منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى قرية اخطاب

ايد واحدة نبنى بلدنا
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول
أخــطـابُ يـا قـلعةً للنـورِ زاهـرةً فيك العفافُ ومنك الطهرُ والأدبُ لو لم أكن فيك يا أخطابُ مولودًا لبحثْتُ عنكِ كما أوصت بكِ الكتبُ الناسُ حيرى بعيدًا عنكِ يا أملى حــتى إذا مـا أتـوْكِ فـاتَهُـم تـَعَــبُ أهلُ الفضائلِ فى أنحائِك اجتهدوا كى يُسعدوا كــلّ مُـحتاجٍ لهُ طـلـبُ كلّ المكارمِ والأخلاقِ قد جـمعتْ مجدَ الفراعين حتى جاءكِ الـعـربُ دوماً أتيهُ عـلى مـرّ الـزمـانِ بكِ أفضالكِ الغرّ قدْ هامتْ بها السحبُ الشمسُ والنجمُ والأقمارُ ظلّ لها من أهـلـكِ الصـالحينَ دائماً نسـبُ أخـطـابُ أنتِ التى فى قلبنا أبـداً أنتِ التى فى شغافِ القلبِ تحتجبُ حبّ البـلادِ التى عاشتْ بداخـلِنا فرضٌ على من إلى الأخلاقِ ينتسبُ
المواضيع الأخيرة
» ارقى مناطق التجمع الخامس بمنطقة اللوتس الجنوبية
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالثلاثاء مايو 06, 2014 11:10 pm من طرف رحاب صلاح

» شراء شات صوتي و يدعم ايضا الكاميرات-شراء دردشة صوتيه-شراء دردشة كامات
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:19 am من طرف رحاب صلاح

» هل موقعك الالكتروني يتوقف دائما؟ هنا الحل www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:16 am من طرف رحاب صلاح

» معلومات تهمك عن التجمع الخامس
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:14 am من طرف رحاب صلاح

» استضافة لينوكس أو استضافة الويندوز : تعلم كيفية اختيار الاستضافة المناسبة لك
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:49 am من طرف رحاب صلاح

» منتج الدردشة الأفضل والأقوى في العالم تفضلوا بالدخول وقراءة هذا الموضوع
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:47 am من طرف رحاب صلاح

» اسعار التمليك والمفروش في المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:44 am من طرف رحاب صلاح

» احمي موقعك وزوارك من الهاكر وسمعة موقعك على محركات البحث www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:20 pm من طرف رحاب صلاح

» طريقة شراء 123 شات فلاش من أي مكان في العالم
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:19 pm من طرف رحاب صلاح

» افخم مناطق المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:17 pm من طرف رحاب صلاح

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 82 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 82 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 285 بتاريخ الخميس أكتوبر 10, 2024 3:31 pm
عداد الزوار
تصويت

 

 كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الرحمن حسن

عبد الرحمن حسن


عدد المساهمات : 56
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/03/2011

كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن   كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن Emptyالخميس يوليو 28, 2011 5:52 am

أمهات معجزاته
الباب الأول
في ذكر معجزه الأكبر وهو القرآن العزيز
لمَّا غلب السِّحْرُ في زمن موسى عليه السلام جاءهم بجنسه في معجزاته، ففَلَقَ البحر، وألقى العصا.
ولمَّا غلب الطبُّ في زمن عيسى عليه السلام جاءهم بجنسه، فأحيا الموتى، وأَبْرَأَ الأكمة.
ولمَّا غلبت الفصاحة، وقولْ الشعر، والنظم، والنثر في زمن نبينا صلى الله عليه وسلم جاءهم بالقرآن.
وهو مُعْجزٌ من أوجه:
أحدها: ما اشتمل عليه من الفصاحة والبلاغة في الإِيجاز والإِطالة. فتارةً يأتي بالقصة باللفظ الطويل، ثم يعيدها باللفظ الوجيز، فلا يُخلُّ بمقصود الأولى.
والثاني: مفارقته لأساليب الكلام وأوزان الأشعار.
وبهذين المعنَيَيْن تحدثت العرب، فعجزوا وتحيَّروا وأَقَرُّوا بفضله، حتى قال الوليد بن المغيرة: والله إن له لحلاوةً وإن عليه لطلاوة.
عن ابن عباس: أن الوليد بن المغيرة اجتمع هو ونفر من قريش، وكان ذا سنَ فيهم، وقد حضر الموسمُ، فقال: إن وفود العرب ستَقْدَم عليكم وقد سمعوا بصاحبكم هذا، فأَجْمِعُوا فيه رأياً، ولا تختلفوا فيكذِّب بعضكم بعضاً، ويردَّ قول بعضكم بعضاً.
قالوا: أنت فقُلْ وأقم لنا رأياً نقول به.
قال: بل أنتم فقولوا أسمع.
فقالوا: نقول: كاهن.
فقال: ما هو بكاهن، لقد رأيت الكهان، فما هو بزَمْزَمة الكاهن وسحره.
فقالوا: نقول مجنون.
فقال: ما هو بمجنون، ولقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تَخَالجه ولا وسوسته.
فقالوا: نقول شاعر.
قال: ما هو بشاعر، قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه، وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر.
قالوا: نقول ساحر.
قال: ما هو بساحر، قد رأينا السُّحّار وسحرهم، فما هو بنَفْثه ولا عَقْده.
قالوا: فما تقول يا أبا عبد شمس؟
قال: والله إن لقوله حلاوة، وإن أصله لمُغْدق وإن فرعه لمثمر، فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عُرف أنه باطل، وإن أقرب القول أن تقولوا ساحر. فقولوا هو ساحر يفرِّق بين المرء وزوجه وأخيه.
فتفرقوا عنه بذلك.
وكان النضر بن الحارث بن كَلْدة يقول: يا معشر قريش، لقد نزل بكم أمرٌ ما ابتُلِيتم بمثله، والله ما هو بساحر ولا كاهن ولا شاعر ولا مجنون.
ولما حضر عتبةُ بن ربيعة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه: {حم تَنزيلٌ من الرحمن الرحيم} إلى أن بلغ فقال: {س41ش13فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ }(فصلت: 13)

. فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرَّحِم أن يَكُفَّ، وقال لأصحابه: خِفْتُ أن يَنْزل بكم العذابُ.
قال المصنف رحمه الله: فلما تحيَّروا عند سماع القرآن وأدهشهم وسكتوا نودي عليهم بالعجز عن مماثلته، بقوله تعالى: { فَأتوا بسورةٍ مِنْ مثله} ، ثم قال: {س2ش24فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِى وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }
(البقرة: 24)
ومعلوم أن النفوس الأبيَّة إذا قُرعت بمثل هذا استفرغت الوُسْع.
فلما عَدَلوا إلى المحاربَة والقتال، ورضوا بسَبْي الذراري وأَخْذ الأموال، عُلم عَجْزهم، وهم معدن البلاغة والفصاحة، والقرآنُ من جنس كلامهم.
ولما أقدم مُقْدِمهم على معارضته نظر إلى السُّورَ القصار فعارضها، لأن تأليف الطوال تبين به الفصاحة الزائدة على الحد.
فعارض سورة الفيل فقال: الفيل وما أدراك ما الفيل، له ذنب وبيل وخرطوم طويل، وإن ذلك من خلق ربنا لقليل. وقال: يا ضفدع تأنيث ضفدعين نُقي كم تنقِّين، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين، لا الماء تكدِّرين ولا الشراب تمنعين. قال: ومن العجائب شاة سوداء تحلب لبناً أبيض.
فظهرت فضائحهم بمثل هذا، ولو سكتوا كان أصلح لهم.
وممن طُمِس على قلبه أبو العلاء المَعَرِّي، فإنه جمع كلاماً سماه: «الفصول والغايات» يعارض بزعمه السور والآيات، وقد رأيته فما رأيت أبردَ من ذلك الكلام ولا أسمجَ
وقد جعله على حروف المُعْجم في آخر كلماته، فمن حرف الألف: «كان النعال على عصى الطَّلح يعارضون الركائب في الهوادج والظلماء تستغفر لهم، فخَبَّ القمر وضياء الشمس، وهنيئاً لتاركي النُّوق طلائح في غيطان الفلاة يحوم عليها ابن داية، ويطيف بها السرحان، وسنان أوراك، ترد الألبان لبنها أقعد من الغطاء».
وكله من هذا الجنس البارد.
قال ابن عقيل: وحكى لي أبو محمد بن مسلم النحوي قال: كنا نتذاكر إعجازَ القرآن، وكان ثمَّ شيخ كبير الفضل، فقال: ما فيه يَعْجز الفضلاء عنه.
ثم ترقى إلى غرفة ومعه صحيفة ومحبرة، ووعد أنه سيناديهم بعد ثلاث أيام بما يَعْلمه مما يضاهي القرآن.
فلما انقضت الأيام الثلاثة، صعد واحد فوجده مستنداً يابساً وقد جفت يده على القلم.
قلت: وقد كان المرتضَى العَلَوي يقول بالصِّرْفة، وأن الله تعالى صرف العرب عن الإِتيان بمثله، لا أنهم عجزوا.

قال ابن عقيل: الصَّرْفُ عن الإِتيان بمثله دالٌّ على أن القدرة لهم حاصلة، فإن كان في الصَّرْف نوعُ إعجاز، إلا أن كونَ القرآن في نفسه ممتنعاً على الإِتيان بمثله لمعنىً نعود إليه أكبرُ في الدلالة وأعلَمُ لفضيلة القرآن.
وما قولُ مَنْ قال بالصِّرْفة إلا بمثابة مَنْ قال: إن عيون الناظرين إلى عصى موسى تخيَّل لهم أنها حية وثعبان، لا أنها في نفسها انقلبت.
قال: والتحدِّي للمصروف عن الشيء لا يَحْسُن، كما لا يُتَحدَّى العَجم بالعربية.
هذا قول ابن عقيل.
وأنا أقول: إنما يُصْرفون عن الشيء بتغيير طباعهم عند نزوله أن يقدروا على مثله.
فهل وجِد لأحد منهم قَبْل الصِّرْفة منذ وجد العرب كلامٌ يقاربه مع اعتمادهم الفصاحة؟
والثالث في معجز القرآن: ما تضمن من أخبار الأمم السالفة وسير الأنبياء التي عرفها أهل الكتب، مع كون الآتي بها أميًّا لا يكتب ولا يقرأ، ولا عُلِم بمجالسة الأحبار ولا الكهان، ومن كان من العرب يكتب ويقرأ ويجالس علماء الأحبار لم يُدْرِك ما أخبر به القرآن.
والرابع: إخباره عن الغيوب المستقبلَة الدالة على صدقه قطعاً لوقوعها على ما أخبر، كقوله: {فتمنَّوا الموت} ثم قال: {س2ش94/ش95قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الأٌّخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ }
(البقرة: 94، 95)
وقوله: {فَأْتُوا بسورة مثله} ثم قال: {س2ش23وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
(البقرة: 23)
فما فعلوا.
وقوله: {س3ش12قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ }(آل عمران: 12)

وغُلبوا:
وقوله: {س48ش27لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَآءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } }

(الفتح: 27)
ودخلوا.
وقوله في أبي لهب: {س111ش3سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ }
(المسد: 3)
وهذا دليل على أنهما يموتان على الكفر، وكذلك كان.
والخامس: أنه محفوظ من الاختلاف والتناقض.
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً. وقال تعالى: {س15ش9إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
(الحجر: 9)

قال ابن عقيل: حفظ جميعه وآياته وسوره التي لا يدخل عليها تبديل، من حيث عجز الخلائق عن مثلها، فكان القرآن حافظ نفسه، من حيث عجز الخلائق عن مثله.
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنَ الأنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيَ إلاَّ وقَدْ أُعْطِيَ مِنْ الآياتِ مَا آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وإنَّما كَانَ الذي أُوتِيْتُ وَحْياً أوْحَى اللَّهُ عزَّ وَجَلَّ إليَّ، فَأَرْجُوا أنْ أكُونَ أكْثَرُهُمْ تَابِعاً يَوْمَ القِيَامَةِ» .
قال أبو الوفا علي بن عقيل: إذا أردت أن تَعْلم أن القرآن ليس من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو مُلْقًى إليه، فانظر إلى كلامه كيف يمتاز عن القرآن، وتلمَّح ما بَيْن الكلامين والأسلوبين، ومعلوم أن كلام الإِنسان يتشابه وما للنبي صلى الله عليه وسلم كلمةٌ تُشَاكر نَمَط القرآن.
قال ابن عقيل: ومن إعجاز القرآن أنه لا يمكن أحداً أن يَسْتخرج منه آيةً قد أخذ معناها من كلام قد سبق، فإنه ما زال الناس يَكْشف بعضهم عن بعض فيقال: المتنبي أخذ من البحتري.
قال: وقد سئل علي بن عيسى فقيل له: لو كان هذا الكتاب العزيز يترجم ما الذي كان ينبغي (أن) يترجم به؟
فقال: كان ينبغي أن يترجَم بآية منه لا بشيء من كلامنا.
قالوا: وما هذه الآية التي يترجم بها؟
قال: قوله تعالى: {س14ش52هَاذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُو?اْ أَنَّمَا هُوَ اله وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }(إبراهيم: 52)
قال ابن عقيل: ما أصاب ابنُ عيسى عندي، لأنه إنما يترجم الكتاب تعريفاً لئلا يختلط كتاب بكتاب، فإذا كان هذا الكتاب ممتنع النظير سيوجد النظر في نفسه لا يختلط به غيره، فلماذا يترجم؟
ولو جاز أن يترجم كما تترجم الكتب مع تمييزه بإعجازه وعدم اختلاطه بغيره، وليُعْلم كلام من هو، وتأليف من هو، كعادة آيات الكتب جاز أن يُكتب على جبهة الحيوانات: كالفرس، والبعير، وعلى جبهة الآدمي: هذا صنعة الله

فلمَّا لم يحسن ذلك للعلة التي بيَّنتها بطل أن الترجمة سائغة.
وأنا لا أسوِّغ له ترجمة.
ولو وجدنا هذا المصحف العزيز ملقًى في بَرِّية، ما جاء به أحد، أخبرَنا بما فيه من الدليل أنه من عند الله.
فكيف وقد جاء به المعصوم مؤيداً بالمعجزات؟
قال المصنف رحمه الله: وقد استخرجت معنيين عجيبين:
أحدهما: أن معجزات الأنبياء ذهبت بموتهم، فلو قال ملحدٌ اليوم: أي دليل على صدق محمد وموسى؟
فقيل له: محمد شُقَّ له القمر، وموسى شق له البحر.
لقال: هذا محال.
فجعل الله سبحانه هذا القرآن معجزاً لمحمد صلى الله عليه وسلم يَبْقى أبداً، ليظهر دليلُ صِدْقه بعد وفاته، وجعلَه دليلاً على صدق الأنبياء، إذ هو مصدِّق لهم ومخبر حالهم.
والثاني: أنه أخبر أهلَ الكتاب بأن صفة محمد صلى الله عليه وسلم مكتوبة عندهم في التوراة والإِنجيل، وشهد لحاطب بالإِيمان، ولعائشة بالبراءة، وهذه شهاداتٌ على غيبٍ.
فلو لم يكن في التوراة والإِنجيل صفته كان ذلك منفِّراً لهم عن الإِيمان به، ولو علم حاطب وعائشة من أنفسهما خلافَ ما شهد لهما به نَفَرا عن الإِيمان.

الباب الثاني
في معجزه بشق القمر
قال ابن عباس: اجتمعت المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن كنت صادقاً فشُقَّ لنا القمر فرقتين.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فعلتُ تؤمنون؟» .
قالوا: نعم.
فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّه أن يعطيه ما قالوا.
فانشق القمر فرقتين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: «يَا فُلاَنُ، يَا فُلاَنُ اشْهَدُوا» .
وذلك بمكة قبل الهجرة.
قال مجاهد: انشق القمر، فوقعت فرقةٌ فوقَ الجبل، وذهبت فرقة من وراء الجبل.
وقال ابن زيد: لما انشق كان يُرى نصفه على قيعان، والنصف الآخر على أبي قبيس.
عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين حتى نظروا إليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشْهَدُوا» .
أخرجاه.
وفي لفظ: انشق القمر شقة فوق الجبل وشقة يسترها الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا» .
عن أنس بن مالك: أن أهل مكة سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراءَ بَيْنهما.
قال البخاري: عن ابن عباس: انشق القمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجاهما.
عن عبدالله قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوم: هذا سحرٌ سحرهم ابنُ أبي كبشة، فاسألوا الذين يَقْدمون عليكم، فإن كان مثل ما رأيتم فقد صدق، وإلا فهو سحر. فقدموا السُّفار فسألوهم فقالوا: نعم قد رأيناه، قد انشق القمر.
عن ابن عمر في قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْاْ ءَايَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُواْ وَاتَّبَعُو?اْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ الأٌّنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِى النُّذُرُ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِ إِلَى شَىْءٍ نُّكُرٍ * خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأٌّجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ * مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَاذَا يَوْمٌ عَسِرٌ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنُّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأٌّرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى المَآءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا ءايَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ * إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِى يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ * تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُو?اْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِى ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * أَءُلْقِىَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ * سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ
الأٌّشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُواْ النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ * فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ * إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ * وَلَقَد يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِى مَن شَكَرَ * وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِالنُّذُرِ * وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ * فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ * وَلَقَدْ جَآءَ ءَالَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ * أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَائِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِى الزُّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ * إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * وَكُلُّ شَىْءٍ فَعَلُوهُ فِى الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ * إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ }(القمر: 1)
قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين.

الباب الثالث
في إظهار معجزاته صلى الله عليه وسلم في تكثير الطعام
عن جابر بن عبدالله قال: عملنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق وكانت عندي شويهة عنز جذعة سمينة فقلت: لو صنعناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأمرتُ امرأتي فطحنت لنا شيئاً من شعير، وصنعت لنا منه خبزاً، وذبحت تلك الشاة، فشويناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فلما أمسينا وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصرافَ عن الخندق، قال: وكنا نعمل فيه نهاراً فإذا أمسينا رجعنا إلى أهلنا، قال: قلت: يا رسول الله، إني قد صنعت لك شويهة كانت عندنا، وصنعنا معها شيئاً من خبز الشعير، فأحبُّ أن ينصرف معي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزلي. وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده.
فلما قلت له ذلك قال: «نعم».
ثم أمر صارخاً فصرخ: أن انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت جابر. قال: قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل الناس معه، فجلس فأخرجناها إليه. قال: فبارك وسمَّى ثم أكل. وتواردها الناسُ كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس حتى صَدَر أهلُ الخندق عنها.
أخرجاه.
عن جابر بن عبدالله قال: توفي عبدالله بن عمرو بن حرام، يعني أباه، أو استشهد، وعليه دَين.
فاستعنت برسول الله صلى الله عليه وسلم على غرمائه أن يَضَعُوا من دَيْنه شيئاً، فطلب إليهم فأبوْا.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أصْنَافًا العَجْوَةُ عَلى حِدَةٍ وعَذَقُ (ابنُ) زَيدٍ عَلَى حِدةٍ وأصْنَافَه ثُمَ ابْعَثْ إليَّ» .
ففعلت، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فجلس في أعلاه أو في وسطه، ثم قال: «كِلْ للقَوْمِ» .
قال: فكِلْت لهم حتى أَوْفَيْتهم، وبقي تمري كأنْ لم ينقص منه شيء.
انفرد بإخراجه البخاري.
عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، فأصاب الناس مَخْمصةٌ، فاستأذن الناسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في نَحْر بعض ظَهْرهم وقالوا: يبلِّغنا الله به.
فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هَمَّ أن يأذن لهم في نحر بعض ظهرهم قال: يا رسول الله، كيف بنا إذا نحن لقينا القوم غداً جياعاً رجالاً؟ ولكن إن رأيت يا رسول الله أن ندعو الناس ببقايا أزوادهم نجمعها لهم، ثم تدعو الله فيها بالبركة، فإن الله تعالى سيبلّغنا بدعوتك. أو قال: سيبارك لنا في دعوتك.
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ببقايا أزوادهم، فجعل الناس يَحْثُون بالحثوة من الطعام وفوق ذلك، وكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر.

فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: فدعا ما شاء الله أن يدعو، ثم دعا الجيشَ بأوعيتهم، وأمرَهم أن يَحْثوا، فما بقي في الجيش وعاء إلا مملوءة وبقي مثله.
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: «أشَهَدُ أنْ لاَ اله إلاَّ اللَّهُ وأَنِّي رَسُولُ الله، لاَ يَلْقَى اللَّهَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ بِهِمَا إلاَّ حُجِبَتْ عَنْهُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» .
عن عمر بن الخطاب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فقلت: يا رسول الله، خرج إلينا الروم وهم شباع ونحن جياع، وأرادت الأنصار أن ينحروا نواضحهم.
فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس: «مَنْ كَانَ عِنْدَه فَضْلُ زَادِ فَليَأْتِنَا» .
فحزَرْنا جميعَ ما جاؤوا به فوجدوه سبعاً وعشرين صاعاً.
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فدعا فيه ثم قال: «أيُها النَّاسُ، خُذُوا ولا تَنْتَهِبُوا» .
فأخذوه في الجرُب والغرائرِ حتى جعل الرجل يقدُّ قميصه فيأخذ فيه، حتى صَدروا وإنه نحو ما كانوا يحزرون.
عن أبي إياس قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، فأصابنا جهد حتى هممنا ننحر بعض ظهرنا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا، فبسط له نطعاً، فاجتمع زاد القوم على النطع، فتطاولتُ لأحزره فإذا هو كربضة العنز ونحن أربع عشرة مائة.
قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعاً ثم حشونا جُربنا.
انفرد بإخراجه مسلم.
عن أنس بن مالك قال: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعتُ صوتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء (قالت: نعم). فأخرجت أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خماراً لها، فلفَّت الخبز ببعضه، ثم دسَّته تحت ثوبي وردَّتني بعضَه، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فذهبت به، فوجدت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرْسَلَكَ أبو طَلْحَةَ؟» .
فقلت: نعم.
قال: «بِطَعَامٍ؟» .
فقلت: نعم.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لمن معه: «قُومُوا» .
فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته. فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وليس عندنا من الطعام ما يطعمهم.
فقالت: الله ورسوله أعلم.
قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلُمِّي يَا أمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ» .
فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففُتَّ، وعصرت أم سليم عُكَّة لها فآدَمَتْه. ثم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول: ثم قال: «إئذَنْ لِعَشَرَةٍ» .
فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا فأكل القوم وشبعوا، والقوم ثمانون رجلاً.
أخرجاه.
عن أنس بن مالك قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم حَيْسا، فجعلته في تَوْر فقالت: يا أنس، اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل: بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرئك السلام وتقول لك: إن هذا لك منا قليل.
قال: فذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي تقرئك السلام، وتقول لك: إن هذا لك منا قليل.
فقال: «ضَعْهُ» .
ثم قال: «اذْهَبْ فَادْعُ فُلاَناً وفُلاَناً، أو مَنْ لَقِيْتَ» . وسمَّى رجالاً.
قال: فدعوت مَنْ سمَّى ومن لقيت.
قال: قلت لأنس: كما كانوا؟
قال: زهاء ثلاثمائة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أنَسْ، هَاتِ التَّوْرَ» . فدخلوا حتى امتلأت الصُّفة والحجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لِيَتَخَلَّفْ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ، لِيَأْكُلْ كُلُّ إنْسَانٍ ممَّا يَلِيهِ» .
قال: فأكلوا حتى شبعوا، وخرجت طائفة، ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم.
ثم قال: «يَا أَنَسْ، ارْفَعْ» . فما أدري حين وُضعت (كان) أكثَرَ أم حين رُفِعت؟.
عن عبد الرحمن بن أبي بكر أنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هَلْ مَعْ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟» فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه، فعُجْن.
ثم جاء رجل مشرك مُشعانٌّ طويل بغنم يسوقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبَيْعًا أم عَطِيَّةً؟» أو قال: «هِبَةً»
قال: بل بيع.
فاشترى منه شاةً فصُنعت، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسواد البطن أن يُشْوَى.
قال: وايم الله ما من الثلاثين والمائة إلا قد حَزَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَزَّةً من سواد بطنها، إن كان شاهداً أعطاه (إياه) وإن كان غائباً خبأ له. قال: وجعل منها قصعتين.
قال: فأكلنا أجمعون وشبعنا، وفضل في القصعتين، فحملناه على بعير. أو كما قال.
أخرجاه.
عن علي رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بني عبد المطلب، ثم دعا بُعس فشربوا حتى رووا، وبقي الشراب كأنه لم يُمسَّ أولُه بشرب، فقال: «يَا بَنِي عَبْدَ المُطَّلِبِ، إنِّي بُعثْتُ إليْكُمْ خَاصَّةً، وإلَى النَّاسِ عَامَّةً، وَقَدْ رَأيْتُمْ مِنِّي هَذه الآيَةِ، فأيُّكُم يُبَايِعُنِي عَلَى أنْ يَكُونَ أَخِي وَصَاحِبِي؟» .

قال: فلم يقم إليه أحد.
قال: فقمت إليه، وكنت أصغر القوم.
قال: فقال: «اجْلِسْ» . ثم قال: ثلاث مرات، كلُّ ذلك أقوم إليه، فيقول لي: «اجلس» . حتى إذا كانت الثالثة ضرب بيده على يدي.
عن سَمُرة بن جُندب قال: بيْنا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بقصعة فيها ثريد.
قال: فأكل وأكل القوم، فلم يزالوا يتداولونها إلى قريب من الظُّهر يأكل كل قوم، ثم يجيء قوم فيتعاقبونه.
قال: قال له رجل: هل كانت تُمدُّ بطعام؟
قال: «أمَّا مِنَ الأرْضِ فَلاَ، (إلاَّ) أنْ تَكُونَ كَانَتْ تُمَدُّ مِنَ السَماءِ» .
عن أبي أيوب الأنصاري قال: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر طعاماً قدرَ ما يكفيهما، فأتيتهما به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي ثَلاَثِينَ منْ أشْرَافِ الأنْصَارِ» .
قال: فشقَّ ذلك عليَّ، ما عندي ما أزيده.
قال: وكأني تثاقلت.
فقال: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي ثَلاَثِينَ منْ أَشْرَافِ الأنْصَارِ» .
فدعوتهم فجاؤوا فقال: اطعَموا، فأكلوا حتى صدَروا، ثم شهدوا أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بايعوه قبل أن يخرجوا.
ثم قال: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي تِسْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ» .
قال: فأنا أخْوفُ بالتسعين والستين منِّي بالثلاثين.
قال: فدعوتهم فأكلوا حتى صَدَرُوا، ثم شهدوا أنه رسول الله وبايعوه قبل أن يخرجوا. قال: فأكل من طعامي ذلك مائةٌ وثمانون رجلاً، كلهم من الأنصار.
عن أبي هريرة قال: نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم ضيف، فالتمس له شيئاً يطعمه، فلم يجد له شيئاً، ثم وجد لقمة فجزَّأها أجزاء، ثم أتاه بها فقال: «سَمِّ وَكُلْ» . فأكل وفضلت فضلة، فقال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لرجل صالح.

الباب الرابع
في ذكر معجزه صلى الله عليه وسلم في تكثير السمن
عن أم أنس بن مالك قالت: كانت لي شاة فجمعت من سمنها ما ملأت به عُكَّة، فقالت: يا زبيبة، امضي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه العكة يأتدم بها.
فمضت بها إليه فقالت: يا رسول الله، إن أم سُلَيم أرسلت إليك بهذه العكة لتَأْتَدم بها.
فقال: «خُذُوهَا فَفَرِّغُوهَا وَرُدُّوهَا عَلَيْهَا» .
فانصرفت بها وأمُّ سُلَيم غائبة عن المنزل، فعلقتها على وتد، فلما رجعت أم سُلَيم رأت العكة مملوءة سمناً تَقْطر، فقالت: يا زبيبة، ألم أتقدم إليك بحَمْل العكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقالت: قد حملتها وإن لم تصدقيني فاسأليه.
فمضت فقالت: يا رسول الله، كنت وجَّهت إليك بعكة سَمْن لتأتدم بها.
قال: «قَدْ وَصَلَتْ» .
قالت: والذي بعثك بالهدى ودين الحق، لقد وجدتها مملوءة سمناً تقطر.
قال: «أفَتَعْجَبِينَ أنْ أَطْعَمَكِ اللَّهُ كَمَا أطْعَمْتِ نِبِيَّه؟ اذْهَبِي فَكُلِي وأطْعَمِي» .
فانصرفتُ ففرغت منها في عكة لنا، وأبقيت ما تأَدَّمنا به شهراً أو شهرين.
عن جابر: أن أم مالك الفِهْرية كانت تهدي في عكة لها سمناً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبَيْنا بنوها يسألونها الإِدامَ وليس عندها شيء، عمدت إلى عُكَّتها التي كانت تُهدي فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدت فيها سمناً، فما زال يَأْدم لها أُدْمَ بيتها حتى عصَرَتْه.
فأتت النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعْصَرْتِيه؟» .
قالت: نعم.
قال: «لو تَرَكْتِيه مَا زَالَ ذَلِكَ لَكِ مُقِيْمًا» .
انفرد بإخراجه مسلم.

الباب الخامس
في معجزه صلى الله عليه وسلم في تكثير التمر
عن أبي هريرة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بتمرات فقلت: ادع الله لي فيهن بالبركة.
قال: فصفَّهن بين يديه ثم دعا، وقال لي: «اجْعَلهُنَّ فِي مِزْودِكَ وأدْخِلَ يَدَك ولا تَنْثُرْهُ» .
قال: فحملتُ منه كذا وكذا وسَقاً في سبيل الله، وآكل وأطعم، وكان لا يفارق حِقْوي، فلما قتل عثمان انقطع حقوي فسقط.
عن أبي هريرة قال: أُصبتُ بثلاث: موت النبي صلى الله عليه وسلم وكنت صُويحبه وخويدمه، ومَقْتل عثمان، وبالمِزْود.
قالوا: وما الزود؟
قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابت الناس مَخْمصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ مِنْ شَيْءٍ؟» .
قلت: نعم شيء من تمر في مزود.
قال: «فَأْتِني بِه» .
فأتيته به، فأدخل يده، فأخرج قبضةً فبسطها، ثم قال: «ادْعُ لِي عَشَرَةً» .
فدعوت له عشرة، فأكلوا حتى شبعوا. ثم أدخل يده فأخرج قبضةً فبسطها، ثم قال: «ادْعُ لِي عَشَرَةً» فدعوت له عشرة، فأكلوا حتى شبعوا.
فما زال يصنع ذلك حتى أطعم الجيش كله وشبعوا.
ثم قال لي: «خُذْ مَا جِئْتَ بِه، وأدْخِلْ يَدَكَ وَاقْتَصِرْ وَلاَ تَكُبَّهُ» .
قال أبو هريرة: فقبضت على أكثر ما جئت به، أكلت منه حياةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطعمت، وحياة أبي بكر وأطعمت، وحياة عمر وأطعمت، وحياة عثمان وأطعمت، فلما قتل عثمان انتُهب بيتي فذهب المزود.
عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة وأصابهم عَوَز من الطعام، فقال: «يَا أبَا هُرَيْرَةَ، عِنْدَكَ شَيْءٌ؟» .
قلت: نعم شيء من تمر في مِزْود لي.
قال: «جِيءْ بِه» .
فجئت به على النطع فبسطته، فأدخل يده فقبض على التمر، فإذا هو واحد وعشرون تمرة، ثم قال: «بسم الله» . فجعل يضع كل تمرة ويسمِّي حتى أتى على التمر، فقال به هكذا فجمعه.
فقال: «ادْعُ فُلاَناً وأصْحَابَه» . فدعوت فلاناً وأصحابه فأكلوا، وشبعوا، وخرجوا. ثم قال: «ادْعُ فُلاَناً وأصْحَابَه» . فأكلوا وشبعوا وخرجوا.
وفضل تمر، فقال لي: «اقْعُدْ» .
فقعدت، فقال: «كُلْ» . فأكلت وأكل.
وفضل تمر فأدخله في المزود فقال: «يَا أبَا هُرَيْرَةَ، إذَا أرَدْتَ شَيْئاً فَأَدْخِلْ يَدَكَ وَلاَ تَكْفَأ فَيُكْفَأُ عَلَيْكَ» .

قال: فما كنت أريد تمراً إلا أدخلت يدي فأخَذت، ولقد جهزت منه خمسين وسَقاً في سبيل الله، وكان معلقاً خلف رحلي فوقع زمن عثمان فذهب.
عن ابنة بشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت: بعثتني أمي عَمْرة بنت رواحة، فأعطتني تمراً في ثوبي فقالت: أي بنية، اذهبي إلى أبيك وخالك عبدالله بن رواحة بغدائهما.
فانطلقت بذلك، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبي وخالي، فقال: «تَعَالَيْ يَا بُنَيَّةِ مَا هَذَا مَعَكِ؟»
قلت: يا رسول الله، هذا تمر بعثت به أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالي عبدالله بن رواحة يتغدَّيان به.
قال: «هَاتِيْه» .
قالت: فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأهما، وأمر بثوب فبسط ثم دحى التمر عليه، ثم قال لإِنسان: «اصْرُخْ فِي أهَلِ الخَنْدَقِ: هَلُمُّوا إلَى الغَدَاءِ» .
فاجتمع أهل الخندق فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد، حتى صدر عنه أهل الخندق وإنه ليسقط من أطراف الثوب.

الباب السادس
في معجزته صلى الله عليه وسلم في تكثير الماء
عن عِمْران بن حُصَين قال: كنا في سفَر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنا أسْرَينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقَعْنا وقعةً، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حَرُّ الشمس.
فكان أول مَنْ استيقظ فلان ثم فلان، كان يسمِّيهم أبو رجاء ونسِيهم عوف، ثم عمر بن الخطاب الرابع.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يُوقَظ حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يَحْدث له في نومه.
فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناسَ، وكان رجلاً أجوف جليداً، قال: فكبَّر ورفع صوته بالتكبير، حتى استيقظ بصوته رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوْا إليه الذي أصابهم، فقال: «لاَ ضَيْر أَوْ لاَ تَضَيُّر، ارْتَحِلُوا» .
فارتحلوا فسار غيرَ بعيد، ثم نزل فدعا بالوَضوء، فتوضأ ونودي بالصلاة فصلى بالناس.
فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصلِّ مع القوم، قال: «مَا مَنَعَكَ يَا فُلاَنَ أَنْ تُصَلِّي مَعَ القَوْمِ؟» .
فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء.
قال: «عَلَيْكَ بِالصَّعِيد» .
ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكا إليه الناسُ العطش، فنزل فدعا فلاناً، كان يسمِّيه أبو رجاءَ ونسيه عَوف، ودعا عليّاً فقال: اذهبا فابغيا لنا الماء.
قال: فانطلقا فلقيا امرأة بين مَزَادتين أو سَطِيحَتَيْن من ماء على بعير، فقالا لها: أين الماء؟
فقالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرُنا خُلُوف.
فقالا لها: انطلقي إذن.
قالت: إلى أين؟
قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت: هذا الذي يقال له الصابىء؟
قالا: هو الذي تَعْنين، فانطلقي.
فجاءا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدَّثاه الحديث، فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء، فأفرغ منه من أفواه المزادتين أو السطيحتين وأَوْكأ أفواههما، وأطلق العَزَالِي، ونودي في الناس: أن اسقوا واستقوا.
فسقَى مَنْ شاء واستقى مَنْ شاء، وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناءً من ماء، فقال: «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ» .
قال: وهي قائمة تنظر ما يُفعَل بمائها.
قال: وأيم الله، لقد أَقْلَع عنها وإنه ليخيَّل إلينا أنها أشدُّ مِلْئةً منها حين ابتدأ فيها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجْمَعُوا لها» .

فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسَويقة، حتى جمعوا لها طعاماً كثيراً، وجعلوه في ثوب وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَعْلمين وَالله ما رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئاً، ولكَّنَ الله عزَّ وجَلَّ هو الذي سَقَانَا» .
قال: فأتت أهلها وقد احتبست عنهم، فقالوا: ما حبسك يا فلانة؟
قالت: العجب لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابىء، ففعل بمائي كذا وكذا، فوالله إنه لأسْحَرُ مَنْ بَيْن هذه وهذه. وقالت بإصبعيها السبابة والوسطى فرفعتهما إلى السماء؛ تعني: السماء والأرض، أو إنه لرسول الله حقاً.
قال: فكان المسلمون يُغيرون على مَنْ حولها من المشركين ولا يصيبون الصِّرْمَ الذي هي منه، فقالت يوماً لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يَدَعونكم عَمْداً، فهل لكم في الإِسلام؟
فأطاعوها فدخلوا في الإِسلام.
أخرجاه.
عن البراء قال: انتهينا إلى الحُدَيبية، وهي بئر قد نُزحت، ونحن أربع عشرة مائة.
قال: فنزع منها دلواً، فتمضمض النبي صلى الله عليه وسلم منه ثم مجَّه فيه ودعا. قال: فروَيْنا وأَرْوَيْنا.
عن المِسْوَر بن مَخْرمة، ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمان الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحُلَيفة قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهَدْي وأَشْعره وأَحْرم بالعُمرة، فسار يَعْدِل بهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمَد قليل الماء يتبرَّضه الناس تبرُّضاً، فلم يُلْبثه الناسُ أن نزحوه.
فشكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطشَ، فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه.
قال: فوالله ما زال يجيش لهم بالرِّي حتى صدَروا عنه.
عن البراء قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير، فأتينا على ركًى زمَّة، يعني قليلة الماء فنزل فيها ستة أنا سادسهم، فأُدليت إلينا دلو ورسول الله صلى الله عليه وسلم على شقة الركَى، فجعلنا فيها نصفها أو قريب ثلثها، فرُفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغمس يده فيها وقال ما شاء الله أن يقول، فعادت إلينا الدلو بماءٍ فيها.
قال: فلقد رأيت أحدنا أخرج بثوب خشية الغرق.
قال: ثم ساحت حتى جرت نهراً.
عن زياد بن الحارث الصُّدائي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإِسلام، ثم أتى وفدٌ من قومي بإسلامهم، فقالوا يا رسول الله، إن لنا بئراً إذا كان الشتاء وسَعنا ماؤها فاجتمعنا إليه، فإذا كان الصيف قلَّ ماؤها فتفرقنا على مياه حولنا، وإنا لا نستطيع أن نتفرق اليوم، كلُّ من حولنا لنا عدُو، فادع الله أن يسعنا ماؤها، فدعا بسبع حصيات ففرقهن في يده ودعا ثم قال: «إذَا أَتَيْتُمُوهَا فَأَلْقُوهَا وَاحِدَةً وَاذْكُرْوا اسْمَ الله تَعَالَى» . فما استطاعوا أن ينظروا إلى قعرها بعد.
عن أبي إياس قال: جاء رجل بإداوة فيها نقطة من ماء، فأفرغها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قدح، فتوضأنا كلنا نُدَغْفِقه دَغْفَقَةً أربع عشر مائة، ثم جاء بعدُ ثمانية، فقالوا: هل من طهُور؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَدْ فَرَغَ الوَضُوءُ» .
انفرد بإخراجه مسلم.
عن أبي قتادة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إِنَّكُمْ تَسِيْرُونَ عَشِيَّتَكُم وَلَيْلَتَكُمْ، وَتَأْتُونَ المَاءَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ» .
فانطلق الناسُ لا يَلْوي أحد على أحد، فَبَيْنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يسير حتى ابْهارَّ الليل وأنا إلى جَنْبه، فنعس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فمال عن راحلته، فأتيت فدَعَمْته قبل أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته.
ثم سار حتى تهوَّر الليلُ، فمال عن راحلته فدَعَمْته من غير أن أوقظه حتى اعتدل.
ثم سار حتى كان من آخر السَّحَر مال مَيْلةً أشد من (الميلتَيْن) الأولتين حتى كاد يَنْجفل، فأتيته فدعَمْته.
فرفع رأسه فقال: «مَنْ هَذا؟» .
قلت: أبو قتادة.
قال: «مَتَى كَانَ هَذا مَسِيرُكَ مِنِّي؟» .
قال: ما زال هذا مسيري منذ الليلة.
قال: «حَفِظَكَ (اللَّهُ) بِمَا حَفِظْتَ بِه نَبِيَّه» .
ثم قال: «هَلْ تَرَانَا نَخْفَى عَلَى النَّاسِ؟» ثم قال: «هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ؟» .
قلتُ: هذا راكب. ثم قلت: هذا راكب آخر حتى اجتمعنا فكنا سبعة رَكْب.
فمالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق، فوضع رأسه (ثم) قال: «احْفَظْ عَلَيْنَا صَلاَتَنَا» .
فكان أول مَنْ استيقظ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والشمسُ في ظَهْره، فقُمْنا فَزِعين، ثم قال: «اركبوا» .
فركبنا فسِرْنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل فدعا بمِيضأة كانت معي فيها شيء من ماء، فتوضأ منها، وبقي فيها شيء من ماء، ثم قال لأبي قتادة: «احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتِكَ فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ» .
ثم أذَّن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما (كان) يصنع كل يوم وركب وركبنا معه.
فجعل بعضنا يهمس إلى بعض: ما كفارةُ ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا؟
فقال: «أمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» ثم قال: «أَمَا إِنَّه لَيْسَ التَّفْريْطُ فِي النَّوْم، إنَّمَا التَّفْرِيْطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاَةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلاَةِ الأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيَصَلِّهَا حينَ يَنْتَبِه لَهَا» .

فانتهينا إلى الناس وهم يقولون: يا رسول الله، هلكنا عطشاً.
فقال: «لاَ هُلْكَ عَلَيْكُم» .
ثم قال: «أطْلِقُوا لِي غُمَرِي» . ودعا بالميضأة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب، وأبو قتادة يسقيهم، فلم يعْدُ أن رأى الناس ماءً في الميضأة فتكابُّوا عليها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَحْسِنُوا المَلأَ كُلُّكُم سَيَرْوَى»
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ وأسقيهم، حتى ما بقي غيري وغيرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم صبَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «اشْرَبْ» .
قلت: لا أشرب حتى يشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: «إنَّ سَاقِي القَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْباً» .
فشربتُ وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى الناس (الماءَ) جامِّين رِوَاءً.

الباب السابع
في ذكر نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم
عن أنس بن مالك: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان بالزَّوراء، فأتي بإناء فيه ماء لا يَغمْر أصابعه، فأمر أصحابه أن يتوضؤوا، فوضع كفه في الماء، فجعل الماء يَنْبع من بين أصابعه وأطراف أصابعه، حتى توضأ القوم.
فقلت لأنس: كم كنتم؟ قال: كنا ثلاثمائة.
أخرجاه.
عن عبدالله قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا ماء، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اطْلُبُوا مَنْ مَعَه مَاءٌ» .
ففعلنا، فأتي بماء، فصبه في إناء، ثم وضع كفه فيه، فجعل الماء يخرج من بين أصابعه. ثم قال: «حَيِّ عَلَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، وَالبَرَكَةُ مِنَ الله» . فملأتُ بطني منه واستقى الناس.
أخرجه البخاري.
عن ابن عباس قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في العسكر ماء، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله، ليس في العسكر ماء.
قال: «هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ؟» .
قال: نعم.
قال: «فَأْتِنِي بِه» .
قال: فأتاه بإناء فيه شيء من ماء قليل.
قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في فم الإِناء وفتح أصابعه، فانفجرت من أصابعه عيون، وأمر بلالاً فقال: «نَادِ فِي النَّاسِ الوَضُوءُ المُبَارَكُ» .
عن عبدالله قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفَر، فلم يجدوا ماء فأتي بتَوْر من ماء، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم فيه يده وفرَّج بين أصابعه قال: فرأيت الماء يتفجر من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: «حَيِّ عَلَى الوَضُوءِ والبَرَكَةُ مِنَ الله تَعَالَى» .
قال الأعمش: فأخبرني سالم بن أبي الجَعْد قال: قلت لجابر بن عبدالله: كم كان الناس يومئذ؟ قال:
قال: كنا ألفاً وخمسمائة.
أخرجه البخاري.
عن جابر قال: عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه رَكْوة، فتوضأ منها ثم أقبل على الناس نحوه فقال: «مَا لَكُم؟» .
قالوا: يا رسول الله، ليس عندنا ما يتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك.
فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون.
قال: فشربنا وتوضأَنا، فقلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟
قال: لو كنا مائة (ألف) لكفانا، كنا خمس عشرة مائة.
أخرجاه.
عن جابر قال: أتينا العسكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا جَابِرْ، نَادِ تَوَضَّؤُوا» .

فقال: «ألا وَضُوء ألا وضوء».
فقلت: يا رسول الله، ما وجدت في الركب من قَطْرة، وكان رجل من الأنصار يُبْرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماءَ في أَشْجَاب له، فقال لي: «انْطَلِقْ إِلَيْه» .
فانطلقت فلم أجد إلا قطرة في عزلاءَ شَجْبٍ لو أني أفرغه لشربه يابسه، فقال: «اذْهَبْ فَأتِنِي بِه» .
فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء ما أدري ما هو ويغمزه بيده، ثم أعطانيه، وقال: «يَا جَابِر، نَادِ بِجَفْنَةٍ» .
فقلت: يا جفنةَ الرَّكبِ. فأتيت بها تُحْمل، فوضعها بين يديه، فقال بيده في الجفنة، فبسطها وفرَّق بين أصابعي، ثم وضعها في قعر الجفنة وقال: «يَا جَابِرْ، صُبَّ عَلَيَّ وَقُلْ بِسْمِ الله» . فصببت عليه وقلت: بسم الله.
فرأيت الماء يفور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، ثم فارق الجفنة ودارت حتى امتلأت فقال: «يَا جَابِرْ، نَادِ مَنْ كَانَ لَه حَاجَةٌ بِمَاءٍ» .
فأتى الناس فسقوا حتى رووا، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه من الجفنة.

الباب الثامن
في معجزه صلى الله عليه وسلم في تكثير اللبن
عن أبي هريرة قال: والله إني كنت لأعتمد على كبدي بالأرض من الجوع، ولقد قعدت على طريقهم الذي يخرجون منه، فمرَّ أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليَسْتَتْبعني، فلم يفعل. فمرَّ عمر فسألته فلم يفعل.
فمر أبو القاسم صلى الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قرية اخطاب  :: اسلاميات-
انتقل الى: