منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى قرية اخطاب

ايد واحدة نبنى بلدنا
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول
أخــطـابُ يـا قـلعةً للنـورِ زاهـرةً فيك العفافُ ومنك الطهرُ والأدبُ لو لم أكن فيك يا أخطابُ مولودًا لبحثْتُ عنكِ كما أوصت بكِ الكتبُ الناسُ حيرى بعيدًا عنكِ يا أملى حــتى إذا مـا أتـوْكِ فـاتَهُـم تـَعَــبُ أهلُ الفضائلِ فى أنحائِك اجتهدوا كى يُسعدوا كــلّ مُـحتاجٍ لهُ طـلـبُ كلّ المكارمِ والأخلاقِ قد جـمعتْ مجدَ الفراعين حتى جاءكِ الـعـربُ دوماً أتيهُ عـلى مـرّ الـزمـانِ بكِ أفضالكِ الغرّ قدْ هامتْ بها السحبُ الشمسُ والنجمُ والأقمارُ ظلّ لها من أهـلـكِ الصـالحينَ دائماً نسـبُ أخـطـابُ أنتِ التى فى قلبنا أبـداً أنتِ التى فى شغافِ القلبِ تحتجبُ حبّ البـلادِ التى عاشتْ بداخـلِنا فرضٌ على من إلى الأخلاقِ ينتسبُ
المواضيع الأخيرة
» ارقى مناطق التجمع الخامس بمنطقة اللوتس الجنوبية
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالثلاثاء مايو 06, 2014 11:10 pm من طرف رحاب صلاح

» شراء شات صوتي و يدعم ايضا الكاميرات-شراء دردشة صوتيه-شراء دردشة كامات
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:19 am من طرف رحاب صلاح

» هل موقعك الالكتروني يتوقف دائما؟ هنا الحل www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:16 am من طرف رحاب صلاح

» معلومات تهمك عن التجمع الخامس
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:14 am من طرف رحاب صلاح

» استضافة لينوكس أو استضافة الويندوز : تعلم كيفية اختيار الاستضافة المناسبة لك
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:49 am من طرف رحاب صلاح

» منتج الدردشة الأفضل والأقوى في العالم تفضلوا بالدخول وقراءة هذا الموضوع
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:47 am من طرف رحاب صلاح

» اسعار التمليك والمفروش في المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:44 am من طرف رحاب صلاح

» احمي موقعك وزوارك من الهاكر وسمعة موقعك على محركات البحث www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:20 pm من طرف رحاب صلاح

» طريقة شراء 123 شات فلاش من أي مكان في العالم
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:19 pm من طرف رحاب صلاح

» افخم مناطق المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:17 pm من طرف رحاب صلاح

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 148 بتاريخ الثلاثاء يوليو 30, 2019 12:58 am
عداد الزوار
تصويت

 

 كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الرحمن حسن

عبد الرحمن حسن


عدد المساهمات : 56
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/03/2011

كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس   كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس Emptyالخميس يوليو 28, 2011 5:33 am

الباب الحادي عشر
في رَمْي الشياطين بالشُّهُب حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم وتنكيس الأصنام
عن ابن عباس قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟
قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب.
قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث.
فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء.
قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِنَخْلة وهو عامد إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمَّعوا له فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء.
فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا {س72ش1/ش2قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُو?اْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عَجَباً * يَهْدِى? إِلَى الرُّشْدِ فَئَامَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً }(الجن: 1، 2)
وأنزل الله تعالى على نبيه: {س72ش1قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُو?اْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عَجَباً }(الجن: 1)

عن ابن عباس قال: لما بعث محمد صلى الله عليه وسلم زجِر الجن ورُمُوا بالكواكب. وكانوا قبل ذلك يسمعون، ولكل قبيل من الجن مَقْعد يستمعون فيه. فأول ما فزع لذلك أهل الطائف فجعلوا يذبحون لآلهتهم، من كان له إبل أو غنم كل يوم، حتى كادت أموالهم تذهب ثم تناهوا وقال بعضهم لبعض: أما ترون معالم السماء كيف هي، لم يذهب منها شيء؟ وقال إبليس: هذا أمر حدث في الأرض، ايتوني من كل أرض بتربة. فكان يؤتى بالتربة فيشمها ويلقيها حتى أتِي بتربة تهامة فشمها وقال: ها هنا الحدث.
عن يعقوب بن الأخنس قال: إن أول العرب فزع لِرَمْي النجوم ثقيف وأتوا عمرو بن أمية فقالوا: ألم تر ما حدث؟
قال: بلى فانظروا، فإن كانت معالم النجوم التي يهتدي بها ويعرف بها أنواء الصيف والشتاء فهو طَيُّ الدنيا وذهاب هذا الخَلْق الذي فيها، وإن كانت نجوماً غيرها فأمرٌ أراد الله بهذا الخلق ونبي يبعث في العرب. فقد تحدِّث بذلك.

عن أبي بن كعب قال: لم يُرْمَ بنجم منذ رفع عيسى بن مريم حتى تنبَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما تنبأ رمي بها، فرأت قريش أمراً لم تكن تراه، فجعلوا يسيِّبُون أنعامهم ويعتقون أرقاءهم يظنون أنه الفناء.
فبلغ ذلك من فعلهم أهلَ الطائف ففعلت ثقيف مثل ذلك، فبلغ عبدَ ياليل بن عمرو ما صنعت ثقيف قال: ولِم فعلتم ما أرى؟
قالوا: رمي بالنجوم فرأينا أنها تهافت من السماء.
قال: إن إفادة المال بعد ذهابه شديد، فلا تعْجَلوا وانظروا، فإن تكن نجوماً تعرف فهو عند فناء الناس، وإن تكن نجوماً لا تعرف فهو عند أمر حدث.
فنظروا فإذا هي لا تُعْرف، فأخبروه فقال: الأمر فيه مُهْلة بعدُ، هذا عند ظهور نبي.
فما مكثوا إلا يسيراً حتى قدم الطائف أبو سفيان بن حرب إلى أمواله، فجاء عبد ياليل فتذاكروا أمر النجوم، فقال أبو سفيان: ظهر محمد بن عبدالله يدعي أنه مرسل.
قال عبد ياليل: فعند ذلك رمي بها.

عن ابن عباس قال: لم تكن السماء تُحْرسُ في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، كانوا يقعدون منها (مقاعد) للسمع.
فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم حرست السماء حرساً شديداً، ورجمت الشياطين، وأنكروا ذلك فقالوا: {س72ش10وَأَنَّا لاَ نَدْرِى? أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى الأٌّرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً }(الجن: 10)

فقال إبليس: لقد حدث في الأرض حدث. واجتمعت إليه الجن، فقال: تفرقوا في الأرض وأخبروني ما هذا الذي حدث في السماء.
وكان أول ركب بعث من أهل نصيبين وهم أشراف الجن، فبعثهم إلى تهامة فاندفعوا حتى بلغوا وادي نَخْلة، فوجدوا نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الغداة ببطن نخلة فلما سمعوه يتلو القرآن قالوا: أنصتوا.
قال وهب بن منبِّه: كان إبليس يصعد إلى السموات كلهن ويتقلب فيهن كيف شاء لا يُمْنع منذ أخرج آدم من الجنة إلى أن رفع عيسى، فحينئذ حجب من أربع سموات، فصار يتردد في ثلاث سموات. فلما بعث نبينا صلى الله عليه وسلم حجب من الثلاث فصار هو وجنوده يسترقون السمع ويقذفون بالكواكب.
عن أبي هريرة قال: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح كل صنم منكساً، فأتت الشياطين إبليس، فقالت: ما على الأرض من صنم إلا وقد أصبح نكوساً. قال: هذا نبي قد بُعِث فالتمسوه في قرى الأرياف. فالتمسوه فقالوا: لم نجده. قال: أنا صاحبه.
فخرج يلتمسه فنودي: عليك بحبة القلب مكة. فالتمسه فوجده عند قرن الثعالب. فخرج إلى الشياطين فقال: قد وجدته معه جبريل فما عندكم؟

قالوا: نُزَيِّن الشهوات في أعين أصحابه ونحبِّبها إليهم.
قال: فلا آسَى إذن.

الباب الثاني عشر
في ذكر ما وقع من التغير في أحوال كسرىالمسمى أبرويز عند مَبْعث نبينا عليه السلام

كانت دجلة تجري قديماً في أرض خوجى في مسالك محفوظة إلى أن تصب في بحر فارس، ثم غُورِّت وجرَتْ صَوْب واسط، فأنفق الأكاسرة على سدها وإعادتها إلى مجراها القديم أموالاً كثيرة ولم يثبت السد.
فلما ولي قباذ بن فيروز انبثق في أسافل كسكر بثق عظيم، وغلب الماء فأغرق عمارات كثيرة، فلما ولي أنو شروان بنى مُسَنيَّات، فعاد بعض تلك العمارة وبقيت على ذلك إلى أن ملك أبرويز بن هرمز بن أنو شروان، وكان من أشد القوم بطشاً وتهيأ له ما لم يتهيأ لغيره. فسكر دجلة العوراء وأنفق عليها ما لا يحصى، وبنى طاق مجلسه، وكان يعلق فيه تاجه ويجلس والتاج فوق رأسه معلق من غير أن يكون له على رأسه ثقل.
قال وهب بن منبه: وكان عنده ثلثمائة وستون رجلاً من الحزاة، والحزاة: العلماء من بين كاهن، وساحر، ومنجم، وكان فيهم رجل من العرب يقال له السائب يعتاف اعتياف العرب قلَّما يخطىء. بعث (به) إليه باذان من اليمن.
فكان كسرى إذا حزبه أمر جمع كهانه وسحرته ومنجميه فقال: انظروا في هذا الأمر ما هو.
فلما أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم أصبح كسرى ذات غداة وقد انفصمت طاق ملكه من وسطها، فلما رأى ذلك أحزنه وقال: انفصم طاق ملكي وانخرقت دجلة العوراء «شاه بشكست» يقول: الملك انكسر.
ثم دعا كهانه وسحرته ومنجميه ودعا السائب معهم، فأخبرهم، بذلك وقال: انظروا في ذلك الأمر.
فنظروا فأظلمت عليهم الأرض وتسكعوا في علمهم، ولم يمض لساحر سحره ولا لكاهن كهانته، ولا لمنجم علم نجومه.
وبات السائب في ليلة ظلماء على ربوة من الأرض يرمق برقاً نشأ من أرض الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق. فلما أصبح ذهب ينظر إلى ما تحت قدميه فإذا روضة خضراء. فقال فيما يعتاف: لئن صدق ما أرى ليخرجن من الحجاز سلطان يبلغ الشرق والغرب تخْصب عنه الأرض كأفضل ما أخصبت عن ملك كان قبله.

فلما اجتمعت الحزاة قال بعضهم لبعض: والله ما حيل بينكم وبين علمكم إلا لأمر جاء من السماء، وإنه لنبي قد بعث أو هو مبعوث يَسْلب هذا الملك ويكسره، ولئن نعيتم لكسرى ملكه ليقتلنكم، فأقيموا بينكم أمراً تقولونه.
فجاؤوا كسرى فقالوا له: إنا نظرنا في هذا فوجدنا حُسابك الذين وضعت على حِسابهم طاق ملكك وسَكرت دجلة العوراء وضعوه على النحوس، وإنا سنحسب لك حساباً تضع عليه بنيانك فلا يزول.

قال: فاحسبوا. فحسبوا له ثم قالوا له: ابنه فبناه.
فعمل في دجلة ثمانية أشهر، وأنفق فيها من الأموال ما لا يُدرى ما هو، حتى إذا فرغ قال لهم: أجلس على سورها؟
قالوا: نعم. فأمر بالبسط والفرش والرياحين فوضعت عليها وأمر بالمرازبة فجمعوا له، وجمع اللعَّابون ثم خرج حتى جلس عليها، فبينا هو هنالك انتسفت دجلة البنيان من تحته، فلم يستخرج إلا بآخر رمق، فلما أخرجوه قتل من الحزاة قريباً من مائة وقال: تلعبون بي؟
قالوا: أيها الملك أخطأنا كما أخطأ من قبلنا، ولكنا سنحسب لك حساباً حتى تضعها على الوفاق من السعود.
قال: انظروا ما تقولون.
قالوا: فإنا نفعل.
فحسبوا له ثم قالوا له ابنه. فبنى وأنفق من الأموال ما لا يدرى ما هو ثمانية أشهر ثم قال: أفأخرج فأقعد؟
قالوا: نعم. فركب برذوناً له وخرج يسير عليها إذ انتسفته دجلة بالبنيان فلم يدرك إلا بآخر رمق، فدعاهم فقال: والله لأمرنَّ على آخركم ولأتْرعنَّ أكتافكم ولأطرحنكم بين أيدي الفيلة، أو لتَصْدُقنِّي ما هذا الأمر الذي تلفقون علي؟

قالوا: لا نكذبك، أيها الملك أمرتنا حين انخرقت عليك دجلة وانفصمت طاق مجلسك أن ننظر في علمنا، فنظرنا فأظلمت علينا الأرض وأخذ علينا بأقطار السماء فلم يستقم لعالمنا علمه، فعرفنا أن هذا لأمر حدث من السماء، وأنه قد بعث نبي أو هو مبعوث، فلذلك حيل بيننا وبين علمنا، فخشينا إن نَعَيْنا مُلْكَكَ أن تقتلنا فعللناك على أنفسنا بما رأيت. فتركهم ولهى عنهم وعن دجلة حين غلبته.
وقال ابن إسحاق: كان من حديث كسرى قبل أن يأتيه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أنه كان سَكَر دجلة العوارء وأنفق فيها من الأموال ما لا يدرى ما هو. وذكر الحديث الذي سقناه بعينه.
وقال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، ما حجة الله على كسرى فيك؟
قال: «بَعَثَ اللَّهُ إِليْهِ مَلَكَاً فَأَخْرَجَ يَدَه مِن سُورِ بَيْتِه الذِي هُوَ فِيه تَلألأَ نُورًا. فَلَمَّا رَآها فَزِعَ» .
قال: «لِمَ تَفْزَعْ يَا كِسْرَى؟ إنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ رَسُولاً وأنْزَلَ عَلَيه كِتَابَاً فَاتَّبِعْهُ لِتَسْلَمَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ. قَال: سَأنْظُر» .
وقال ابن إسحاق: بعث الله ملكاً إلى كسرى وهو في بيت من بعض بيوت إيوانه الذي لا يدخل عليه فيه، فلم يرعه إلا هو قائماً على فراشه في يده عصا بالهاجرة في الساعة التي كان يقيل فيها، فقال: يا كسرى أتسلم أو أكسر هذه العصا؟

فقال: بَهَلَ بَهَلَ.
فانصرف عنه ثم دعا حراسه وحجابه فتغيظ عليهم، وقال: من أدخل هذا الرجل علي؟ قالوا: ما دخل عليك أحد ولا رأيناه.
حتى إذا كان العام القابل أتاه الساعة التي أتاه فيها فقال له كما قال له. ثم قال: أتُسْلم أو أكسر هذه العصا؟
قال: بهل بهل.
فخرج عنه فدعا كسرى حُجَّابه وبوَّابيه، فتغيظ عليهم وقال لهم كما قال أول مرة.
قالوا: ما رأينا أحداً دخل عليك.

حتى إذا كان في العام الثالث أتاه في الساعة التي جاءه فيها، وقال كما قال له ثم قال له: أتسلم أو أكسر هذه العصا؟
قال: بهل بهل.
قال: فكسر العصا ثم خرج. فلم يكن إلا أن تهوَّر ملكه.
قال الزهري: حدثت عمر بن عبد العزيز هذا الحديث عن أبي سلمة قال: ذكر لي أن الملك إنما دخل عليه بقارورتين في يديه ثم قال: أسلم.
فلم يفعل فضرب إحداهما بالأخرى فرضَّهما ثم خرج. فكان من هلاكه ما كان.
عن خالد بن ويدة، وكان رأساً في المجوس ثم أسلم، قال: كان كسرى إذا ركب ركب أمامه رجلان فيقولان له ساعة بساعة: أنت عبد ولست برب. فيشير برأسه: أي نعم.
قال: فركب يوماً فقالا له ذلك فلم يُشِرْ برأسه، فعلم ذلك صاحب شرطته فأتاه ليعاتبه، وكان كسرى قد نام، فلما وقع صوت حوافر الدواب في سمعه استيقظ فدخل عليه صاحب شرطته، فقال: أيقظتموني ولم تَدَعوني أنام، إني رأيت أنه رقي بي فوق سبع سموات فوقفت بين يدي الله تعالى، فإذا رجل بين يديه عليه إزار ورداء، فقال لي سلِّم بحر مفاتيح خزائن أرضي إلى هذا ألست المأمور بكذا؟
قال: وصاحب الإِزار والرداء يعني به النبي صلى الله عليه وسلم.
عن ابن قتيبة: أن أبرويز قال: رأيت في المنام قائلاً يقول لي: إنكم غيَّرتم فغيَّر ما بكم ونقل المكان إلى أحمد.
وكانوا يتوقعون حادثة تحدث، حتى كتب النعمان إليه: أن خارجاً نَجم بتهامة يخبر أنه رسول إله السماء والأرض.
فانزعج لذلك وعلم أنه الذي كان يتوقعه.
قال ابن قتيبة: فانقضت ممالك الأمم عند مَبْعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا الروم، لِمَا سبق من دعوة إسحاق بن إبراهيم، فإن يعقوب لما سبق إلى دعوة ابنه إسحاق صارت النبوة في ولده، فدعا إسحاق للعيص بالنماء والكثرة، فالروم كلهم من ولده.
وانتقضت مملكة فارس، وكان أول انتقاضها قتل شيرويه أباه، ثم ظهر الطاعون في ملكه فهلك فيه، ثم تعاوروا الملك ولم يلبثوا.

وانتقض ملك أهل اليمن، وكان أول ذلك قتل الحبشة سيف بن ذي يزن، وانتشر الأمر بعده. فكل أهل ناحية ملَّكوا رجلاً حتى جاء الإِسلام.
وانتقضت مملكة الحيرة بعد النعمان بن المنذر.
وانتقض ملك أبي جَفْنة وكان آخر من ملك منهم جَبَلة بن الأيهم الذي تنصَّر في خلافة عمر رضي الله عنه.

الباب الثالث عشر
في ذكر دعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإِسلام
كان صلى الله عليه وسلم في أول نبوته يدعو الناس إلى الإِسلام سرًّا.
وكان أبو بكر يدعو أيضاً مَنْ يثق به من قومه.
فلما مضت من النبوة ثلاث سنين: نزل عليه {س15ش94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } (الحجر: 94)
فأظهر الدعوة.
عن أبي عبد الرحمن قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو من أول ما أنزلت عليه النبوة ثلاث سنين مستخفياً، إلى أن أمر أن يصدع بما جاءه من عند الله وأن يظهر الدعوة.
عن الزهري قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإِسلام سراً وجهراً، فاستجاب لله من شاء من أحداث الرجال وضعفاء الناس، حتى كثر من آمن به، وكفار قريش غير منكرين لما يقول. فكان إذا مرَّ عليهم في مجالسهم يشيرون إليه: إن غلام بني عبد المطلب ليكلَّم من السماء.
فكان كذلك حتى عاب آلهتهم التي كانوا يعبدونها، وذكرَ هلاك آبائهم الذين ماتوا على الكفر، فشاقَقُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعادوه.
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ بَيْنَ شَرِّ جَارَيْنِ، بَيْنَ أَبِي لَهَبٍ وَعُقْبَةَ ابْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، كَانَا يَأْتِيَانِ بالفُروثِ فَيَطْرَحُونَهَا» . فيخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أيُّ جِوَارٍ هَذا؟» ثم يلقيه بالطريق.

الباب الرابع عشر
في ذكر إنذار رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواسم

عن طارق بن عبدالله المحاربي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة بسوق المَجاز وأنا في بياعة لي، فمرَّ وعليه حلة حمراء وهو ينادي بأعلى صوته: «يَا أيُّها النَّاس قُولوا لاَ اله إلاَّ اللَّهُ تُفْلِحُوا» .
ورجل يتبعه بالحجارة قد أدمى كعبيه وعرقوبيه وهو يقول: يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب.
قلت: مَنْ هذا؟
قالوا: هذا غلام من بني عبد المطلب.
قلت: فمن ذا الذي يتبعه يرميه؟
قالوا: هذا عمه عبد العزى؛ وهو أبو لهب.
عن جابر قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنّة وفي المواسم بمنى: «مَنْ يُؤوِينِي؟ مَنْ يَنْصُرُونِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلُه الجَنَّةَ؟» حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك.

الباب الخامس عشر
في ذكر إنذاره عشيرته
عن أبي هريرة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه {وأنْذِرْ عشيرتَك الأقربين} فقال: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ: اشتَروُا أنْفُسَكُم مِنَ الله تَعَالَى، لا أُغْنِي عَنْكُم منَ الله شَيْئَاً، يَا بَنِي عَبْدَ المُطَّلِبِ، لا أُغْنِي عَنْكُم منَ الله شَيْئاً، يَا عَبَّاس بنَ عبْدِ المُطَّلِبِ، لا أغْنِي عَنْكَ منَ الله شَيْئاً، يا صَفِيَّةَ عَمَّةَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لا أُغْنِي عَنْكِ منَ الله شَيْئاً، يا فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ من مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ الله شَيْئاً» .
عن ابن عباس: لما أنزل الله تعالى {وأنْذِرْ عشيرتَك الأقربين} أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصَّفا فصعد عليه ثم نادى: «يا صباحاه» .

فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه وبين رجل يبعث رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بَنِي عَبْدَ المُطَّلِبِ، يَا بَنِي فَهْرٍ، يَا بَنِي يَا بَنِي، أَرَأَيْتُم لَو أخْبَرْتُكُم أنَّ خَيْلاً بِسَفْحِ هَذَا الجَبَلِ تُريْدُ أن تُغِيْرَ عَلَيْكُم صَدَّقْتُمُونِي؟ قَالوْا: نَعَمْ. قَال: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ» .
فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، ما دعوتنا إلاَّ لهذا؟ فأنزل الله تعالى {س111ش1تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ } (المسد: 1)
عن قبيصة بن مخارق وزهير بن عمر قالا: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قمة من جبل على أعلاها حجراً فجعل ينادي: «يَا بَنِي عَبْدَ مَنَافٍ إِنَّمَا أَنا نَذِيْرٌ، إنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُم كَرَجُلٍ رَأَى العَدُوَّ فَذَهَبَ يُنْذِرُ أَهْلَه فَخَشِيَ أَن يُشْقُوه فَجَعَلَ يُنَادِي وَيَهْتِفُ يَا صَبَاحَاه» .
انفرد بإخراج هذا الحديث مسلم، واتفقا على الحديثين قبله.
عن ابن عباس قال: لما نزلت { وأنْذرْ عشيرتك الأقْرَبين} صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا فقال: «يا معشر قريش» .
فقالت قريش: محمد على الصَّفا يهتف. فأقبلوا واجتمعوا، قالوا: ما لك يا محمد.
قال: «أرَأَيْتكُمُ لو أخْبَرْتُكُم أن خَيْلاً بِسَفْحِ هذا الجَبَلِ كُنْتُم تُصَدِّقُونِي؟» .
قالوا: نعم، أنت عندنا غيرُ متَّهَم، وما جرَّبنا عليك كذباً قط.
قال: «فَإني نَذِيرٌ لَكُم بَيْنَ عَذَابٍ شَدِيْدٍ، يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا بَنِي زُهْرةٍ، حَتَّى عدَّ الأفْخَاذَ من قُرَيْشٍ، إن الله عزَّ وجَلَّ أمَرَنِي أن أُنْذِرَ عَشِيرَتي الأَقْرَبِينَ، إنِي لا أمْلِكُ لَكُم منَ الدُّنْيَا مَنْفَعَةً ولاَ مِنَ الآخِرَةِ نَصِيْباً إلاَّ أن تَقُولوُا لاَ اله إلاَّ اللَّهُ» .

قال: يقول أبو لهب: تبَّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا
فأنزل الله تعالى { تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبٍ} السورة كلها.
عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم {س26ش214وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأٌّقْرَبِينَ }(الشعراء: 214)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَضِقْتُ بذَلك ذَرْعاً وَعَرَفْتُ أَنِّي مَتَى أُبَاديْهِم بِهَذا أَرَى مِنْهُم مَا أَكْرَهُ. فَصَمَتُّ حَتَّى جَاءَنِي جِبْريِلَ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، إنَّكَ إنْ لاَ تَفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ بِه يُعَذِّبُكَ رَبُّكَ» .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ اصْنَعْ لِي صَاعًا من طَعَامٍ، واجْعَلْ عَلَيْهِ رِجْلَ شَاةٍ، وَامْلأَ لنا عَسًّا مِن لَبَنٍ، ثُمَّ اجْمَعْ لِي بَنِي المُطَّلِبِ حَتَّى أكَلِّمَهُمْ مَا أُمِرْتُ» .
ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له وهم أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً أو يَنْقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب.
فلما اجتمعوا دعا بالطعام الذي صنعتُ، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم جرة، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال: «خذوا باسم الله» . فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد ليأكل جميع ما قدمتُ لجميعهم.
ثم قال: «اسقِ القوم» فجئت بذلك العُسّ فشربوا منه، حتى رووا جميعاً، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بَدَره أبو لهب إلى الكلام فقال: سحركم صاحبكم.
فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الغد: «يَا عَلِيُّ إن هذا الرَّجُلَ سَبَقَنِي إلى ما سَمِعْتَ منَ القَوْلِ؛ فَأعِدَّ لنا مِنَ الطَّعَامِ مثْلَ مَا صَنَعْتَ ثُمَّ أجْمَعْهُمْ لِي» .

فقمت وجمعتهم فأكلوا وشربوا، ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، إني واللَّهُ مَا أعْلَمُ شَابًّا منَ العَرَبِ جَاءَ قَوْمَه بأفْضَلَ مِمَّا قَدْ جِئْتُكُم بِه، إنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ، وقَدْ أَمَرَنِي رَبِّي أنْ أُدْعُوكُم إليْهِ، فأيُّكُم يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذا الأَمْرِ عَلَى أن يَكُونَ أَخِي» .
فأحجم القوم فقلت، وأنا أحدثهم سنًّا: أنا يا نبي الله.
فقام القوم يضحكون.

الباب السادس عشر
في ذكر عموم رسالته
عن جابر بن عبدالله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةَ» .
وفي الباب عن علي، وأبي ذر، وأبي موسى، وأبي أمامة، وأبي هريرة، وعبدالله بن عمرو. وستأتي هذه الأحاديث.

الباب السابع عشر
في ذكر إرساله إلى الجن صلى الله عليه وسلم†
عن جابر قال: قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمن فلما فرغ قال: «مَا لِي أَرَاكُمْ سُكُوْتًا؟ لَلْجِنُّ كَانُوا أحْسَنَ مِنْكُم رَدًّا، مَا قَرأَتُ عَلَيْهِم {فبأيِّ آلاء ربّكما تكذِّبان} إلا قَالُوا: ولاَ بِشَيْءٍ من نِعْمَتِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الحَمْدُ» .
عن ابن مسعود قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وانطلق بي معه حتى أتى بي إلى البراز، ثم خطَّ لي خطاً ثم قال: «لاَ تَبْرَحْ حَتَّى أَرْجِعَ إِليْكَ» فما جاء حتى السَّحَرَ، فقال: «أُرْسِلْتُ إلى الجِنِّ» .
قلت: فما هذه الأصوات التي أسمعها؟
قال: «هَذه أَصْوَاتُهُم حينَ وَدَّعونِي وسَلَّمُوا عَلَيَّ» .

الباب الثامن عشر
في كونه خاتم النبيين
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ» .

عن سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب في غزاة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلِّفني في النساء والصبيان؟
قال: «أَمَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَاروُنَ منْ مُوسَى، إِلاَّ أَنَّه لاَ نَبِيَّ بَعْدِي» .
أخرجاه.
عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا خَاتِمُ النَّبِييِّنَ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي» .
انفرد بإخراجه مسلم.

الباب التاسع عشر
في ذكر ما لاقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذى الكفار وهو صابر
عن ابن عباس: أن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجْر، فتعاقدوا باللات، والعزى، ومناة الثالثة الأخرى؛ لو قد رأينا محمداً قمنا إليه قيام رجل واحد فلم نفارقه حتى نقلته.
قال: فأقبلت فاطمة عليها السلام تبكي حتى دخلت على أبيها صلى الله عليه وسلم، فقالت: هؤلاء الملأ من قومك في الحجْر قد تعاقدوا أن لو رأوك قاموا إليك، فليس منهم رجل إلا عرف نصيبه من دمك.
فقال: «يَا بُنَيَّةَ أرِنِي وَضُوءًا» .
فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: هو هذا هذا هو.
فخفضوا أبصارهم وعقروا في مجالسهم فلم يرفعوا إليه أبصارهم ولم يقم منهم رجل، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم فأخذ قبضة من تراب فحصبهم بها. وقال: «شَاهَت الوُجوهُ» .
قال: فما أصاب رجلاً منهم حصاة إلا قتل يوم بدر كافراً.
عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: إن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على رقبته.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ فَعَلَ لأَخَذَتْهُ المَلاَئِكَةُ عَيَاناً» .
عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه قيل له: ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما كانت تظهر من عداوته؟

قال: حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوماً في الحِجْر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ما رأينا مثل ما صَبَرْنا عليه من هذا الرجل قط، سفّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرَّق جماعتنا، وسب آلهتنا، لقد صبرنا منه على عظيم.
فبينما هم على ذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل يمشي حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفاً بالبيت، فلما مر بهم غمزوه ببعض ما يقول.
قال: فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فقال: «تَسْمَعونَ يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِه لَقَدْ جِئْتُكُم بالذَّبْحِ» .
فأخذت القوم كلمته، حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك يترضاه بأحسن ما يجد من القوم حتى إنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم، انصرف راشداً، فوالله ما كنت جهولاً.
قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم، فقال بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه، حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه

فبينا هم على ذلك طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأحاطوا به يقولون له: أنت الذي تقول كذا وكذا؟ لما كان يبلغهم عنه من عيْب آلهتهم ودينهم. قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ أنا الذي قُلْتُ ذَلِكَ» .
قال: فلقد رأيت رجلاً منهم أخذ بمجامع ردائه.
قال: وقام أبو بكر الصديق دونه يقول وهو يبكي: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ثم انصرفوا عنه.
فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشاً بلغوا منه قط.
عن عمرو، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: أكثر ما نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عمرو: فرأيت عيني عثمان ذرفتا من تذكُّر ذلك

قال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويده في يد أبي بكر، وفي الحجْر ثلاثة نفر جلوس عقبة بن أبي مُعَيط، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف.
فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما حاذاهم أسمعوه بعضَ ما يكره، فعرفت ذلك في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فدنوت منه حتى كان بيني وبين أبي بكر، فأدخل أصابعه في أصابعي حتى طفنا جميعاً.
فلما حاذاهم قال أبو جهل: والله لا نصالحك ما بَلَّ بحرٌ صوفة وأنت تنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ذلك» . ثم مضى عنهم فصنعوا به في الشوط الثالث مثل ذلك.
حتى إذا كان الشوط الرابع ناهضوه، فوثب أبو جهل يريد أن يأخذ بمجمع ثوبه، فدفعت في صدره فوقع على استه، ودفع أبو بكر أمية بن خلف، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط، ثم انفرجوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف ثم قال لهم: «أمَا وَالله لا تَنْتَهُونَ حَتَّى يَحِلَّ عِقَابُه عَاجِلاً» .
قال عثمان: فوالله ما منهم رجل إلا وقد أخذه الخوف وجعل يرتعد، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بِئْسَ القَوْمُ أنْتُم لنَبِيِّكُم» .
ثم انصرف إلى بيته وتبعناه حتى انتهى إلى باب بيته، فوقف على السدة، ثم أقبل علينا بوجهه ثم قال: «أبْشِروا، فَإنَّ اللَّهَ عزَّ وَجَلَّ مُظْهرٌ دِيْنَه ومُتَمِّمٌ كَلِمَتَه ونَاصِرٌ نَبِيَّه، إنَّ هَؤلاء الذين تَرَوْنَ مِمَّا يَذْبَحُ اللَّهُ بأيْدِيكُم عَاجِلاً» . ثم انصرفنا إلى بيوتنا.
فوالله لقد رأيتهم قد ذبحهم الله عزّ وجلّ بأيدينا
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال لي الزبير بن العوام: لقد رأيتُ اليوم عَجباً

رأيت نفراً من المشركين جلوساً حول الكعبة ورئيسهم أبو جهل بن هشام، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يتآمرون بمناهضته، فوقف عليهم وقال: «قُبِّحْتُم وقُبِّح صَاحِبُكُم» . فكأنهم خرسوا ما فيهم أحد يتكلم ولا يقوم.

ولقد نظرت إلى أخبثهم وأنجسهم وهو يعدو في أثره يعتذر إليه ويقول: كف عنا ونكف عنك.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا أكُفُّ عنْكَ حتَّى تُؤْمِنَ بِالله أوْ أقْتُلُكَ» .
قال: وأنت تقدر على قتلي؟
قال: «اللَّهُ يَقْتُلُكَ ويَقْتُلُ هَؤلاءِ» .
فانصرف أبو جهل وأولئك منكسرين.
عن عروة بن الزبير قال: قلت لعبدالله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشدّ شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة، إذ أقبل عُقْبة بن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، وقد جاءكم البينات من ربكم؟
عن عبدالله قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش غير يوم واحد.
فإنه كان يصلي ورهطٌ من قريش جلوس، وسلا جزور قريب منه، فقالوا: مَنْ يأخذ هذا السلا فيلقيه على ظهره.
قال: فقال عقبة بن أبي معيص: أنا. فأخذه فألقاه على ظهره، فلم يزل ساجداً حتى جاءت فاطمة فأخذته عن ظهره.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ عليْكَ المَلأَ من قُرَيْشٍ، اللهُمَّ عَليْكَ بِعُقْبَةَ، اللهُمَّ عَليْكَ بِشَيْبَةَ، اللهُمَّ عَليْكَ بِأبِي جَهْلٍ بْنِ هِشَامٍ، اللهُمَّ عَليْكَ بِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، اللهُمَّ عَلَيْكَ بأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ أَوْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ» .

قال عبدالله: فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر جميعاً ثم سحبوا إلى القليب، غير أبيّ أو أمية فإنه كان رجلاً ضخماً فتقطع.
عن ابن إسحاق: لما أجمع المشركون على خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه عمه أبو طالب، فمشى جماعة من أشرافهم كعقبة، وشيبة، وأبي جهل إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفَّه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيه.
فقال لهم أبو طالب قولاً رقيقاً، وردهم رداً جميلاً فانصرفوا.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، فَشَرِي الأمرُ بينه وبينهم، فحضَّ بعضهم بعضاً عليه، ثم عادوا إلى أبي طالب فقالوا: لا نصبر على هذا.
فقال له: يا ابن أخي، إنّ قومك قد جاؤوني وقالوا كذا وكذا، فلا تحمِّلني من الأمر ما لا أطيق.
فقال: «يَا عَمَّاهُ، والله لَو وَضَعُوا الشَّمْسَ في يَمِينِّي وَالقَمَرَ فِي يَسَارِي عَلَى أنْ أَتْرُكَ هذا الأمْرُ مَا تَرَكْتُه حتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ أو أهْلَكَ فِيه» .

ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام، فلما ولَّى ناداه أبو طالب: أقبل إليَّ يا ابن أخي. فأقبل.
فقال: اذهب فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً.
فبدأت الحرب، ووثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم، وقام أبو طالب في بني هاشم وبني المطلب فدعاهم إلى المنع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانوا إذا صلوا ذهبوا إلى الشعاب يستخفون من قومهم فقاتلوهم، فضرب سعد ابن أبي وقاص رجلاً من المشركين بلَحْي جمل فشجه.
فكان أول دم أريق في الإِسلام.
عن ابن عباس قال: مرض أبو طالب، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، وعند رأسه مقعد رجل، فقام أبو جهل وقعد فيه.
قالوا: إن ابن أخيك يقع في آلهتنا.
قال: ما شأن قومك يشكونك؟

قال: «يَا عَمِّ، أرَدْتُهُم عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَدِينُ لَهُم العَرَبُ، ويَؤدِّي العَجَمُ إليْهِم الجِزْيَةَ» .
قال: ما هي؟
قال: «لاَ اله إلاَّ اللَّهُ» .
فقالوا: أجعل الآلهة إلهاً واحداً.
ونزل: {ص والقرآن ذِي الذكر} فقرأ حتى بلغ {ص? وَالْقُرْءَانِ ذِى الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ * كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ * وَعَجِبُو?اْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَاذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الأٌّلِهَةَ الهاً وَاحِداً إِنَّ هَاذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ * وَانطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَى ءَالِهَتِكُمْ إِنَّ هَاذَا لَشَىْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَاذَا فِى الْمِلَّةِ الأٌّخِرَةِ إِنْ هَاذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ * أَءَنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بْل هُمْ فَى شَكٍّ مِّن ذِكْرِى بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ * أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ * أَمْ لَهُم مٌّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأٌّرْضِ وَمَا بَيَنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى الأٌّسْبَابِ * جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الأٌّحَزَابِ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو الأٌّوْتَادِ * وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لئَيْكَةِ أُوْلَائِكَ الأٌّحْزَابُ * إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرٌّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ *

وَمَا يَنظُرُ هؤلاء إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ * وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ * اصْبِر عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأٌّيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِىِّ وَالإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَءَاتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ * وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَآ إِلَى سَوَآءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَآ أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِى نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الْخُلَطَآءِ لَيَبْغِى? بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَالِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَئَابٍ * يادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الأٌّرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الْحِسَابِ * وَمَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَالأٌّرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَالِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الأٌّرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ * كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُو?اْ ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الأٌّلْبَابِ * وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِىِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّى? أَحْبَبْتُ
حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِى حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَىَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأٌّعْنَاقِ * وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكاً لاَّ يَنبَغِى لأًّحَدٍ مِّن بَعْدِى? إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ * وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى الأٌّصْفَادِ * هَاذَا عَطَآؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَئَابٍ * وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَاذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لاٌّوْلِى الأٌّلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * وَاذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الأٌّيْدِى وَالأٌّبْصَارِ * إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأٌّخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأٌّخْيَارِ * هَاذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَئَابٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأٌّبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَاذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ * إِنَّ هَاذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ * هَاذَا وَإِنَّ
لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَئَابٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَاذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ * قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَاذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى النَّارِ * وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ الأٌّشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ * إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ * قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ اله إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأٌّرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ * قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِىَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمََلإِ الأٌّعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِن يُوحَى إِلَىَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّى خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ ياإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى? إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى? إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى
يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لائغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لأّمْلأّنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ * قُلْ مَآ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ }(ص: 1، 5).

الباب العشرون
في ذكر ما روي عن إيمان أكثم بن صيفي برسول الله صلى الله عليه وسلم: لمَّا بلغه خروجه
عن ابن عمير قال: بلغ أكثم بن صيفي مَخْرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يأتيه فأبى قومه أن يَدَعوه، فقال: مَنْ يبلِّغه عني ويبلغني عنه؟
فانتدب رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفي، وهو يسألك، مَنْ أنت، وما أنت، وبم جئت؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنَا محَمَّدُ بنُ عَبْدِالله، وأَنَا عَبْدُ الله وَرَسُولُه» ثم تلا عليهما {س16ش90إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإْحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
(النحل: 90)
الآية.
فقالا: ردَّ علينا هذا القول. فرده عليهم حتى حفظوه.
وأتيا أكثم فقالا: سألناه عن نسبه، فوجدناه واسط النسب في مضر، وقد رمى إلينا كلمات. فلما سمعهن أكثم قال: يا قوم، أراه يأمر بمكارمِ الأخلاق، وينهى عن ملائمها، فكونوا في الأمر رؤوساً، ولا تكونوا أذناباً، وكونوا فيه أولاً، ولا تكونوا آخراً. فلم يلبث أن حضرته الوفاة.
فقال أكثم: ويلٌ للشجيِّ من الخلِّي، يا لَهْف نفسي على أمر لم أدركه ولم يَفُتْني، ما آسَى عليك بل على العامة، يا مالك، إن الحق إذا قام دفع الباطل.

فتبعه مائة نفس، وخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان في بعض الطريق عمد حُبيش إلى رواحلهم، فنحرها وشقَّ ما كان معهم من مزادة وهرب، فجهد أكثمَ العطشُ، فمات وأوصى مَنْ معه باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهدهم أنه أسلم.
فأنزل فيه: {س4ش100وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِى الأٌّرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }
(النساء: 100)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الخامس عشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثالث عشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الرابع عشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء السادس عشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قرية اخطاب  :: اسلاميات-
انتقل الى: