منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى قرية اخطاب

ايد واحدة نبنى بلدنا
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول
أخــطـابُ يـا قـلعةً للنـورِ زاهـرةً فيك العفافُ ومنك الطهرُ والأدبُ لو لم أكن فيك يا أخطابُ مولودًا لبحثْتُ عنكِ كما أوصت بكِ الكتبُ الناسُ حيرى بعيدًا عنكِ يا أملى حــتى إذا مـا أتـوْكِ فـاتَهُـم تـَعَــبُ أهلُ الفضائلِ فى أنحائِك اجتهدوا كى يُسعدوا كــلّ مُـحتاجٍ لهُ طـلـبُ كلّ المكارمِ والأخلاقِ قد جـمعتْ مجدَ الفراعين حتى جاءكِ الـعـربُ دوماً أتيهُ عـلى مـرّ الـزمـانِ بكِ أفضالكِ الغرّ قدْ هامتْ بها السحبُ الشمسُ والنجمُ والأقمارُ ظلّ لها من أهـلـكِ الصـالحينَ دائماً نسـبُ أخـطـابُ أنتِ التى فى قلبنا أبـداً أنتِ التى فى شغافِ القلبِ تحتجبُ حبّ البـلادِ التى عاشتْ بداخـلِنا فرضٌ على من إلى الأخلاقِ ينتسبُ
المواضيع الأخيرة
» ارقى مناطق التجمع الخامس بمنطقة اللوتس الجنوبية
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالثلاثاء مايو 06, 2014 11:10 pm من طرف رحاب صلاح

» شراء شات صوتي و يدعم ايضا الكاميرات-شراء دردشة صوتيه-شراء دردشة كامات
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:19 am من طرف رحاب صلاح

» هل موقعك الالكتروني يتوقف دائما؟ هنا الحل www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:16 am من طرف رحاب صلاح

» معلومات تهمك عن التجمع الخامس
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:14 am من طرف رحاب صلاح

» استضافة لينوكس أو استضافة الويندوز : تعلم كيفية اختيار الاستضافة المناسبة لك
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:49 am من طرف رحاب صلاح

» منتج الدردشة الأفضل والأقوى في العالم تفضلوا بالدخول وقراءة هذا الموضوع
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:47 am من طرف رحاب صلاح

» اسعار التمليك والمفروش في المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:44 am من طرف رحاب صلاح

» احمي موقعك وزوارك من الهاكر وسمعة موقعك على محركات البحث www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:20 pm من طرف رحاب صلاح

» طريقة شراء 123 شات فلاش من أي مكان في العالم
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:19 pm من طرف رحاب صلاح

» افخم مناطق المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:17 pm من طرف رحاب صلاح

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 61 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 61 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 285 بتاريخ الخميس أكتوبر 10, 2024 3:31 pm
عداد الزوار
تصويت

 

 كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الرحمن حسن

عبد الرحمن حسن


عدد المساهمات : 56
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/03/2011

كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى   كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى Emptyالخميس يوليو 28, 2011 5:20 am


[b]الباب الخامس
في إعلام كعب بن لؤي بن كعب بن غالب ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان يسمع من أهل الكتاب

عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان كعب بن لُؤيّ بن غالب بن فهْر بن مالك، يجمع قومه يوم الجمعة، وكانت قريش تسمي الجمعة: «عَرُوبة»، فيخطبهم فيقول: أما بعد، فاسمعوا وتعلَّموا، وافهموا واعلموا، ليلٌ ساجٍ ونهار ضاح، والأرض مهادٌ، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام والأولون كالآخرين، والأنثى والذَّكر، والزوج وما يهيج إلى بلىً صائرون. فصلوا أرحامكم، واحفظوا أصهاركم، وثمِّروا أموالكم.
فهل رأيتم منْ هالك رَجَع، أو ميت نُشر؟ الدار أمامَكم، والظنُّ غير ما تقولون، حرَمَكم زينوه وعظموه وتمسَّكوا به، فسيأتي له نبأ عظيم وسيخرج منه نبي كريم. ثم يقول:
نهارٌ وليلٌ كلَّ أوْبٍ بحادثٍ
سواءٌ علينا ليلُها ونهارُها
يؤوبان بالأحداث حين تأوَّبا
وبالنِّعم الضافي علينا ستورُها

على غفلةٍ يأتي النبيُّ محمدٌ
فيُخْبر أخباراً صَدُوقٌ خبيرها
ثم يقول: والله لو كنتُ فيها ذا سمْع وبصر ويد ورجل لتنصَّبْتُ فيها تَنصُّبَ الجمَل، ولأرْقلْت فيها إرقال الفحل.
يا ليتني شاهد فحواء دَعْوته
حينَ العشيرة تَبْغي الحقَّ خُذْلانا
وكان بين موت كعب بن لؤي وبين مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وستون سنة.

الباب السادس
في ذكر منام رآه نَصْرُ بن ربيعة اللَّخْمي يدل على وجود نبينا صلى الله عليه وسلم
قال أهل السَّير:
رأى نَصْرُ بن ربيعة رؤيا هالته ، فلم يدَعْ كاهناً ولا منجِّماً إلا جمعه إليه ، وقال لهم: إني رأيت رؤيا هالَتْني ، فأخبروني بتأويلها .
فقالوا: اقصُصْها علينا.
فقال: إنه لا يَعْرف تأويلها إلا من عَرَفها قَبْل أن أخبره بها.
قالوا: فإن كنت تريد ذلك فابعث إلى سَطيح وشقَ. وهما اسم كاهنين.
فبعث إليهما فقدم سطيح فقال (له): إني رأيت رؤيا هالتني فإن أصبتها أصبتَ تأويلها.
فقال: رأيت حُمَمَةً خرجت من ظُلمة، فوقعت بأرضٍ تَهِمة فأكلت منها كلَّ ذات جُمْجمة.
فقال الملك: ما أخطأتَ منها شيئاً يا سطيح، فما عندك فيها؟
قال: أحلف بما بين الحَرَّتين من حَنش، لتهبطن أرضكم الحَبَش، فليملكن ما بين أبْين إلى جُرَش،
فقال له الملك: وأبيك إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو؟ أفي زماني أم بعده؟
قال: لا، بل بعده بحين، الحينُ من ستين إلى سبعين.
قال: فهل يدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟
قال: لا بل ينقطع لبضع وتسعين يمضين من السنين، ثم يخرجون منها هاربين.
قال: ومن يلي ذلك؟
قال: إرم ذي يزن، يخرج عليهم من عَدن، فلا يترك أحداً منهم باليمن.
قال: أفيدوم ذلك؟
قال: لا بل ينقطع.
قال: ومن يقطعه.
قال: نبيٌّ زكي، يأتيه الوحي من (قِبَل) العليِّ.
قال: ومن هذا النبي؟
قال: رجل منْ ولد غالب بن فهر بن مالك بن النَّضْر، يكون المُلك في قومه إلى آخر الدهر.
قال: وهل للدهر من آخر؟

قال: نعم، يوم يُجمع فيه الأولون والآخرون، ويسْعد فيه المحسنون ويشقى به المسيئون.
قال: أحق ما تخبرني به؟
قال: نعم، والشَّفق، والغسق، والفلق، إن ما أنبأتك به لحق.
فلما فرغ قدم شقٌّ فقال له: إني رأيت رؤيا فأخبرني بها. فأخبره كما قال سطيح، وأخبره بتقلب الممالك على نحو ما قال سطيح، إلى أن قال:
ثم يأتي رسولٌ يأتي بالحق والعدل، يكون المُلك في قومه إلى يوم الفصْل.
قال: وما يوم الفصْل؟
قال: يوم تجزى فيه الولادة، ويجمع الناس للميقات.

الباب السابع: في ذكر نسَب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
هو: محمد، بن عبدالله، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قُصي ، بن كلاب، بن مُرَّة ، بن كعب ، بن لؤيّ ، بن فهر، بن مالك ، بن النَّضر، بن كنانة ، بن خزيمة ، بنُ مُدْركة ، بن الياس، بن مُضر، بن نزار، بن مَعد، بن عدنان.
ولا يختلف النسابون إلى: عدنان.
ثم يختلفون فيما بعده، فبعضهم يقول: عدنان بن أدّ، بن الهميسع، بن حمل بن قيدار، ابن إسماعيل بن إبراهيم.
وبعضهم يقول: عدنان من غير ذكر: أد بن أدد.
وفي حديث أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عدْنانُ بنُ أُدَدِ بنِ لُؤيِّ بنِ أعْرَاقِ الثَّرَى» .
قالت أم سلمة: فزيد هو: الهميسع. ويرى هو: نبْت. وأعراق الثرى هو: إسماعيل. كذلك حكى الزبير بن بكار.
وحكى أيضاً أن أعراق الثرى: إبراهيم، لأنهم لما رأوه لم يحترق بالنار قالوا: ما هو إلا أعراق الثرى.
وهكذا ضبط لنا زيد. وقد حدَّثنا عن أبي أحمد العسكري أنه قال: إنما هو زيد مثل اسم أبي دلامة.
عن عروة قال: ما وجدنا أحداً يعرف ما وراء عدنان.
وقال ابن أبي خيثمة:
ما وجدنا في علم عالِم ولا شعْر شاعر أحداً يعرف ما وراء معدِّ بن عدنان بثَبت.

الباب الثامن : في ذكر طهارة آبائه وشرفهم
عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِن وَلَدِ إبْرَاهِيم إسْمَاعِيْلُ، واصْطَفَى منْ بَنِي إسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، واصْطَفَى مِن بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، واصْطَفَى من قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِم، واصْطَفَانِي من بَنِي هَاشِم» .
انفرد بإخراجه مسلم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«قَالَ جِبْرِيْلَ: قَلَبْتُ مَشَارِقَ الأرْضِ ومغَارِبَهَا فَلَمْ أَجِدْ رَجُلاً أفْضَلَ مِن مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وقَلَبْتُ مَشَارِقَ الأرْضِ ومَغَارِبَهَا فَلَمْ أَجِدْ بَيْتًا أفْضَلَ من بَيْتِ بَنِي هَاشِمٍ» .
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«بُعِثْتُ من خَيْرِ قُرونِ بَنِي آدَمَ قَرْنَاً فَقَرْناً، حَتَّى بُعِثْتُ منَ القَرْنِ الذي كُنْتُ فِيه» .
عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله، إن قريشاً جلسوا فتذاكروا أحسابهم، فجعلوك مثل نخلة تنبت في كَبْوة من الأرض.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ عزَّ وجَلَّ يومَ خَلَقَ الخَلْقَ جَعَلَنِي في خَيْرِهِم، ثمَّ حينَ فَرَقَهُم جَعَلَني في خَيْرِ الفَرِيقَيْن، ثمَّ حِينَ جَعَلَ القَبَائِلَ جَعَلَنِي في خَيرِ قَبِيْلَةٍ، ثمَّ حينَ جَعَلَ البُيوتَ جَعَلَنِي من خَيرِ بيُوتِهم، فأَنا خَيْرُهُم بَيْتاً وخَيْرُهُم نَفْسًا» .
وقال ربيعة: إن ناساً من الأنصار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نسمع من قومك حين يقول القائل منهم: إنما مثل محمد مثل نخلة تنبت في كِبا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا إنَّ الله خَلَقَ خَلْقَهُ، ثُمَّ فَرقَهَمَ فِرْقَتَين، فَجَعَلنِي من خَيرِ الفَريقَين، ثمَّ جَعَلَهُم قَبَائِلَ فَجَعَلِني في خَيرِهِم قَبيِلةً، فأنا خيرُكمُ بيَتْاً وخيَرُكم نَفسَاً» .
الكبا: مقصور، وهو الكناسة.
قال الأصمعي: فإذا مدَّ فهو البحر.
قال شَمّر: ولم يسمع الكبوة.

الباب التاسع : في بيان أن جميع العرب ولدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس قال: لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة، فنزلت: {س42ش23ذَلِكَ الَّذِى يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }
(الشورى: 23)
أي: إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم.
وقال الشعبي: أكثر الناسُ علينا في هذه الآية: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} .
أي: إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم.
فكتبت إلى ابن عباس، فكتب ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واسط النسب في قريش، لم يكن حيٌّ من أحياء قريش إلا وقد ولدوه، فقال الله تعالى: { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القُرْبى} .
أي: تودُّوا قرابتي منكم وتحفظوني في ذلك.
عن ابن عباس في قوله تعالى: {س9ش128لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }(التوبة: 128)

قال: ليس من العرب قبيلة إلا ولدت النبي صلى الله عليه وسلم مضريَّها، وربيعيَّها، ويمانيَّها.

الباب العاشر: في قوله عليه السلام: «وُلدْتُ مِن نِكَاحٍ لا مِن سِفَاحٍ»
عن علي بن أبي طالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خَرَجْتُ من نِكَاحٍ، ولمْ أخْرُجْ مِن سِفَاحٍ، من لَدُنْ آدَمَ إلى أنْ وَلَدَنِي أبِي وأُمِيّ، ولمْ يُصِبْنِي مِن سِفَاحِ الجَاهِلِيَّةِ شَيْءٌ» .

عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَمْ يَلْتَقِ أبَوَايَ قَطُّ عَلى سِفَاحٍ، لمْ يَزَل اللَّهُ يَنْقُلُنِي من الأصْلابِ الطَّيِّبَةِ إلى الأرْحَامِ الطَّاهِرَةِ مُصَفَّى مُهَذَّباً، ولا تتَشَعَّبُ شُعْبَتَانِ إلا كُنتُ في خَيرِهِما» .

الباب الحادي عشر: في ذكر منام رآه عبد المطلب يدل على وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال عبد المطلب: بينا أنا نائم في الحجر رأيت رؤيا هالتني، ففزعت منها فزعاً شديداً، فأتيت كاهنة قريش وعليَّ مطرف خزَ وجَمتي تضرب منكبي.
فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير، وأنا يومئذ سيد قومي فقالت: ما بال سيدنا قد أتانا متغير اللون؟ هل رابه من حدثان الدهر شيء؟
فقلت لها: بلى، وكان لا يكلمها أحد من الناس حتى يقبل يدها اليمنى، ثم يضع يدها على أم رأسه، ثم يبدو بحاجته، ولم أفعل لأني كنت كبير قومي.
فجلست فقلت: إني رأيت الليلة وأنا نائم كأن شجرة نبتت، قد نال رأسُها السماء، فضربت بأغصانها المشرق والمغرب وما رأيت نوراً أزهر منها، أعظم من نور الشمس بتسعين ضعفاً. ورأيت العرب والعجم ساجدين لها، وهي تزداد كل ساعة عظماً ونوراً وارتفاعاً، ساعة تخفى وساعة تزهر، ورأيت رهطاً من قريش قد تعلقوا بأغصانها، ورأيت قوماً من قريش يريدون قطعها، فإذا دنوا منها أخَّرهم شاب، لم أر قط أحسن منه وجهاً ولا أطيب منه ريحاً، فيكسر أظهرهم ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لأتناول منها قسماً فقال لي: لا نصيب لك فيها.
فقلت: ومن له نصيب؟
فقال: النصيب لها وللذين تعلقوا بها وسبقوك إليها. فانتبهت فزعاً مرعوباً.
فرأيت وجه الكاهنة قد تغير، ثم قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك المشرق والمغرب وتدين له الناس.
ثم قالت لأبي طالب: لعلك أن تكون عم هذا المولود.

فكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث، والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج ويقول: كانت الشجرة والله أعلم أبا القاسم الأمين.
فيقال له: ألا تؤمن به؟
فيقول: السبة والعار

الباب الثاني عشر
في ذكر منام رآه خالد بن سعيد بن العاص يدل على رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن خالد بن سعيد: قال: كنت ذات ليلة نائماً قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: رأيت كأنه غشيت مكة ظلمة حتى لا يبصر امرؤ كفَّه فبينا هو كذلك إذ خرج نور (من زمزم)، ثم علا في السماء فأضاء في البيت، ثم أضاءت مكة كلها، ثم إلى نخل يثرب فأضاء بها حتى كأني أنظر البُسر في النخل، فاستيقظت فقصصتها على أخي عمرو بن سعيد وكان جَزل الرأي، فقال: يا أخي إن هذا الأمر يكون في بني عبد المطلب، ألا ترى أنه خرج من حفيرة أبيهم.
قال خالد: فإنه لمِمَّا هداني الله (به) للإسلام. قالت أم خالد: فأول من أسلم ابني. وذلك أنه ذكر رؤياه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«يا خالد أنا والله ذلك النور، وأنا رسول الله» .
فقص عليه ما بعثه الله به، فأسلم خالد وأسلم عمرو بعده.

الباب الثالث عشر
في ذكر منام رآه عمرو بن مرة يدل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن عمرو بن مُرة الجهني: أنه كان يحدث قال: خرجت حاجَّاً في جماعة من قومي في الجاهلية، فرأيت في المنام وأنا بمكة نوراً ساطعاً خرج من الكعبة حتى أضاء لي من الكعبة إلى جبل يثرب وأشعر جهينة، فسمعت صوتاً في النور وهو يقول: انقشعت الظلماء وسطع الضياء، وبعث خاتم الأنبياء.
ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن، فسمعت صوتاً في النور وهو يقول: ظهر الإِسلام، وكسرت الأصنام، ووصلت الأرحام.
فانتبهت فزعاً، فقلت لقومي: والله ليحدثن في هذا الحي من قريش حدث. وأخبرتهم بما رأيت.

فلما انتهينا إلى بلادنا جاءنا الخبر أن رجلاً يقال له: أحمد قد بعث.
فخرجت حتى أتيته، فأخبرته بما رأيت فقال لي: «يَا عَمْروَ بنَ مُرَّة، أنا النَّبِيُّ المُرْسَلُ إلى العِبَادِ كَافَّةٍ، أدْعوهُم إلى الإِسْلامِ، وآمُرُهُم بِحَقْنِ الدِّمَاءِ، وصِلَةِ الأرْحَامِ وعِبَادَةِ الله، ورَفْضِ الأصْنَامِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرٌ من اثنَي عَشَرَ شَهْراً، فَمَنْ أجَابَ دَخَلَ الجَنَّةَ ومَن عَصَى فلهُ النَّارُ، فَآمِنْ بالله يا عَمْروَ بنَ مُرَّةَ يُؤَمِّنُكَ اللَّهُ من هَوْلِ جَهَنَّمَ» .
فقلت: يا رسول الله، آمنتُ بكل ما جئت به من حلال وحرام، وإن أرغم ذلك كثيراً من الأقوام.
ثم أنشدته أبياتاً قلتها حين سمعت به، وكان لنا صنم وكان أبي سادنا له فقمت إليه فكسرته ثم لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم:
شهدتُ بأن الله حقٌّ وأنني
لآلهة الأحجار أول تاركِ
وشمَّرت عن ساقي الإِزارَ مهاجراً
أجوب إليك الدَّعثَ بعد الدَّكادكِ
لأصحب خير الناس نفساً ووالداً
رسول مليك الناس فوق الحبائكِ
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَرْحَبًا بِكَ يَا عَمْروَ بنَ مُرَّة» .
فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، ابعث بي إلى قومي لعل الله عزّ وجلّ يمنُّ عليهم بي كما منَّ بك علي.
فبعثني إليهم وقال: «عَلَيْكَ بالرِّفْقِ والقَوْلِ السَّدِيدِ، ولا تَكُ فَظًّا ولا مُتَكَبِّرًا وَلا حَسوداً» .

فأتيت قومي، فقلت: يا بني رفاعة، بل يا معاشر جهينة إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، أدعوكم إلى الجنة وأحذركم النار، وآمركم بحقن الدماء، وصلة الأرحام وعبادة الله، ورفض الأصنام، وحج البيت، وصيام شهر رمضان شهر من اثني عشر شهراً، فمن أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار. يا معشر جهينة إن الله وله الحمد جعلكم خيار من أنتم منه، وبغض إليكم في الجاهلية ما حبب إلى غيركم من العرب، كانوا يجمعون بين الأختين، ويخلف الرجل على امرأة أبيه، والغَزَاة في الشهر الحرام، فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب، تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة وسارعوا في ذلك تكن لكم فضيلة عند الله عزّ وجلّ.
فأجابوا إلا رجلاً منهم، فقام فقال: يا عمرو بن مرة أمرَّ الله عيشك أتأمرنا أن نرفض آلهتنا ونفرق جماعتنا ونخالف دين آبائنا إلى ما يدعو إليه هذا القرشي من أهل تهامة؟ لا حباً ولا كرامة.
ثم أنشأ الخبيث يقول:
هذا ابن مرَّة قد أتى بمقالة
ليست مقالةَ من يريد صلاحا
إني لأحسب قوله وفعاله
يوماً، وإن طال الزمان رِياحَا
أنُسَفِّهُ الأشياخ فيمن قد مضى
من رام ذاك فلا أصاب فلاحا
فقال عمرو بن مرة: الكاذب بيني وبينك أمرَّ الله عيشه وأبكمَ لسانه وأكمه أسنانه.
قال عمرو: فوالله ما مات حتى سقط فوه، فكان لا يجد طعم الطعام، وعَمي وخرس.
فخرج عمرو بن مُرَّة ومن أسلم من قومه معه حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فرحب بهم وحياهم وكتب لهم كتاباً هذه نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتابُ أمانٍ من الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، بكتاب صادق وحق ناطق، مع عمرو بن مرة الجُهني: أجهينة بن زيد، إن لكم بطونَ الأرض وظهورها، وقِلاَع الأودية وسهولها، ترعَوْن نباته وتشربون صافِيه، على أن تُقرُّوا بالخُمس وتصلُّوا صلاة الخَمس، وفي التَّبعة والصريمةَ شاتان إذا اجتمعا وإن افترقا فشاة شاة ، ليس على أهل المِيرة صدقة ، والله يشهد على ما بيننا ومَنْ حضر من المسلمين.
فذلك حين يقول عمرو بن مُرَّة:
ألم تر أن الله أظْهَرَ دينه
وبَين بُرهان القُران لعامِر
كتابٌ من الرحمن نورٌ لجمعنا
وأخلافنا في كل بادٍ وحاضر
إلى خير من يمشي على الأرض كلها
وأفضلِهَا عند اعتكار الضرائر
أطَعْنَا رسول الله لمَّا تقطعت
بطون الأعادي بالظُّبا والخواصِر
فنحن قَبيلٌ قد بَنَى المجْدُ حوْلنا
إذا اجتلبت في الحرب هامُ الأكابر
بنو الحرب نَقْريها بأيدٍ طويلةٍ
وبيضٍ تلاَلاَ في أكفِّ المغاوِرِ
ترى حَوْله الأنصار يحْمون سربه
بسُمْر العوالي والصَّفاح البواتِر
إذا الحرب دارت عند كل عظيمة
ودارت رحاها بالليوث الهواصِرِ
تبلَّج منه اللونُ وازداد وجهُه
كمثل ضياء البَدْر بَيْنَ الهَواصر
وذكر ياسر بن سُويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجَّهه في خيل أو سَرية وامرأته حامل، فولد له مولود، فحملته أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، قد ولدت هذا المولود وأبوه في الخَيْل.

فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فأمَرَّ يده عليه وقال: «اللهُّم أكْثِرْ رجَالَهُم وأَقِلَّ نِسَاءَهُم ولا تَحوجَهُم، ولا تُرِ أحْدَاثَهُم خَصَاصَةً». ثم قال: «سَمِّيْه مُسْرِعاً فَهو إسْرَاعٌ فِي الإِسْلامِ» .

الباب الرابع عشر
في ذكر تزويج عبد المطلب وابنه عبدالله إلى بني زهرة

عن عبد المطلب: خرجتُ إلى اليمن في رحلتي الإِيلاف، فنزلت على رجل من اليهود يقرأ الزَّبُور، فقال: يا عبد المطلب أتأذن لي أن أنظر إلى بعض جسدك؟
قلت: نعم، ما لم يكن عورة.
فنظر في منخري، فقال: أجد في أحد منخريك مُلْكاً، وفي الآخر نُبَوَّة، فهل لك من شاعة؟
قلت: وما الشاعة؟
قال: الزوجة.
قلت: أمَّا اليوم فلا.
قال: فإذا قدمت مكة فتزوج.
فقدم عبد المطلب فتزوج هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، فولدت له حمزة وصفية.
ثم تزوج عبدالله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب فولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكانت قريش: تقول فلج عبدالله على أبيه.
وفي رواية أخرى أنه قال: وفي الآخر نبوة، وإنا نجد ذلك في بني زُهْرة، فإذا رجعت فتزوج فيهم.

الباب الخامس عشر
في ذكر عبدالله أبي نبينا صلى الله عليه وسلم

كان عبدالله وأبو طالب والزبير لأم واحدة، واسمها فاطمة بنت عمرو.
وكان عبد المطلب قد رأى في المنام قائلاً يقول له: احفر زمزم. ونعت له موضعها.
فقام يحفر، وليس له ولد يومئذ إلا الحارث، فنازعته قريش، فَنَذر لئن ولد له عشرة من الولد ثم بلغوا أن يمنعوه لينحرنَّ أحدهم لله عند الكعبة.
فلما تموا عشرة وعرف أنهم سيمنعونه أخبرهم بنذره، فأطاعوه وكتب كلٌّ منهم اسمه في قِدْح، وجمعها وأعطاها قيِّم هُبَل وقال: اضرب بقداح هؤلاء.
فخرج القدح على عبدالله، فأخذه وأخذ الشَّفرة ليذبحه، فقامت إليه قريش من أنديتها وقالوا: لا تفعل حتى تُعْذر فيه. فانطلق به إلى عَرَّافة.
فقالت له: كم الدية فيكم؟ قال عَشْر من الإِبل. قالت: قرِّبوا صاحبكم، وقربوا عشراً من الإِبل، ثم اضربوا عليه وعلى (الإِبل) القِدْحَ، فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإِبل حتى يرضى ربكم، فإذا خرجت على الإِبل فقد رضي ونجا صاحبكم.

فقرَّبوا عبدالله وعَشْراً، فخرجت على عبدالله، فزادوا عشراً فخرجت عليه، فزادوا فلم يزالوا كذلك حتى جعلوها مائة، فخرج القِدْح على الإِبل فنُحرت ثم تركت لا يُصَدُّ عنها إنسان ولا سَبُع.

الباب السادس عشر
في ذكر تزوُّج عبدالله آمنة بنت وَهب

لما نحرت الإِبل فداء لعبدالله مرَّ مع أبيه على أمِّ قتّال بنت نوفل بن أسد بن عبد العُزَّى، وهي أخت ورقة، فقالت: يا عبدالله أين تذهب؟
قال: مع أبي.
قالت: لك عندي مثل الإِبل التي نُحرت عنك وقَعْ عليَّ.
قال: إني مع أبي لا أستطيع فراقه.
فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهبَ بن عبد مناف بن زُهرة، فزوَّجه آمنة، فدخل عليها فوقع عليها مكانه. فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم خرج من عندها حتى أتى المرأة التي كانت عَرَضت عليه نفسها، قال لها: ما لك لا تعرضين عليَّ اليوم ما كنت عرضت عليّ بالأمس؟
قالت له: فارقك النورُ الذي كان معك بالأمس، فليس لي بك اليوم حاجة.
وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر وقرأ الكتب، وكان فيما أدرك أنه كائن في هذه الأمة نبيٌّ من ولد إسماعيل.
عن ابن عباس قال: لما خرج عبد المطلب بعبدالله ليزوجه مرَّ به على كاهنة يقال لها فاطمة بنت مر من أهل تبالة، قد قرأت الكتب فرأت على وجهه نوراً، فقالت: يا فتى، هل لك أن تقع عليَّ وأعطيك مائةً من الإِبل؟ فأنشأ يقول:
أما الحرامُ فالمماتُ دُونه
والحِلُّ لا حِلَّ فأسْتَبِينَه
فكيف بالأمر الذي تبغينه
ثم تركها ومضى.
عن أبي الفياض قال: مر عبدالله بامرأة من خثعم يقال لها فاطمة بنت مر، وكانت من أجمل النساء وأشبههن وأعفهن، وكانت قد قرأت الكتب، وكان شبان قريش يتحدثون إليها، فرأت نور النبوة في وجه عبدالله، فقالت: يا فتى مَنْ أنت؟ فأخبرها، قالت: فهل لك أن تقع علي وأعطيك مائة من الإِبل؟ فنظر إليها، وقال:
أما الحرامُ فالممات دونه
والحلّ لا حِلَّ فأستبينه

فكيف بالأمر الذي تَنْوينه
ثم مضى إلى امرأته آمنة بنت وهب فكان معها، ثم ذكر الخثعمية وجمالها وما عرضت عليه، فأقبل عليها فلم ير منها من الإِقبال عليه آخراً كما رآه منها أولاً، فقال: هل لك فيما قلت؟
فقالت: قد كان ذلك مرة فاليوم لا. فذهبت مثلاً.
وقالت: أي شيء صنعت بعدي؟
قال: وقعت على زوجتي آمنة بنت وهب.
قالت: إني والله لست بصاحبة ريبة، ولكنني رأيت نور النبوة في وجهك، فأردت أن يكون ذلك فيّ وأبَى الله أن يجعله إلا حيث جعله.
وبلغ شبابَ قريش ما عرضت على عبدالله بن عبد المطلب وتأبيِّه عنها، فذكروا ذلك لها فأنشأت تقول:

إني رأيت مَخيلةً بلغت
فتلألات بحناتم القطْرِ
فلمَاتُها نوراً يضيء له
ما حولهَ كإضاءة الفجِر
ورأيته شَرَفاً أبوءُ به
ما كلُّ قادحِ زِندِه يورِي
وقالت أيضاً:
بني هاشمٍ قد غادرت من أخيكمُ
أمينةُ إذ للباه يَعْتلجانِ
كما غادر المصباحُ بعدَ خُبُوِّه
فتائلَ قد مِيثَتْ له بدهان
وما كل ما يحوي الفتَى من تلاده
بحزمٍ ولا ما فاته لتوانِي
فأجملْ إذا طالبتَ أمراً فإنه
سيَكْفيكه جَدَّان يصْطرعان
ستكفيكه إما يَدٌ مُقْفعلَّة
وإما يَدٌ مبسوطةٌ ببنانِ
ولما قضت منه أمينةُ ما قضتْ
نَبَا بَصَري عنه وكَلَّ لساني

الباب السابع عشر
في ذكر ما جرى لآمنة في حملها برسول الله صلى الله عليه وسلم
عن عمة وهب بن ربيعة قالت: كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به آمنة بنت وهب كانت تقول: ما شعرتُ أني حملت به، ولا وجدت له ثقلاً كما تجد النساء، إلا أني أنكرت رفع حيضتي، فأتاني آت وأنا بين النائم واليقظان فقال: هل شعرت أنك حملت؟ فكأني أقول: ما أدري، فقال: إنك حملت بسيد هذه الأمة ونبيها. وذلك يوم الاثنين.
قالت: فكان ذلك مما يقَّن عندي الحملَ، ثم أمهلني حتى إذا دنت ولادتي أتاني ذلك الآتي فقال:

قولي: أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد.
قالت: كنت أقول ذلك فذكرت ذلك بلساني فقلن تعلقي حديداً في عضديك وفي عنقك.
قالت: ففعلت فلم يكن يترك (عليَّ) إلا أياماً فأجده قد (قطع) فكنت لا أتعلَّقه. ولقد قالت آمنة: لقد علقت به فما وجدت مشقة حتى وضعته. وأمرتْ أن تسميه أحمد.

الباب الثامن عشر
في ذكر وفاة عبدالله بن عبد المطلب
ولد عبدالله لأربع وعشرين سنة مضت من ملك كسرى أنو شروان، ثم تزوج آمنة، فلما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم توفي.
عن أيوب بن عبد الرحمن قال: خرج عبدالله بن عبد المطلب إلى الشام في عير من عيارات قريش يحملون تجارات، ففرغوا من تجارتهم ثم انصرفوا، فمروا بالمدينة، وعبدالله يومئذ مريض، فقال: أتخلَّف عند أخوالي بني عديّ بن النجار.
فأقام عندهم مريضاً شهراً، ومضى أصحابه فقدموا مكة.
فسألهم عبد المطلب عن عبدالله فقالوا: خلفناه عند أخواله وهو مريض.
فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث، فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة، وهو رجل من بني عدي بن النجار. فرجع فأخبر عبد المطلب فوجد عليه وَجْداً شديداً.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل يومئذ.
ولعبد الله يومَ توفي خمسٌ وعشرون سنة.
قال الواقدي: ترك عبدالله أمَّ أيمن وخمسة أجمال وقطعة غنم، فورث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قيل إن عبدالله توفي بعد ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصح.

الباب التاسع عشر
في ذكر مولد نبينا صلى الله عليه وسلم
ولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لعشر خلون من ربيع الأول عام الفيل.
وقيل: لليلتين خَلَتا منه.
وقيل: لاثنتي عشرة ليلة.
وقال ابن عباس: ولد يوم الفيل.
وكان قدوم الفيل وهلاك أصحابه يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم وكان أول المحرم تلك السنة الجمعة، وذلك لمضي اثنتين وأربعين سنة من ملك كسرى أنو شروان.

وقيل: إنه ولد صلى الله عليه وسلم في الدار التي تعرف بدار محمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج.
وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وهبها لعقيل بن أبي طالب، فلم تزل في يد عقيل حتى توفي فباعها ولده من محمد بن يوسف، فبنى داره التي يقال لها دار ابن يوسف، وأدخل ذلك في الدار حتى أخرجته الخيزران وجعلته مسجداً يصلى فيه.
عن أبي قتادة: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين. فقال: «ذلكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيه وأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيه» .
انفرد بإخراجه مسلم.
قال ابن إسحاق: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين عام الفيل لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول .
وقد روي عن الزهري أنه قال: ولد بعد الفيل بعشر سنين ولا يصح.
وقال البرَاء: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الاثنين لثمان خَلَون من ربيع الأول يوم العشر من نيسان.
وقال حسان بن ثابت: إني لغلام يفَعة ابن سبع سنين أو ثمان سنين، إذا يهودي بيثرب يصرخ ذات غداة: يا معشر يهود. فلما اجتمعوا قالوا: ما لك ويلك؟ قال: قد طلع نجم أحمد الذي يولد به هذه الليلة.
قال: فأدركه اليهودي فلم يؤمن
عن حسان أيضاً قال: إني لعلى فارع وهو أُطُم، في السَّحر؛ إذ سمعت صوتاً لم أسمع قط صوتاً أنفَذَ منه، فإذا يهودي على أطم من آطام المدينة معه شعلة من نار، فاجتمع الناس إليه فقالوا: ما لك ويلك فقال: هذا كوكب أحمد قد طلع، هذا كوكب لا يطلع إلا بالنبوة، ولم يبق من الأنبياء إلا أحمد.
فجعل الناس يضحكون منه ويعجبون لما يأتي به.

الباب العشرون
في قصة الفيل
قال علماء السير: بنَى أبرهة كنيسةً لم يُرَ مثلها وقال: لست بُمُنْتَه حتى أصرف إليها حجاج العرب.
فلما عرفت العرب ذلك خرج منهم رجل فأحدث فيها.
فغضب أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت فيهدمه.

فخرج ومعه الفيل، فلما انتهى إلى مكة نهبها وقال لبعض أصحابه سَلْ عن سيد أهل مكة، وقل له: إنّا لم نَأتِ لحربكم، إنما جئنا لهدم هذا البيت.
فدُلَّ على عبد المطلب، فأخبره ما قال، فقال: والله ما نريد حَرْبه وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم، وإن يمنعه فهو بيته.
ثم حُمِل إليه فأكرمه وأجلَّه وقال: حاجتك؟
قال: أن تردَّ عليّ مائتي بعير أصبتها لي.
فقال لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم زهدْت فيك حين كلمتني أتكلمني في مائتي بعير وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه؟
فقال: أنا رب الإِبل، وإن للبيت رباً سيمنعه.
وخرج عبد المطلب إلى قريش فأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في الجبال والشعاب تخوفاً عليهم من معَرَّة الجيش. ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقال:
يا ربِّ لا أرجو لهم سِوَاكا
يا رب وامنع منهمُ حِمَاكَا
إن عدوَّ البيت من عاداكا
امنعهمُ أن يُخْربوا فِناكا
وقال أيضاً:
لا هُمّ إن المرء يمنْعُ رَحْـ
ـله وحِلاَله فامنع حِلاَلكْ
لا يَغْلبنَّ صَليبهُم
ومِحَالهم غَدْواً مِحَالك
جَرّوا جموعَ بلادهم
والفيلَ كي يَسْبُوا عيالكْ
عمَدُوا حِمَاك بكيدهم
جهلاً وما رَقُبوا جَلاَلكْ
إن كنت تاركَهم وكعبتنا
فأمرٌ مَّا بَدَالك
ثم إن أبرهة تهيأ للدخول وهيأ الفيل، فأقبل نُفَيْل بن حبيب الخَثْعمي وقال بأذن الفيل وقال: ابرك محمود وارجع من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام. فبرك.
ومضى نُفَيل يشتدُّ في الجبل، فضربوا الفيل ليقوم فأبى، فوجهوه إلى اليمن فهرول؛ ووجهوه إلى مكة فبرك.
وأرسل الله تعالى طيراً أمثال الخطاطيف، مع كل طائر منهم ثلاثة أحجار يحملها، حجر في منقاره وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعدس لا يصيب أحداً إلا هلك.
فخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي جاؤوا منه. فهلكوا في كل سهل وجبل.

وأصيب أبرهة بداء في جسده، فسقطت أنامله فقدموا (به) صنعاء وهو مثل الفرخ، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه.

وولد في هذا العام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن قتيبة: وقد أجمع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل، وقد عايَنَ ذلك حكيمُ ابن حزام وحُوَيطب بن عبد العُزَّى وحسان بن ثابت، وكل هؤلاء عاشوا في الجاهلية ستين سنة، وفي الإِسلام ستين سنة وقالت الشعراء في ذلك عن عيان الأمر ومشاهدته.
منهم نُفَيل بن حبيب، وهو جاهلي وكانت الحبشة أخذته ليدلها على الطريق إلى مكة فهرب منهم بحيلة فقال:
ألا رُدِّي ركائبنا رُدَيْنَا
نَعِمْناكم على الهِجْران عَيْنَا
فإنك لو رأيت ولَنْ تَرَيْهِ
لدَى جَنْب المُحصَّب ما رأينا
جمدتُ الله إذ عاينتُ طيراً
وخفتُ حجارة تُلقَى علينا
وكلهمُ يُسَائِل عن نُفيل
كأن عَليَّ للحبشان دَيْنَا
وقال أمية بن أبي الصَّلت:
إن آياتِ ربِّنا بيناتٌ
ما يُمَاري فيهن إلا الكَفُورُ
حَبَس الفيلَ بالمغمِّس حتى
ظلَّ يَحْبُو كأنه مَعْقورُ
قالت عائشة رضي الله عنها: رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مُقْعدِين يستطعمان الناس.
قال ابن قتيبة: وفي أمر الفيل أنه بينة على الإِله المسخِّر للطير، وإنما فعل ذلك لنُصرة من ارتضاه وهَلَكة من سخط عليه، لا لنصرة قريش، فإنهم كانوا كفاراً لا كتاب لهم، والحبشة لهم كتاب.
فلا يخفى أن المراد بذلك محمد صلى الله عليه وسلم أنه الداعي إلى التوحيد.
عن عائشة أيضاً أنها قالت: رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس.

الباب الحادي والعشرون
في ذكر ما جرى عند وضع آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالت آمنة: لقد رأيت ليلة وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم نوراً أضاءت له قصور الشام حتى رأيتها.

وقالت آمنة أيضاً لما ضربها المخاض قالت: فجعلت أنظر إلى النجوم تدلى حتى قلت لتقعنَّ عليَّ.
فلما وضعته خرج منها نور أضاء له البيت والدار حتى جعلت لا ترى إلا نوراً.
وقالت الشَّفَّاء أم عبد الرحمن: لما ولدت آمنةُ محمداً صلى الله عليه وسلم ووقع على يدي استهل صارخاً فسمعت قائلاً يقول: رحمك ربك.
قالت الشَّفَّاء: فأضاء لي ما بين المشرق والمغرب حتى نظرت إلى بعض قصور الشام.
قالت: ثم اضطجعت فلم أنشب أن غشيني ظلمة ورعب وقشعريرة ثم أسفر لي عن يميني، فسمعت قائلاً يقول: أين ذهبت به؟
قال: ذهبتُ به إلى المغرب. ثم عاودني الرعب والظلمة والقشعريرة، ثم أسفر لي عن يساري فسمعت قائلاً يقول: أين ذهبت به؟
قال: ذهبت به إلى المشرق ولن يعود أبداً.
فلم يزل الحديث مني على بال حتى ابتعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم فكنت في أول الناس إسلاماً.
وقالت آمنة: ولدتهُ جاثياً على ركبتيه ينظر إلى السماء، ثم قبض قبضة من الأرض وأهوى ساجداً، وولد وقد قطعت سُرته، وكنت وضعت عليه إناءً فوجدت الإِناء قد انفلق عنه وهو يمصُّ إبهامه يشخب لبناً.
وكان بمكة رجل من اليهود حين ولد، فلما أصبح قال: يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود؟ قالوا: لا نعلمه.
قال: ولد الليلة نبي العرَب له شامَة بين منكبيه سوداء ظفراء فيها شعرات، فرجع القوم فسألوا أهليهم هل ولد لعبد المطلب الليلة ولد؟ قالوا: نعم. فأخبروا اليهودي فقال: ذهبت النبوة من بني إسرائيل.
عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَأَتْ أُمِّي كَأَنَّه خَرَجَ مِنْها نُورٌ أضَاءَتْ مِنه قُصُوْرُ الشَّامِ» .
عن عكرمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ولدته أمه وضعته تحت برمة فانفلقت عنه. قالت: فنظرت إليه فإذا هو قَد شَقَّ بصره ينظر إلى السماء.

وعن عمة وهب بن زَمعة قالت: لما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى عبد المطلب، فجاءه البشير وهو جالس في الحجْر معه ولده ورجال من قومه، فأخبروه أن آمنة ولدت غلاماً، فسُرَّ بذلك عبد المطلب، وقام هو ومن كان معه فدخل عليها فأخبرتْه بكل ما رأت وما قيل لها، وما أمرت به، فأخذه عبد المطلب فأدخله الكعبة، وقام عندها يدعو الله تعالى ويشكر ما أعطاه.

قال ابن واقد: فأخبرتُ أن عبد المطلب قال يومئذ:
الحمدُ لله الذي أعطاني
هذا الغلامَ الطيِّب الأرْدانِ
قد سادَ في المَهْد على الغلمانِ
أعيذه بالبيت ذي الأركانِ
حتى أراه بالغَ البنيان
أعيذه من شرِّ ذي شنآنِ
من حاسدٍ مضطرب العيان

وقال العباس: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مختوناً مسروراً، فأعجب جده عبد المطلب وقال: ليكونن لابني شأن. وكان له شأن.
عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم هتفت الجن على أبي قُبَيس على الحَجُون الذي بأصله المقبرة، وكانت قريش تبل فيه ثيابها فقال:
فأُقْسم ما أنثى من الناس أنجبَتْ
ولا ولدت أنثَى من الناس واحده
كما ولدت زُهْرية ذاتُ مَفْخَر
نَجِيَّة من لؤمِ القبائلِ ماجده
وقد وَلَدت خيرَ البرية أحمداً
فأكرم مولودٌ وأُكْرم والده

وقال الذي على أبي قبيس:
يا ساكني البطحاء لا تَغْلطوا
وميّزوا الأمرَ بفعلٍ مَضَى
إن بني زُهْرة مِنْ سِرّكم
في غابر الأمر وعنْد البُدَى
واحدةٌ منكم فهاتوا لنا
فيمن مضى في الناس أو من بقى
واحدةً من غيرهم مثلها
جنينُها مثلَ النبي التُّقِى

الباب الثاني والعشرون
في ولادته مسروراً مختوناً
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كَرَامَتي أَنّي وُلِدْتُ مَخْتوناً ولَمَ يَرَ أحَدٌ سَوْأتِي» .
فإن قيل: فلمَ لم يولد مطهَّر القلب من حظ الشيطان، حتى شُقَّ صدره وأخرج قلبه؟

قال ابن عَقِيل: لأن الله سبحانه أخفى أدْون التطهيريْن الذي جرت العادة أن تفعله القابلة والطبيب، وأظهر أشرَفهما وهو القلب، فأظهر آثار التجمل والعناية بالعصمة في طرقات الوحي.

الباب الثالث والعشرون
في ذكر الحوادث التي كانت ليلة ولادته
عن مخزوم بن هانىء، عن أبيه، وأتت له خمسون ومائة سنة، قال:
فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وغاضت بُحيرة ساوة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى الموبذان إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دِجلة وانتشرت في بلادها.
فلما أصبح كسرى أفزعه ما رأى فصبر عليه تشجُّعاً، ثم رأى أن لا يكتم ذلك عن وزرائه ومرَازبته.
فلبس تاجه، وقعد على سريره، وجمعهم إليه، فلما اجتمعوا عنده قال: أتدرون فيم بعثت إليكم؟
قالوا: لا، إلا أن يخبرنا الملك.
فبينا هم كذلك ورد عليهم كتاب بخمود النيران، فازداد غمًّا إلى غمِّه.
فقال المُوْبذَان: وأنا، أصْلَح الله الملك، قد رأيت في هذه الليلة (رؤيا). وقص عليه الرؤيا في الإِبل.
فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟
قال: حادث يكون من عند العرب.
فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر، أما بعد، فوجِّه إليَّ رجلاً عالماً بما أريد أن أسأله عنه.
فوجَّه إليه عبد المسيح بن عمرو بن حيَّان بن بُقَيْلة الغساني.
فلما قدم عليه قال له: هل عندك علم بما أريد أن أسألك عنه؟
قال: ليُخْبرْني الملك (عما أحبّ) فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلمه.
فأخبره بما رأى فقال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارفَ الشام يقال له سطِيح.
قال: فأته فاسأله عما سألتك عنه وائتني بجوابه.
فركب عبد المسيح راحلته حتى قدم على سطيح وقد أشْفى على الموت، فسلم عليه وحيَّاه فلم يَحرْ جواباً.
فأنشأ عبد المسيح يقول:
أَصُمَّ أم يسْمَع غِطْرِيفُ اليَمَنْ

أَمْ فَادَ فَازْلَمَّ به شَأْوُ العَنَنْ
يا فاصل الخُطَّةِ أعيتْ مَنْ وَمَنْ
أتاك شيخُ الحيِّ من آل سننْ
وأمه من آل ذئب بن حَجن
أبيضَ فضفاضَ الرداء والبدَن
رسول قيل العجم يسري للوسن
لا يَرهب الوغدَ ولا ريب الزمنْ
تجوب بي الأرض علنداةٌ شزن
ترفعني وجناً وتهوي بي وجَنْ
حتى أتى عاري الجآجي والقطنْ
تلفه في الريح بوْغاء الدِّمَنْ فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه وقال: عبد المسيح على جمل مشيح، أتى إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملكُ بني ساسان، لارتجاس الإِيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلاً صعاباً، تقود خيلاً عرَاباً، قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها.

يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وبُعث صاحبُ الهراوة، وفاض وادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليست الشام لسطيح بشام، يمْلك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.
ثم قضى سطيح مكانه.
فثار عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول:
شَمِّرْ فإنك ماضي الهم شِمِّيرُ
لا يفزعنك تفريقٌ وتغييرُ
إن يُمس مُلك بني ساسان أفْرطهم
فإن ذا الدهر أطوار دهاريرُ
فربمَّا ربما أضْحوا بمنزلةٍ
تهاب صولَهم الأسْد المهاصيرُ
منهم أخو الصَّرح بُهْرامٌ وإخوته
والهُرْمزان وسابورٌ وسابورُ
والناسُ أولاد علاَّت فمنْ علموا
أن قَدْ أَقَلَّ فمحقورٌ ومَهْجُورُ
وهم بنو الأم إما إن رأوا نشباً
فذاك بالغَيْبِ محفوظٌ ومنصورُ
والخيرُ والشرُّ مقرونان في قَرَنٍ
فالخيرُ متبَعٌ والشرُّ محذور
فلما قدِم عبدُ المسيح على كسرى أخبره بقول سَطِيح، فقال: إلى أن يَمْلك منا أربعة عشر قد كانت أمورٌ.
فملكَ منهم عشرةٌ أربعَ سنين، وملكَ الباقون إلى خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وكان سَطيح لحماً على وَضم، لم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والكفين، ويطْوى من ترقوته إلى رجليه كما يُطوى الثوب، ولم يكن منه شيء يتحرك إلا لسانه، وكان يُحْمَل على وضمة.

الباب الرابع والعشرون
في ذكر أمهات الحوادث في سِنيه صلى الله عليه وسلم
وكان من أعظم الحوادث في السنة الأولى من مولده انشقاقُ الإِيوان، وقصة الفيل، ويوم جَبَلة.
قال أبو عبيدة: أعظمُ آيات العرب يوم جَبَلة، وكان عام ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لعامرٍ وعَبْس على ذبيان وتميم.
وقد قال الرَّضِيّ:
فمِن إباء الأذى خَلَّت جماجمَها
على مَنَاصلها عَبْسٌ وذِبْيَانُ
1 وفي سنة سبع من مولده أصابه رمد شديد، فعولج بمكة فلم تغن عنه، فقيل لعبد المطلب: إن في ناحية عكاظ راهباً يعالج العين.
فركب إليه فناداه وديره مغلق فلم يجبْه، فتزلزل به ديره حتى خاف أن يسقط عليه فخرج مبادراً.
فقال: يا عبد المطلب إن هذا الغلام نبي هذه الأمة، ولو لم أخرج إليك لخَرَّ على دِيري، فارجع به واحفظه لا يغتاله بعضُ أهل الكتاب.
ثم عالجه وأعطاه ما يعالج به.
وألقى الله له المحبة في قلوب قومه وكل من يراه.
1 وفي سنة ثمان من مولده مات عبد المطلب وكفله أبو طالب، ومات كسرى أنو شروان وولِي ابنه هُرْمز.
1 وفي سنة عَشرٍ من مولده صلى الله عليه وسلم كان الفِجَار الأول.

فلما أتتْ له بضعُ عشرة سنة خرج في سَفَر مع عمه الزُّبير، فمرُّوا بوادٍ فيه فَحْل من الإِبل يمنع من يَجْتَاز، فأرادوا الانحراف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أكفيكموه، فدخل أمام الرّكب، فلما رآه البعير برك وحك الأرض بكَلْكلته، فنزل عن بعيره وركبه فسار حتى جاوز الوادي ثم خلَّى عنه. فلما رجعوا من سَفرهم مروا بواد مملوء ماء يتدفق، فوقفوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتبعوني. ثم اقتحمه واتبعوه فأيبسَ الله الماء. فلما وصلوا إلى مكة تحدثوا بذلك فقال الناس: إن لهذا الغلام لشأناً.
وكان يُفْرش لعبد المطلب في ظل الكعبة وبنوه يجلسون حوله، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جَفْر فيجلس في مكانه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه، فيقول: دعوا بُنيَّ فوالله إن له لشأناً.
1 وفي سنة أربع عشرة من مولده كان الفجار الآخر.
1 وفي سنة خمس عشرة من مولده قامت سوق عُكاظ.
1 وفي سنة تسع عشرة من مولده هلك هُرْمز بن كسرى وولِي ابنه أبرويز.
1 وفي سنة عشرين من مولده كان حِلف الفضول.
1 وفي سنة خمس وثلاثين من مولده هُدِمت الكعبة وبنيت.
1 فلما تمت له أربعون سنة نُبِّىء فجاءه الوحي.

1 وبعد عشرين يوماً من مبعثه رميت الشياطين بالشهب.
1 واستتر بالنبوة ثلاث سنين ثم نزل: {س15ش94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ }(الحجر: 94)
.
1 وكانت قريش لا تُنكر عليه حتى سَبَّ آلهتهم فآذَوْه وآذوا أصحابه.
1 فأمر أصحابَه في سنة خمس من النبوة بالهجرة إلى الحبشة.
1 وكانت وقعة بُعاث في سنة سبع من النبوة.
1 وفي سنة عشر من النبوة مات أبو طالب وماتت خديجة بعده بثلاثة أيام.
1 وفي سنة إحدى عشرة خرج يَعرْض نفسه على القبائل.
1 وفي سنة اثنتي عشرة كان المعراج.
1 وفي سنة ثلاث عشرة بايعه الأنصار في العقبة.

1 وفي السنة الأولى من سني الهجرة خرج إلى الغار. وفيها آخى بين المهاجرين والأنصار.
1 وفي سنة اثنتين حوّلت القبلة إلى الكعبة، ونزلت فريضة رمضان، وكانت غَزَاة بدر.
1 وفي السنة الثالثة كانت غزاة أحُد وفي السابعة غزاة خيبر.
1 وفي الثامنة كانت غزاة الفتح.
1 وفي العاشرة حجَّ صلى الله عليه وسلم.
1 وفي الحادية عشرة توفي صلى الله عليه وسلم.

الباب الخامس والعشرون
في ذكر أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
عن محمد بن جُبير بن مطعم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لي خَمْسَةُ أسْمَاءَ: أنا مُحَمَّدُ، وأَنا أحْمَدُ، وأنا المَاحِي الذي يَمْحُو اللَّهُ بِه الكُفْرَ، وأنا الحَاشِرُ الذي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وأنا العَاقِبُ» .
وعنه أيضاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لي أسْمَاءَ: أنا مُحَمَّدُ، وأنا أحْمَدُ، وأنا الحَاشِرُ الذي يُحْشَرُ النَّاسُ على قَدَمِي، وأنا المَاحِي الذي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الكُفْرَ، وأنا العَاقِبُ الذي لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ» .
عن أبي موسى قال: سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء منها ما حفظناه ومنها ما لم يحفظ قال:
«أنا مُحَمَّدُ، وأنا أحْمَدُ، والمُقَفِّي، والحَاشِرُ، ونَبيُّ التَّوْبَةِ، ونَبِيُّ المَلاَحِم» .
وعنه أيضاً قال: سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء منها ما حفظناه فقال:
«أنا مُحَمَّدُ، وأحْمَدُ، والمُقَفِّي، والحَاشِرُ، ونَبِيُّ التَّوْبَةِ، ونَبِيُّ المَلْحَمَة» .
عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما أُطْعِمَ طَعَامٌ على مائِدةٍ، ولا جُلِسَ عَلَيها، وفيها اسْمِي إلا قُدِرَ أكْلُ مرَّتَين» .
عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ قَطُّ فِي مَشُورَةٍ وَفِيهِم رَجُلٌ اسْمُه مُحَمَّدُ لم يُدْخِلوه في مَشُورَتِهِم إلا لمْ يُبَارَكْ لَهُم فِيه» .
عن ابن فارس اللغوي: أن لنبينا صلى الله عليه وسلم ثلاثة وعشرين اسماً: محمد، وأحمد، والماحي، والحاشر، والعاقب، والمقفي، ونبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملاحم، والشاهد، والمبشر، والبدر، والضحوك، والقتّال، والمتوكل، والفالج، والأمين، والخاتم، والمصطفى، والرسول، والنبي، والأمي، والقُثَم.
والحاش
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى اشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى والعشرون
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء العاشر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قرية اخطاب  :: اسلاميات-
انتقل الى: