبْل، والمعنى: ما لم يقطعوا رباق العهد الذي في أعناقهم.

الباب التاسع
في ذكر وفد عامر بن صعصعة
روى ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: قَدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدُ (بني عامر، فيهم) عامر بن الطُّفيل، وأربد بن قيس، وجَبَّار بن سلمى، وهؤلاء الثلاثة رؤساء القوم (وشياطينهم). وكان قد قال لعامر قومُه: أسْلِم فإنّ الناس قد أسلموا. فقال: والله لقد كنت آليتُ أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عَقِبي فأنا أتبعُ عَقبي هذا الفتى
ثم قال لأرْيَد: إذا قَدِمْنا على هذا الرجل فإني سأشغل وجهه عنك فاعْلُه بالسيف.
فلما قدموا جعل عامر يكلِّم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وينتظر من أَرْبَد ما أمره فلم يُحرْ شيئاً، فقال: أمَا والله لأمْلأنَّها عليك خيلاً جُرْداً ورجالاً مُرْداً.
فلما ولّى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ» .
فقال عامر لأربد: أين ما أوصيتك به ويلك؟
قال: والله ما هممتُ بالأمر إلا دخلتَ بيني وبين الرجل، أفأضربك بالسيف؟
وخرجوا راجعين إلى بلادهم.

فبعث الله الطاعون على عامر في طريقه فقتله الله، وأرسل على أَرْبد صاعقةً فأحرقته.
عن عامر بن الطفيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرَشه وسادة وقال: «أَسْلِمْ يَا عَامِرُ» .
قال: على أن لي الوَبر ولك المدَر. فأبَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. وقام عامر مغضباً وقال: والله لأملأنّها عليك خيلاً جُرْداً، ورجالاً مُرْداً، ولأربَطنّ بكل نخلة فرساً.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نَفْسِي بِيَدِه لَوْ أسْلَمَ وأسْلَمَتْ بَنُو عَامِرٍ لَزَاحَمَتْ قُرَيْشاً عَلَى مَنَابِرِهَا» .
ثم دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال: «يَا قَوْمُ آمِنُوا» ثم قال: «اللهُمَّ اهْدِ بَنِي عَامِرٍ، واشْغَلْ عَنِّي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ بِمَا شِئْتَ وأنَّى شِئْتَ» .
فخرج فأخذتْه غُدْةٌ مثل غدة البعير، ومات في بيت امرأة سَلُولية، فقال: يا موت ابْرز لي، وأقبل يشتدُّ ويَنْزو إلى السماء ويقول: غُدةً كغدة البعير، وموتاً في بيت سَلُولية

الباب العاشر
في (ذكر) وفد عبد القيس
عن ابن عباس قال: إن وفد عبد القيس لمّا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالإيمان بالله ثم قال: «أتَدْرُوَن مَا الإيْمَانُ بِالله؟»
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «شَهَادَةُ أنْ لاَ اله إلاَّ اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وإقَامُ الصَّلاَةِ، وإيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وأنْ تُعْطُوا الخُمْسَ من المَغْنَمِ» .
أخرجاه.

الباب الحادي عشر
في (ذكر) وفد بني حنيفة

قال ابن إسحاق: حدثني بعض علمائنا: أن بني حنيفة أتو بمسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترونه بالثياب، فأقرَّ له بالنبوة، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عَسِيب من النخل فكلّم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وسأله فقال: «لو سَأَلْتَنِي هَذا العَسِيْبَ ما أعْطَيْتُكَ» .
فلما رجعوا إلى اليمامة ارتدَّ مسيلمة.
وقد قدم وفدُ بني أسد، ووفد كِلاَب، ووفد الداريين، ووفد بني البكَّاء، ووفد طيء، ووفد سُلامان، ووفد زبيد، ووفد عبْس، ووفد خَولان.
وقد ذكر محمد بن سعد في «الطبقات» سبعين وفداً، فلم نُطل ذكرهم وإنما ذكرنا من له حديث مُسْتطرَف.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم عليه الوفد لبس أحسنَ ثيابه.
أبواب ما جرى بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع

الباب الأول
في استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل البقيع
قد روينا من حديث أبي مُوَيْهِبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فاستغفر لأهل البقيع في المحرّم مَرْجِعَه من حجته.
عن أبي مُوَيهبة مولَى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال: «يَا أبَا مُوَيْهِبَةَ، إنِّي قَدْ أُمِرْتُ أنْ أسْتَغْفِرَ لأَهْلِ البَقِيْعِ، فانْطَلِقْ مَعِي» .
فانطلقت معه، فلما وقف بين أظهرهم قال: «السَّلاَمُ عَلَيْكُم يَا أهْلَ المَقَابِرِ، ليَهْنَ لَكُم مَا أصْبَحْتُم فِيه مِمَّا أصْبَحَ النَّاسُ فِيه، لو تَعْلَمُونَ مَا نَجَّاكُم اللَّهُ مِنه، أقْبَلَت الفِتَنُ كِقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرُهَا أوَّلَهَا، الآخِرَةُ شَرٌّ مِن الأوْلَى» .

قال: ثم أقبل على أبي مُويهبة فقال: «يَا أبَا مُوَيْهِبَةَ، إنِّي قَدْ أُوتِيْتُ مَفَاتِيْحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا والخُلْدَ فِيْها ثُمَّ الجَنَّةَ، وخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وبَيْنَ لِقَاءِ ربِّي والجَنَّةَ» .
قال فقلت: بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح الدنيا والخلْد فيها ثم الجنة. قال: «يَا أبَا موَيْهِبَةَ، لَقَدْ اخْتَرْتُ لِقَاءَ ربِّي والجَنَّةَ» . ثم استغفر لأهل البقيع.
ثم انصرف. فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبضه الله فيه حين أصبح.
عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلَّي على أهل البقيع، فصلّى عليهم في ليلةٍ ثلاثُ مراتٍ، فلما كانت الليلة الثالثة قال: «يَا أبَا مُوْيِهبَةَ، أسْرُجْ لِي دَابَّتِي» . حتى انتهى إليهم، فنزل عن دابته وأمسكتُ الدابة، ووقف عليهم أو قام ثم قال: «ليَهْنَكُم مَا أنْتُم فِيه مِمَّا فِيه النَّاسُ، أَتَتْ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِم يَرْكَبُ بَعْضُها بَعْضًا، الآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الأولَى، فَلْيَهْنَكُم مَا أنْتُم فِيه» .
ثم رجع فقال: «يَا أَبا مُوَيْهِبَةَ، أنِّي قَدْ أُعْطِيْتُ أو خُيِّرْتُ. مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي والجَنَّةَ، أو لِقَاءَ رَبِّي» .
قال: قلت: يا رسول الله، فاختر.
قال: «اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي» .
فما لبث بعد ذلك إلا سبعاً أو ثمانياً ثم قُبض صلى الله عليه وسلم.

الباب الثاني
في تأميره صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد
قال أهل السِّير: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسامة فقال: سِرْ إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل. فعسكر بالْجُرُف وخرج في عسكره أبو بكر وعمر وسعد وسعيد وأبو عبيدة، فتكلم قومٌ وقالوا: يستعمل هذا الغلامَ على المهاجرين الأولين؟

فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، فخرج وقد عصب رأسه بعصابة، فصعد المنبر وقال: «أمَّا بَعْدُ، فَمَا مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُم فِي تَأْمِيْرِي أُسَامَةَ، ولَئِن طَعَنْتُم فِي تَأْمِيْرِي أُسَامَةَ لَقَدْ طَعَنْتُم في تَأْمِيْرِي أبَاه مِن قَبْلِه، وأيْمُ الله إنْ كانَ للإمَارَةِ خليقًا، وإنَّ ابْنَه مِن بَعْدِه لخَلِيْقٌ للإمَارَةِ» .
واشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه.

الباب الثالث
في مجيء الخبر بظهور مسيلمة
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نبي، وقال: إني أُشْرِكتُ معه.
فلما رجع إلى بلدِه كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: سلامٌ عليك، أما بعد، فإني أُشركْتُ في الأمر معك، وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشاً قوم يعتدون.
فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِن مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلى مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ، أمَّا بَعْدُ فَإنَّ الأرْضَ ضِ يُورِثُها مَنْ يَشَاءُ مِن عِبَادِه» .

الباب الرابع
في ظهور الأسود العنسي
كان الأسود يُشَعبذ، وكان أول خروجه بعد حج رسول الله، فكاتبته مذحج وواعدوه نجران، وأخرجوا عمرو بن حزم، وخالد بن سعيد، ثم قوي أمره بمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ودانت له سواحل واتَّقَاه المسلمون، ثم قتله فيروز، فأخبر رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أنَا نَائِمٌ أُتِيْتُ بَخَزَائِنِ الأرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي، ورَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَينِ مِن ذَهَبٍ، فكَبُرَا عَلَيَّ وأهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فأُوحِيَ إليَّ أن أنْفُخْهُمَا فَطَارا، فَأَوَّلْتُهُمَا الكَذَّابَيْنِ الذيْنِ أنَا بَيْنَهُمَا: صَاحِبُ صَنْعَاءَ وصَاحِبُ اليَمَامَةِ» .

الباب الخامس
في ظهور طليحة بن خوليد بعد الأسود ومسيلمة
فادعى النبوة وتبعه. جماعة، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله الموادعة، ثم تناقض أمره، ثم أسلم وقاتل في نهاوَنْد فقُتل.
أبواب مرضه ووفاته صلى الله عليه وسلم

الباب الأول
في أنه سم صلى الله عليه وسلم
عن أنس بن مالك قال: إن يهوديةً جعلت سمًّا في لحم وأتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل منه وقال: «إنَّها جَعَلَتْ فِيه سُمًّا» .
قالوا: يا رسول الله، ألا نقتلها؟
قال: «لا» .
فجعلت أعرف ذلك في لَهَوَات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجاه.
عن أبي هريرة: أن امرأة من اليهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاةً مسمومة، فقال لأصحابه: «أمْسِكُوا فإنَّها مَسْمُومَةً» . ثم قال: «ما حَمَلَكِ عَلَى ما صَنَعْتِ؟» .
قالت: أردت أن أعلم إن كنت نبيًّا فيسطلعك الله على (ذلك)، وإن كنت كاذباً أريح الناس منك.
عن أبي سلمة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة، فأهدت له امرأةٌ من يهود خيبر شاةً مَصْلية، فتناول منها وتناول بِشْرُ بن البراء، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟» .
فقالت: إن كنت نبيًّا لم يضرك شيء، وإن كنت ملكاً أَرَحْتُ الناس منك.

فقال في مرضه: «مَا زَالَت الأَكْلَةُ التي أكَلْتُ بِخَيْبَرَ تُعَادُّني، فَهَذا أوَانُ انْقِطَاع أَبْهَري» .
عن جابر بن عبدالله قال: إن يهودية من أهل خيبر سَمَّت شاة مَصْلية، ثم أهدتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الذراع فأكل منها، وأكل الرهطُ من أصحابه معه، ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «ارْفَعُوا أيْدِيْكُم» . وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليهودية فدعاها فقال لها: «أسَمَمْتِ هَذِه الشَّاةَ؟»
قالت: نعم، ومَنْ أخبرك؟
قال: «أخْبَرَتْنِي هَذِه» . وفي يده الذراع.
قالت: نعم.
قال: «فَمَاذا أرَدْتِ إلَى ذَلِك؟»
قالت: قلت إن كان نبيًّا لم تضره، وإن لم يكن استرحنا منك.
فعفا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبها.
وتوفي بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين أكلوا من الشاة، واحتجم النبي صلى الله عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة، حجمه أبو هند مولى بني بَيَاضة بالقَرْن والشَّفرة.
قال المصنف: اسمُ هذه المرأة التي سَمَّته: زينب بنت الحارث امرأة سلاَّم بن مِشكم.
قال محمد بن سعد: والثابت عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قتلها.

الباب الثاني
في تقريب أجله صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس قال: لما نزلت {س48ش1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }
(الفتح: 1)
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال: «إنِّي قَدْ نُعِيْتُ إلى نَفْسِي» . فبكت فاطمة، فقال: «لا تَبْكي فإنَّكِ أوَّلَ أهْلِي بِي لَحُوقاً» . فضحكت.

الباب الثالث
في عرضه القرآن على جبريل قبل وفاته صلى الله عليه وسلم
عن عبدالله بن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل في كل رمضان، فلما كان في الشهر الذي مات فيه عرضه عليه مرتين».

الباب الرابع
في ابتداء المرض به صلى الله عليه وسلم
ابتدأ به صُداع في أواخر صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة.
قال الواقدي: لليلتين بَقَيتا منه. وقال غيره: لليلة. وقيل: بل مُفْتتح ربيع (الأول).
قالت عائشة: بداية شكواه وهو في بيت ميمونة، فخرج في يومه فدخل عليَّ فقلت: وارأساه.
قال: «بَلْ أنَا وَارَأْسَاه» .
ثم رجع إلى بيت ميمونة واشتد وجعه، فاستأذن نساءه أن يمرَّض في بيت عائشة، فأذِنَّ له، فخرج إلى بيتها تخطُّ رجلاه.
عن عائشة قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة من البقيع فوجدني وإذا أجد صداعاً وأقول: وارأساه.
قال: «ومَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وكَفَّنْتُكِ وصَلَّيْتُ عَلَيْكِ ودَفَنْتُكِ» .
فقلت: لكأني بك والله، لو فعلت ذلك لرجعتَ إلى بيتي فعرَّست فيه بعض نسائك
قالت: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدأ به وجعه الذي مات فيه.
عن عائشة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه: «أينَ أنا غَداً، أينَ أنا غَداً؟» يريد يوم عائشة. فأذنَ له أزواجه أن يكون حيث شاء. فكان في بيت عائشة حتى مات صلى الله عليه وسلم عندها.

الباب الخامس
في سؤال أبي بكر أن يمرضه صلى الله عليه وسلم
عن ابن سالم قال: جاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إئذن لي فأمّرضك فأكون الذي أقوم عليك.
فقال: «يَا أبَا بَكْرٍ، إنِّي لَمْ أُحَمِّل أزْوَاجِي وبَنَاتِي عِلاَجِي إنْ زَادَتْ مُصِيْبَتِي عَلَيْهِم عُظمًا، وقَدْ وَقَعَ أجْرُكَ عَلَى الله تَعَالَى» .

الباب السادس
في أنه كان يدور على بيوت أزواجه في مرضه صلى الله عليه وسلم
عن جعفر بن محمد، عن أبيه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يْحْمَل في ثوبه يطاف به على نسائه وهو مريض يقسم بينهن».

الباب السابع
في ذكر اشتداد الوجع عليه صلى الله عليه وسلم
قالت عائشة: جعل يشتكي ويتقلَّب على فراشه، فقلت له: لو فعل هذا بعضُنا وَجَدْتَ عليه.
قال: «إنَّ المُؤْمِنِينَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِم» .
عن عبدالله قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعَك، فمسَسْته فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكاً شديداً.
قال: «أجَلْ إنِّي أوْعَكُ كَمَا يُوعَكَ رجُلاَنِ مِنْكُم» .
قلت: إن لك أجرين.
قال: «نَعَمْ، والذي نَفْسِي بِيَدِه مَا عَلى الأرْضِ مُسْلِمٌ يُصِيْبُه أذًى مِن مَرَضٍ فَمَا سِوَاه إلاَّ حَطَّ اللَّهُ عَنه خَطَايَاه مَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَها» .
أخرجاه.
عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً أشدَّ عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن أبي سعيد الخدري قال: جئنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فإذا عليه صالِبٌ من الحمَّى، ما تكاد يَدُ أحدنا تَقَرُّ عليه من شدة الحُمَّى، فجعلنا نسبّح، فقال: «ليْسَ أحَدٌ أشَدَّ بَلاَءً مِنَ الأنْبِيَاءِ، كَمَا يُشَدَّدُ عَلَيْنَا البَلاَءُ كذلكَ يُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ» .
فإن قيل: ما وجهُ تشديد البلاء على الأكابر؟
قال ابنُ عَقِيل: كان له فيهم جواهر مُوَدعة أحبَّ أن يُظْهرها ويجعلها حُججاً على المتخلِّفين عنه، صبراً على بلائه ورضًا بقضائه.
عن فاطمة عمة أبي عبيدة قالت: بَيْنا (نحن عند) رسول الله صلى الله عليه وسلم في نساءٍ نَعُوده، فإذا سِقَاء يَقْطر عليه من شدة ما يجد من الحمى، فقلنا: يا رسول الله، لو دعوتَ الله أن يكشف عنك؟
فقال: «إنّ أشَدَّ النَّاسِ بَلاَءً الأنْبِيَاءُ ثُمَّ الأمْثَلُ فالأمْثَلُ» .
عن عائشة أنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء، فيُدْخل يده في القدح ثم يمسح به وجهه ويقول: «اللهُمَّ أعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ المَوْتِ» .

عن عائشة أيضاً قالت: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء، فيُدْخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ويقول: «اللهُمَّ أعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ المَوْتِ» .
عن عائشة قالت: لا أغبط أحداً يُهَّون عليه الموت بعدَ الذي رأيتُ من شدة موتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن أنس قال: لما وجد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من كَرْب الموت ما وجد قالت فاطمة: واكَرْباه لِكَربك يا أبتاه.

قال: «لا كَرْبَ عَلَى أبيْكِ بَعْدَ اليَوْمَ، إنَّه قَدْ حَضَرَ مِن أَبِيْكِ مَا لَيْسَ بِتَارِكٍ مِنه أحَدًا إلا وَفَّاه يَوْمَ القِيَامَةِ» .

الباب الثامن
في أمره أن يصب عليه الماء لتقوى نفسُه فيَعْهد إلى الناس صلى الله عليه وسلم
عن عائشة قالت: لمَّا ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتدَّ وجعه قال: «هَرِيْقُوا عليَّ مِن سَبْعِ قِرَبٍ لم تُخْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لعَلِّي أعْهَدُ إلى النَّاسِ» .
فأجلسناهُ في مِخْضب لحفصة، ثم ظفقنا نَصُبُّ عليه حتى جعل يشير إلينا: أن قد فعلتنّ. ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم.
عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه: «صُبُّوا عَلَيَّ سَبْعَ قِرَبٍ مِن سَبْعِ آبارٍ شَتَّى حتَّى أخْرُجَ إلى النَّاسِ فأعْهَد إليْهِم» .

قالت: فأقعدناه في مِخْضَب لحفصة، فَصَببْنا عليه الماء صبًّا أو سَنَنَّا عليه الماء سَنًّا ـ الشك من قِبَل ابن إسحاق ـ فوجد راحة فخرج وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه واستغفر للشهداء من أصحاب أُحد ودعا لهم، ثم قال: «أمَّا بَعْدُ، فإنَّ الأنْصَارَ عَيْبَتي التي أوَيْتُ إلَيْهَا، فأكْرِمُوا كَرِيْمَهُم، وتَجَاوَزُوا عن مُسِيْئِهِم إلاَّ في حَدِّ، ألاّ إنَّ عَبْداً مِن عِبَاد الله قَدْ خُيِّرَ بينَ الدُّنيا وبَين مَا عِنْدَ الله، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ الله» .
فبكى أبو بكر وظن أنه يعني نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَلَى رِسْلِكَ يَا أبَا بَكْرٍ، سُدُّوا هذه الأبْوَابَ الشَّوَارِعَ إلى المَسْجِدِ إلاَّ بَابَ أبي بَكْرٍ، فإنِّي لاَ أعْلَمُ امْرَءًا أفْضَلَ عِنْدِي غَدًا في الصُّحْبَةِ مِن أبِي بَكْرٍ» .

الباب التاسع
فيما يروى أنه اقتص من نفسه صلى الله عليه وسلم
عن الفضل بن عباس قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إليه فوجدته مُوعكاً قد عصب رأسه، فقال: «خُذْ بِيَدِي» . فأخذت بيده، فانطلق حتى جلس على المنبر ثم قال: «نادِ في النَّاسِ» .

فلما اجتمعوا حمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أمَّا بَعْدُ، أيُّهَا النَّاسُ، إنَّه قَدْ دَنَا مِنِّي خُلُوفٌ مِن بَينِ أظْهُرِكُم، فمَنْ كُنْتُ جَلْدتُ لَه ظَهْراً فَهَذا ظَهْرِي فلْيَسْتَقِدْ مِنه، ومَنْ كُنْتُ أخَذْتُ له مَالاً فَهذا مَالِي، ومَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَه عِرْضاً (فهذا عرضي) فليَسْتَقِدْ، ولا يَقُولَنَّ أحَدٌ: إنِّي أخْشَى الشَّحْنَاء مِن رَسُولِ الله، ألاَ وإنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِن طَبِيْعَتِي ولاَ مِن شَأْنِي، ألاَ وإنَّ أحَبَّكُم إليَّ مَن أخَذَ شَيْئاً كَانَ لَه أو حَلَّلَنِي فَلَقِيْتُ اللَّهَ وأنَا طَيِّبَ النَّفْس، وإنِّي أرَى أنَّ هَذا غَيْرَ مُغْنِ حتَّى أقُوْمَ فِيْكُم مِرَاراً» .
ثم نزل فصلى الظهر، ثم جلس على المنبر، فعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها فقام رجل فقال: إذن والله لي عندك ثلاثة دراهم.
قال: «يَا فَضْلُ أعْطِه» .
ثم قال: «أيُّهَا النَّاسُ، مَن كَانَ عَلَيْه شَيءٌ فَلْيُؤَدِّه، ولا يَقُولَنَّ رَجُلٌ: فُضُوحُ الدُّنيا، فإنَّ فَضُوحَ الدُّنيا أهْوَنُ مِن فُضُوحِ الآخَرَةِ» .
فقام رجل فقال: يا رسول الله، عندي ثلاثة دراهم غَلَلْتها في سبيل الله.
قال: «فَلِمَ غَلَلْتَها؟»
قال: كنت محتاجاً إليها.
قال: «خُذْهَا مِنْه يَا فَضْل» .
عن عبدالله بن أبي بكر قال: زحمتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يومَ خيبر وفي رجلي نعلٍ كثيفة، فوطئتُ بها على رِجْل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفَحني نفحةً بسوطٍ في يده وقال: «بِسْمِ الله، أوْجَعْتَنِي» .
قال: فبتُّ لنفسي لائماً أقول: أوجعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فبتُّ بليلةٍ كما يعلم الله.
فلما أصبحوا إذا رجل يقول: أين فلان؟

قلت: هذا والله الذي كان مني بالأمس. فانطلقتُ وأنا متخوِّف، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّكَ وَطِئتَ بِنَعْلِكَ عَلَى رِجْلِي بالأمْسِ وأوْجَعْتَنِي فَنَفَخْتُكَ نَفْحَةً شَديْدَةً بالسُّوطِ، فَهذه ثَمَانُونَ رَأساً مِن الغَنَمِ فَخُذْها بِها» .
عن ابن عمر قال: رغَّب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد ذات يوم، فاجتمعوا عليه حتى غمُّوه وفي يده جريدة قد نزع سِلاها وبقيت سلاةٌ لم نرها، فقال: «أخِّرُوا عنِّي هَذا فَقَدْ غَمَمْتُونِي» .

فأصاب النبيُّ صلى الله عليه وسلم بطنَ رجل فأدْمَاه، فخرج الرجل وهو يقول: هذا فِعْل نبيِّك بي.
فسمعه عمر، فأتى به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أحقًّا أَنا أصَبْتُك؟» .
قال: نعم.
قال: «فَمَا تُرِيْدُ؟» .
قال: أريد أن أَسْتَقيد منك.
فأمْكَنه من الجريدة، فكشف عن بطنه، فألقى الجريدةَ من يده وقبَّل سُرَّته وقال: هذا أردتُ كَيْما يَنْقمع الجبَّارون مِن بعدك
عن أبي سعيد الخدري قال: كان رجل من المهاجرين، وكان ضعيفاً وكانت له حاجةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يَلْقاه على خَلاء فيسأل حاجته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معسكراً بالبطحاء، وكان يجيء من الليل فيطوف بالبيت، حتى إذا كان وجهُ السَّحر صلّى به صلاة الغداة.
قال: فحبسه الطوافُ ذات ليلة حتى أصبح، فلما استوى على راحلته عَرض له الرجل فأخذ بخطام ناقته، فقال: يَا رسول الله، لي إليك حاجة.
قال: «إنَّكَ سَتُدْرِكُ حَاجَتَكَ» . فأبى، فلما خشي أن يحبسه خَفَقة بالسوط، ثم مضى فصلّى بهم صلاة الغداة.

فلما انفتل أقبلَ بوجهه على القوم، وكان إذا فعل ذلك عرفوا أنه قد حدث أمر، فاجتمعوا حوله فقال: «أينَ الذي جَلَدْتُ آنِفاً؟» فأعادها. إنْ كان في القوم فليقم. قال: فجعل الرجل يقول: أعوذ بالله ثم برسله وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ادْنُه، ادْنُه» . حتى دنا منه، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه وناوله السوطَ وقال: «خذ بمَجْلَدِكَ فَاقْتَصَّ» .
فقال: أعوذ بالله أن أجْلَد نبيَّه
قال: «إلاَّ أنْ تَعْفُو» . قال: فألقى السوطَ وقال: قد عفوتُ يا رسول الله.
فقام إليه أبو ذَر فقال: يا رسول الله، تَذْكر ليلةَ العقبة، وقد كنت أسوق بك وأنت نائم، وكنت إذا سُقْتها أبطأتْ، وإذا أخذتُ بخطامها اعترضَتْ، فخفَقْتُك خَفْقةً بالسوط وقلتُ: قد أتاك القومُ. وقلتَ: لا بأس عليك. خذ يا رسول الله فاقتصَّ. قال: «قَدْ عَفَوْتُ» . قال: اقتصَّ فإنه أحبُّ إليّ. فجلَده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد رأيته يتضوِّر من جَلْد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: «يَا أيُّها النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَالله لا يَظْلِمُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِناً إلا انْتَقَمَ اللَّهُ مِنه يَوْمَ القِيَامَةِ» .
عن محمد بن عمر قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير من الطائف إلى الجِعْرانة وأبو زُنَيم إلى جنبه على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو زُنَيم: فوقع حرفُ نعلي على ساقه فأوجعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوْجَعْتَنِي أخِّرْ رِجْلَكَ» وقَرع رجلي بالسوط فأخَّرني ما قدَّم وما أخَّر، وخشيت أن ينزل فيَّ قرآنٌ لَعظيم ما صنعت.

فلما أصبحنا بالجِعْرانة خرجت أرعى الظَّهر، وما هو يومي، فرَقاً أن يأتي للنبيَّ صلى الله عليه وسلم رسولٌ يطلبني. فلما روَّحت الركاب سألت فقالوا: طلبك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجئت وأنا أرتقب فقال: «إنَّك أوْجَعْتَنِي بِرِجْلِكَ فَقَرَعْتُكَ بِالسُّوطِ فأوْجَعْتُكَ، فَخُذْ هَذه الغَنَمَ عِوَضًا عَن ضَرْبَتِي» .
قال: فَرِضَاه عني كان أحبَّ إليَّ من الدنيا وما فيها.
قال: وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومه يَسْتنفِرهم لما أراد تبوكاً.

الباب العاشر
في مدة مرضه وأمره صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلِّي بالناس
كانت مدة مرضه إثني عشر يوماً. وقيل: أربعة عشر يوماً، وكان يخرج إلى الصلاة. إلا أنه انقطع ثلاثة أيام، وقال: «مُرُوا أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» .
عن عائشة قالت: لما ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه بلال يوءْذنه بالصلاة، فقال: «مُرُوا أبا بَكْرٍ فلْيُصَلِّ بالنَّاسِ» .
قالت: فقلت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجلٌ أَسِيفٌ وإنه متى يقوم مَقامك لا يُسمع الناسَ، فلو أمرتَ عمر؟
قال: «مُرُوا أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ» .
قالت: فقلت لحفصة: قولي له. فقالت له حفصة: يا رسول الله، إن أبا بكر رجلٌ أَسِيف، وإنه متى يقوم مقامك لا يُسمع الناس، فلو أمرت عمر؟
قال: «إنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ» .

قالت: فأمروا أبا بكر فصلى بالناس، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خِفَّةً لمّا دخل أبو بكر في الصلاة، فقام يُهَادَى بين رَجُلين ورِجْلاه تخطْان في الأرض حتى دخل المسجد، (فلما سمع) أبو بكر حسه ذهب ليتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قم كما أنت. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً وأبو بكر قائماً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناسُ يقتدون بصلاة أبي بكر.
أخرجاه.
عن أنس بن مالك: أن أبا بكر كان يصلّي بهم في وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف النبيُّ صلى الله عليه وسلم سِتر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسَّم، فهمَمْنا أن نَفْتتن من الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم، فنكص أبو بكر عَقِيبه ليَصلَ الصفَّ، وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إلى الصلاة، فأشار إليهم أن أتمُّوا صَلاتكم. وأرخَى الستر وتوفي من يومه صلى الله عليه وسلم.

الباب الحادي عشر
في كونه صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب لأبي بكر كتاباً ثم لم يكتب
عن عائشة قالت: لمّا ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: «اِيتِنِي بِكَتِفٍ أوْ لَوْحٍ حتَّى أكْتُبَ لأَبِي بَكْرٍ كِتَاباً لاَ يُخْتَلَفُ عَلَيه» .
فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال: يأبى الله والمؤمنون أن يُخْتلف عليك يا أبا بكر.
وقد روي أنه أراد أن يكتب كتاباً ولم يذكر أبا بكر.
عن عبدالله بن عباس قال: لمّا حضرت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الوفاةُ قال: «هَلُمَّ أكْتُبُ لَكُم كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَه» .

وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطاب، فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتدَّ عليه الوجعُ، وعندكم القرآن، حَسْبُنا كتابُ الله. فاختلف أهلُ البيت واختصموا، منهم مَنْ يقول: يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم مَنْ قال مثلَ ما قال عمر.
فلما أكثَروا اللغط والاختلافَ وغَمُّوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: قوموا عني.
وكان ابن عباس يقول: إن الرزيَّة كلّ الرَّزِيَّة ما حالَ بينَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبَيْنَ أن يكتب لهم ذلك الكتاب في اختلافهم ولغطهم.

البابُ الثاني عشر
في ذكر إخراجه شيئاً من المال كان عنده صلى الله عليه وسلم
عن سهل بن سعد قال: كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة دنانير وضعها عند عائشة، فلما كان في مرضه قال: «يَا عَائِشَةُ، ابْعَثِي الذَّهَبَ الذي (عِنْدَكِ إلى) عَلِيَ» .
ثم أغمي عليه. وشغلَ عائشةَ ما به، فبعثت به إلى عليّ فتصدَّق به، ثم أمسَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الاثنين في جديد الموت، فأرسلت عائشة إلى امرأة من النساء بمصباحها فقالت: اقطري لنا في مصباحي من عُكَّتك السمن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسَى جديداً.
عن المطلب بن حَنْطَب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وهي مُسْندتُه إلى صدرها: «يَا عَائِشَةُ، مَا فَعَلَتْ تِلْكَ الذُّهَيْبَةُ؟» .
قالت: هي عندي.
قال: «أنْفِقِيْهَا» .
ثم أغمي عليه، فلما أفاق قال: «هَلْ أنْفَقْتِ تِلْكَ الذُّهَيْبَةِ؟» .
قالت: لا. فدعا بها فوضعها في كفه ثم عدَّها، فإذا هي ستة ثم قال: «مَا ظَنُّ مُحَمَّدٍ بِرَبِّه أنْ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وهَذِه عِنْدَه»
فأنفقها كلها ومات في ذلك اليوم صلى الله عليه وسلم.

الباب الثالِث عشر
في عتقه عبيده عند الموت صلى الله عليه وسلم

عن سهل بن يوسف، عن أبيه، عن جده، قال: أعتق النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه أربعين نفساً.

البَابُ الرّابع عشر
في إعلامه ابنته فاطمة بموته صلى الله عليه وسلم
عن عائشة قالت: أقبلت فاطمةُ عليها السلام تمشي كأن مشيتها مِشْيةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «مَرْحَباً يَا بِنْتِي» . ثم أجْلَسها، ثم إنه أسرَّ إليها حديثاً فبكت، فقلت لها: «استخصَّك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه ثم تبكين».
ثم إنه أسرَّ إليها حديثاً فضحكت، فقلت: ما رأيتُ كاليوم فرحاً أقرب من حزن فسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سِرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى (إذا) قُبض سألتها، فقالت: إنه أسرَّ إليَّ فقال: «إنَّ جِبْرِيْلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بالقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً وإنَّه عَارَضَنِي مَرَّتَينِ ولاَ أرَاهُ إلاَّ قَدْ حَضَرَ أَجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتِي لُحُوقاً بِي وَنِعْمَ السَّلفُ أَنا لَكِ» فبكيت لذلك. ثم قال: «ألا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدةَ نِسَاءِ هَذه الأَمَّةِ أو نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ؟» .
قالت: فضحكتُ لذلك.
أخرجاه في الصحيحين.

البَابُ الخامس عشر
في استعماله السواك قبل موته صلى الله عليه وسلم

عن عائشة أنها كانت تقول: مِن نِعَم الله عليَّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سَحري ونَحْرَي، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، دخل عليَّ عبدُ الرحمن وبيده سواك وإني مُسْندته إلى صدري، فرأيته ينظر فعرفتُ أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: أي نعم. فليَّنْته فأحذه فأمرَّه، وبين يديه رَكْوة أو علبة يشك عمرو، فيها ماء فجعل يُدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: «لاَ اله إلاَّ اللَّهُ، إنَّ لِلمَوْتِ سَكَرَاتٌ» ثم نَصب يده فجعل يقول: «في الرَّفِيْقِ الأعْلَى» . حتى قُبض ومالت يده صلى الله عليه وسلم.

البَابُ السّادس عشر
في أنه خيَّر بين البقاء والموت صلى الله عليه وسلم
عن بشر بن سعيد قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناسَ فقال: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ خَيَّرَ عَبْداً بينَ الدُّنيا وبينَ ما عِنْدَ الله فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ الله» .
فبكى أبو بكر، فعجبنا من بكائه أن أَخْبَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خُيِّر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المخيَّر وكان أبو بكر أَعْلمنا به.
عن عائشة قالت: «كنت أسمع أن لا يموت نبيٌّ حتى يخيَّر بين الدنيا والآخرة. قالت: فأصابت رسول الله صلى الله عليه وسلم بُحَّةٌ شديدة في مرضه، فسمعته يقول: {س4ش69وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَائِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَآءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقاً }
(النساء: 69)
فعلمت أنه خُيِّر».

الباب السّابع عشر
في جمعه أصحابه وإيصائهم صلى الله عليه وسلم

عن ابن مسعود قال: نعى لنا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر، بأبي هو وأمي ونفسي له الفِداء، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة، فقال: «مَرْحَباً بِكُمْ، حَيَّاكُم اللَّهُ، رَفَعَكُم اللَّهُ، حَفِظَكُم اللَّهُ، جَبَرَكُم اللَّهُ، رَزَقَكَم اللَّهُ، نَفَعَكُم اللَّهُ، آوَاكُم اللَّهُ، وقَاكُم اللَّهُ» .
«أوْصِيْكُم بِتَقْوَى الله وأُوْصِي اللَّهَ بِكُم وأسْتَخْلِفُه عَلَيْكُم، وأُحَذِّرُكُم إنِّي لَكُم مِنْه نَذِيرٌ مُبِيْنٌ أنْ لا تَعْلُوا عَلَى الله في عِبَادِه وبِلاَدِه، فإنَّه قَالَ لِي ولَكُم: {س28ش83تِلْكَ الدَّارُ الأٌّخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الأٌّرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }القصص: 83)
وقال: {س39ش31ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ }
(الزمر: 31)
قلنا: يا رسول الله، متى أجَلُك؟
قال: «دنَا الفِرَاقُ والمُنْقَلَبُ إلى الله وإلى جَنَّةِ المَأْوَى وإلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى وإلى الرَّفِيْقِ الأعْلَى والكأسِ الأَوْفَى والحَظِّ والعَيْشِ الأهْنَى» .
قلنا: يا رسول الله، مَنْ يغسلك؟
قال: «رِجَالُ أهْلِ بَيْتِي، الأدْنَى فَالأَدْنَى» .
قلنا: يا رسول الله، فيم نكفّنك؟
قال: «فِي ثِيَابِي هَذه إنْ شِئْتُم، أو ثِيَابِ مِضرَ، أوْ فِي حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ» .
قلنا: يا رسول الله، مَنْ يصلِّي عليك؟

فبكى وبك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العشرون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العاشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الحادى عشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى اشر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قرية اخطاب  :: اسلاميات-
انتقل الى: