منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى قرية اخطاب

ايد واحدة نبنى بلدنا
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول
أخــطـابُ يـا قـلعةً للنـورِ زاهـرةً فيك العفافُ ومنك الطهرُ والأدبُ لو لم أكن فيك يا أخطابُ مولودًا لبحثْتُ عنكِ كما أوصت بكِ الكتبُ الناسُ حيرى بعيدًا عنكِ يا أملى حــتى إذا مـا أتـوْكِ فـاتَهُـم تـَعَــبُ أهلُ الفضائلِ فى أنحائِك اجتهدوا كى يُسعدوا كــلّ مُـحتاجٍ لهُ طـلـبُ كلّ المكارمِ والأخلاقِ قد جـمعتْ مجدَ الفراعين حتى جاءكِ الـعـربُ دوماً أتيهُ عـلى مـرّ الـزمـانِ بكِ أفضالكِ الغرّ قدْ هامتْ بها السحبُ الشمسُ والنجمُ والأقمارُ ظلّ لها من أهـلـكِ الصـالحينَ دائماً نسـبُ أخـطـابُ أنتِ التى فى قلبنا أبـداً أنتِ التى فى شغافِ القلبِ تحتجبُ حبّ البـلادِ التى عاشتْ بداخـلِنا فرضٌ على من إلى الأخلاقِ ينتسبُ
المواضيع الأخيرة
» ارقى مناطق التجمع الخامس بمنطقة اللوتس الجنوبية
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالثلاثاء مايو 06, 2014 11:10 pm من طرف رحاب صلاح

» شراء شات صوتي و يدعم ايضا الكاميرات-شراء دردشة صوتيه-شراء دردشة كامات
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:19 am من طرف رحاب صلاح

» هل موقعك الالكتروني يتوقف دائما؟ هنا الحل www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:16 am من طرف رحاب صلاح

» معلومات تهمك عن التجمع الخامس
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:14 am من طرف رحاب صلاح

» استضافة لينوكس أو استضافة الويندوز : تعلم كيفية اختيار الاستضافة المناسبة لك
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:49 am من طرف رحاب صلاح

» منتج الدردشة الأفضل والأقوى في العالم تفضلوا بالدخول وقراءة هذا الموضوع
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:47 am من طرف رحاب صلاح

» اسعار التمليك والمفروش في المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:44 am من طرف رحاب صلاح

» احمي موقعك وزوارك من الهاكر وسمعة موقعك على محركات البحث www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:20 pm من طرف رحاب صلاح

» طريقة شراء 123 شات فلاش من أي مكان في العالم
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:19 pm من طرف رحاب صلاح

» افخم مناطق المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:17 pm من طرف رحاب صلاح

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 86 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 86 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 285 بتاريخ الخميس أكتوبر 10, 2024 3:31 pm
عداد الزوار
تصويت

 

 كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الرحمن حسن

عبد الرحمن حسن


عدد المساهمات : 56
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/03/2011

كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول   كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول Emptyالخميس يوليو 28, 2011 5:15 am

كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى
لابن الجوزى



كتاب يبحث في السيرة النبوية والشمائل الكريمة المحمدية، حيث أن مصنفه أورد سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ما يتعلق بها منذ ولادة آدم إلى يوم القيامة حيث أورد الناحية التاريخية كالنشأة والبعثة والهجرة والمعارك، وناحية المآثر والمناقب كالمعجزات والصفات الخلقية والأخلاقية من زهد وآداب وعبادة وغير ذلك . فجاء موضوع الكتاب موافقا لعنوانه حيث أوفى بأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أبواب بداية نبينا صلى الله عليه وسلم
الباب الأول
في ذكر التنويه بذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام
عن العِرْباض بن سارِيَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنّي عِنْدَ الله لَخَاتِمُ النَّبِيِّينَ وإِنَّ آدَمَ لمُنْجَدِلٌ فِي طِيْنَتِه» .
عن مَيْسَرة الفَجْر قال: قلت يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟.
قال: «وآدَمُ بَيْنَ الرُّوْحِ وَالجَسَدِ».
عن ميسرة قال: قلت يا رسول الله، متى كنت نبياً؟.
قال: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعالى الأَرْضَ، واسْتَوَى إلى السَّمَاءِ، فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَواتٍ، وخَلَقَ العَرْشَ، كَتَبَ عَلى سَاقِ العَرْشِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله خَاتِمُ الأنْبِيَاءِ، وخَلَقَ اللَّهُ تَعَالى الجَنَّةَ التي أَسْكَنَهَا آدَمَ وَحَوَّاءَ، فكَتَبَ اسْمِي على الأبْوَابِ والأَوْرَاقِ والقِبَابِ والخِيَام، وآدمُ بَيْنَ الرُّوْحِ وَالجَسَدِ، فَلمَّا أَحْيَاهُ اللَّهُ تَعالى نَظَرَ إلى العَرْشِ فَرَأى اسْمِي، فأخْبَرَهُ اللَّهُ تَعالى أنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِكَ. فَلمَّا غَرَّهُمَا الشَيْطَانُ تَابَا واسْتَشْفَعَا باسْمِي إِليه» .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لمَّا أصَابَ آدمُ الخَطِيْئَةَ، رَفَعَ رَأْسَهُ فَقال: رَبِّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ إلاّ غَفَرْتَ لِي. فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالى إِليه: وَمَا مُحَمَّدُ، وَمَنْ مُحَمَّدُ؟ فَقال: رَبِّ، إنَّك لمَّا أتْمَمْتَ خَلْقِي رَفَعْتُ رَأسِي إلى عَرْشِكَ، فإذا عَليه مَكْتُوبٌ لا اله إلاّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسولُ الله. فَعَلِمْتُ أنَّه أكْرَمُ خَلْقِكَ عَلَيك، إذ قَرَنْتَ اسْمَهُ مع اسْمِكَ. قال: نَعَمْ قَدْ غَفَرْتُ لكَ، وَهو آخِرُ الأنْبِيَاءِ من ذُرِّيَّتِكَ، وَلوْلاَه ما خَلَقْتُكَ» .


وقال سعيد بن جبير: اختصمَ ولد آدم: أيُّ الخلْق أكرمُ على الله تعالى؟.
فقال بعضهم: آدمُ، خلقه الله بيده، وأسْجد له ملائكته.
وقال آخرون: بل الملائكة الذين لم يعصوا الله.
فذكروا ذلك لآدم، فقال آدم: لمَّا نفخ فيَّ الروحُ لم تبلغ قدميَّ، فاستويت جالساً، فبرق لي العرش، فنظرت فيه: محمد رسول الله. فذاك أكرمُ الخلق على الله عز وجل.
عن وهب قال: أوحى الله تعالى إلى آدم: أنا الله ذو بكَّة، أهلُها خيرتي، وزوارها وفدي وفي كنفي، (وفيها بيتي) أعمره بأهل السماء وأهل الأرض، يأتونه أفواجاً شُعْثاً غُبراً، يَعُجُّون بالتكبير عجيجاً، ويزجون بالتلبية زجيجاً، ويثجون بالبكاء ثجيجاً، فمن اعتمده لا يريد غيره فقد زارني، وضافني، ووفد إليَّ، ونزل بي، وحقَّ لي أن أتحفه بكرامتي، أجعل ذلك البيت وذِكره وشرفه ومجده وسناءَه لنبيَ من ولدك يقال له: إبراهيم، أرفع له قواعده وأقضي على يديه عمارته، وأنْبِط له سقايته، وأريه حِلَّه وحَرَمه، وأعلِّمُه مشاعره، ثم تَعْمُره الأمم والقرون حتى ينتهي إلى نبي من ولدك يقال له: محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم النبيين، أجعله من سكانه وولاته وحجابه وسقاته، فمن سأل عني يومئذ فأنا مع الشُّعْث الغُبْر الموفين بنذرهم المقبلين إلى ربهم.

عن ابن عباس: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: لولا محمد ما خلقت آدم، ولقد خلقت العرش فاضطرب، فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسَكَن.

الباب الثاني
في ذكر الطينة التي خلق منها محمد صلى الله عليه وسلم


عن كعب الأحبار قال: لما أراد الله تعالى أن يخلق محمداً صلى الله عليه وسلم أمر جبريل عليه السلام أن يأتيه فأتاه بالقبضة البيضاء التي هي موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعجنت بماء التَّسْنيم، ثم غمست في أنهار الجنة، وطيف بها في السموات والأرض، فعرفت الملائكة محمداً وفَضْله قبل أن تعرف آدم، ثم كان نور محمد صلى الله عليه وسلم يُرى في غُرَّة جبهة آدم. وقيل له: يا آدم هذا سيد ولدك من الأنبياء والمرسلين.
فلما حملت حواء بشيت انتقل عن آدم إلى حواء، وكانت تلد في كل بطن ولدين إلا شيتاً، فإنها ولدته وحده، كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم.
ثم لم يزل ينتقل من طاهر إلى طاهر إلى أن ولد صلى الله عليه وسلم.
عن ابن عباس قال: قلت: يا رسول الله، أين كنت وآدم في الجنة؟.
قال: «كُنْتُ في صُلْبِه ، وأُهْبِطَ إلى الأَرْضِ وَأنا فِي صُلْبِهِ ، وَرَكِبْتُ السَّفِيْنَةَ فِي صُلْبِ أَبي نوحٍ ، وقُذِفْتُ في النَّارِ في صُلْبِ أبي إِبْرَاهِيم ، لم يَلْتَقِ لي أبَوَانِ قَطُّ على سِفَاحٍ ، لم يَزَلْ يَنْقُلُني من الأصْلابِ الطَّاهِرَةِ إلى الأَرْحَامِ النَّقِيَّةِ مُهَذَّبًا لا تَتَشَعَّبُ شُعْبَتَانِ إلاّ كُنْتُ في خَيْرِهِما، أخَذَ اللَّهُ لي بالنُّبوَّةِ مِيْثَاقِي ، وفي التَّوْرَاةِ بَشَّرَ بِي ، وفي الإِنْجِيلِ شَهَرَ اسْمِي ، تُشْرِقُ الأرْضُ لِوَجْهِي والسَّماءُ لِرُؤْيَتِي» .
وقال العباس: يا رسول الله ، إني أريد أن أمتدحك.
فقال له: «قلْ لاَ يَفْضُض اللَّهُ فَاكَ » .
فأنشأ يقول :
منْ قبلها طِبت في الظلال وفي مستودع حيث يُخْصف الوَرَقُ
ثم هبطتَ البلادَ لا بشرٌ أنت ولا مضغةٌ ولا عَلقُ


بل نطفةٌ تركب السفين وقد ألجم نسْراً وأهلَه الغرَق

وردْتَ نار الخليل مُكتتماً تجولُ فيها ولست تحترقُ

تُنقل من صُلبٍ إلى رحم إذا مضى عالَمٌ بدا طبقُ

حتى احتوى بيتك المهيمن من خِندف علياء تحتها النُّطقُ

وأنت لما وردت أشرقت الأر ضُ وضاءَتْ بنورك الأفق

فنحن في ذاك الضياء وفي النو ر وسُبل الرشاد تخترقُ

الباب الثالث
في دعاء إبراهيم الخليل بإيجاد محمد صلى الله عليه وسلم
لما بنى الخليل عليه السلام الكعبة دعا لأهل مكة فقال: {س2ش129رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } (البقرة: 129).
قال السدي عن أشياخه: هو محمد صلى الله عليه وسلم.
عن العِرْباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنّي عِنْدَ الله لَخَاتِمُ النَّبِيّينَ ، وإنَّ آدَمُ لمُنْجَدِلٌ في طِيْنَتِه وسأُخْبِرُكُم بأوَّلِ ذلك :
أنَا دَعْوَةُ أبي إِبْرَاهِيم ، وبِشَارَةُ عِيْسَى ، وَرُؤْيَا أُمِّي التي رَأَتْ ، وكذلكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّين يُرَيْنَ» .
ورواه ليث عن معاوية فقال: وإن أمه رأت حين وضعته نوراً أضاءت منه قصور الشام.

الباب الرابع
في بيان ذكره في التوراة والإِنجيل وذكر أمته، واعتراف علماء الكتاب بذلك
قال الله تعالى: {س7ش157الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأٌّغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِى? أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }(الأعراف: 157)
والمراد: أنهم يجدون نَعْته.


{س7ش157الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأٌّغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِى? أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (الأعراف: 157)
وهو: مكارم الأخلاق، وصلة الأرحام.
{وينهاهم عن المنكر} وهو: الشرك.
ويُحِل لهم الطيبات} وهو: ما كانت العرب تستطيبه، وقيل: هي الشحوم التي حرمت على بني إسرائيل، والبحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي.
{ويحرِّم عليهم الخبائثَ} وهي: ما كانت العرب تستخبثه، وما كانوا يستحلون من الميتة، والدم، ولحم الخنزير.
{ويَضعُ عنهم إصْرهم} وهي: الأثقال التي كانت على بني إسرائيل من تحريم السبت، والشحوم، والعروق.
{والأغلال التي كانت عليهم} .
قال أبو إسحاق الزجاج : ذِكر الأغلال تمثيلٌ ، وكان عليهم أن لا يُقبل في القتل دية ، وأن لا يعملوا في السبت ، وأن يقرضوا ما أصابهم من أموال.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في قوله تعالى: {ع49س3ش81} الآية
(آل عمران: 81).
قال: لم يبعث الله تعالى نبياً، آدم ومَن بعده، إلا أخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم: لئن بعث وهو حَي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ العهد على قومه.

عن قتادة: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} .
قال: هذا ميثاقٌ أخذه الله تعالى على النبيين، أن يصدق بعضهم بعضاً، وأخذ مواثيق أهل الكتاب فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه.


عن عطاء بن يسار: لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة .
قال: أَجَلْ ، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن :
{س33ش45ياأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً }(الأحزاب: 45) ، وحرزاً للأميّين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، لست بفظ، ولا غليظ، ولا صَخاب في الأسواق، ولا تجزي بالسيئة السيئة ولكن تعفو وتغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأَن يقولوا لا إله إلا الله، فيفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صمّاً، وقلوباً غُلفاً.
انفرد بإخراجه البخاري.
عن عبدالله بن سَلام قال: صفةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة:
{إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً} وحرزاً للأميّين، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن أتوفاه حتى أقيم به الملة العوجاء وأفتح به آذاناً صُمّاً، وقلوباً غُلفاً، وأعيناً عمياً، بأن يقولوا: لا إله إلا الله.
عن ابن عباس أنه سأل كعباً: كيف تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟.
قال: نجده: محمدٌ رسول الله، مولده بمكة، ومهاجَرُه إلى طابَة، ويكون مُلكه بالشام، ليس بفحاش، ولا صخاب في الأسواق، ولا يكافىء بالسيئة السيئة، ولكن يعفو.
وقال كعب: نجد مكتوباً: محمد رسول الله، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، وأمته الحمادون، يكبرون الله على كل نَجد ويحمدونه في كل منزلة، يأتزرون على أنصافهم، ويتوضئون على أطرافهم بهم ينادَى في جو السماء، صفهم في القتال وصفهم في الصلاة سواءٌ، لهم بالليل دوي كدوي النحل، مولده بمكة ومهاجرهُ بطابة.


عن كعب قال في الشطر الأول: محمد رسول الله عبدي المختار، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، مولده بمكة وهجرته بطَيبة، ومُلكه بالشام.
في الشطر الثاني: محمدٌ رسول الله أمته الحمادون، يحمدون الله في السراء والضراء، يحمدون الله في كل منزلة، ويكبّرونه على كل شَرف، رعاةُ الشمس، يصلون الصلاة إذا جاء وقتها ولو كانوا على رأس كناسة، ويأتزرون على أوساطهم ويوضئون أطرافهم، وأصواتهم بالليل (في) جو السماء أصوات النحل.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مُوسَى لمَّا نَزَلَت التَّوْرَاةَ وقَرَأَهَا وَجَدَ فِيها ذِكْرَ هذِه الأُمَّةِ» .
قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون المشفوع لهم، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة محمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون المستجاب لهم، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم، يقرءونه ظاهراً، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها. فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا همَّ أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤتَون العلم الأول والعلم الآخر، يقتلون قرن الضلالة المسيح الدجال، فاجعلها أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب فاجعلني من أمة أحمد، فأُعطيَ عند ذلك خصلتين.
قال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.
قال: قد رضيت رب.
وروي أن كعب الأحبار رأى حَبراً من اليهود يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ قال: ذكرت بعض الأمر.
فقال كعب: أنشدك الله لئن أخبرتك ما أبكاك لتَصْدُقنِّي؟.


قال: نعم.
قال: أنشدك الله هل تجد في كتاب الله المنزل، أن موسى عليه السلام نظر في التوراة، فقال: رب: إني أجد أمةً خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر، ويقاتلون أهل الضلالة، حتى يقاتلون الأعور الدجال، فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال الحبر: نعم.
قال: أنشدك الله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال: رب إني أجد أمة هم الحمَّادون رعاة
الشمس المحكَّمون، إذا أرادوا أمراً قالوا: نفعله إن شاء الله. فاجعلهم أمتي.
قال: هم أمة أحمد؟.
قال الحبر: نعم.
قال: فأنشدك الله، هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة؟.
فقال: رب، إني أجد أمة إذا أشْرف أحدهم على شرف كبرَّ الله، وإذا هبط وادياً حمد الله، الصعيدُ لهم طهُور، والأرض لهم مسجد حيث ما كانوا، مطهَّرون من الجنابة، طهُورهم بالصَّعِيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء، غُرٌّ محجَّلُون من آثار الوضوء، فاجعلهم أمتي.

قال: هم أمة أحمد يا موسى؟.
قال الحبر: نعم.
قال: أنشدك الله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة.
فقال: رب إني أجد أمةً مرحومة ضعفاء، يرثون الكتاب الذين اصطفيتهم، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مُقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، فلا أجد أحداً منهم إلاَّ مرحوماً، فاجعلهم أمتي.
قال: هم أمة أحمد يا موسى.
قال الحبر: نعم.
قال: أنشدك الله، هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة فقال: رب إني أجد في التوراة أمةً مصاحفهم في صدورهم، يصَفُّون في صلاتهم كصفوف الملائكة، أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل، لا يدخل النار منهم أحد، إلا من برىء من الحسنات مثل ما برىء الحرج من الشجر، فاجعلهم أمتي.
قال: هم أمة أحمد يا موسى؟.
قال الحبر: نعم.


فلما عجب موسى من الخير الذي أعطى الله محمداً وأمته قال ليتني من أصحاب محمد: فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن: {س7ش144/ش145قَالَ يَامُوسَى إِنى اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَآ ءاتَيْتُكَ وَكُنْ مِّنَ الشَّاكِرِينَ * وَكَتَبْنَا لَهُ فِى الأٌّلْوَاحِ مِن كُلِّ شَىْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَىْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ } الآية (الأعراف: 144، 145)
وقال تعالى: {س7ش159وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }(الأعراف: 159)
فرضي موسى كلَّ الرضا.
عن كعب أنه سمع رجلاً يقول: إني رأيت في المنام كأن الناس جمعوا للحساب، فدُعي الأنبياء، فجاء مع كل نبي أمته، ورأى لكل نبي نورين، ولكلِّ من اتبعه نوراً يمشي به، فدعي محمد صلى الله عليه وسلم فإذا لكل شعرة في رأسه ووجهه نور، ولكل من اتبعه نوران يمشي بهما.
فقال كعب، وهو لا يشعر أنها رؤيا: من حدَّثك هذا؟.
قال: أنا والله الذي لا إله إلا هو رأيتُ هذا المنام.
فقال: بالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيتَ هذا في منامك؟.
قال: نعم.
قال: والذي نفس كعب بيده، أو والذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده ، إنها لصفة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته وصفة الأنبياء وأممها في كتاب الله ، لكأنما قرأه من التوراة.
وقال ابن أبي نملة : كانت يهود بني قريظة يدرسون ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبهم ويُعْلمون الولدان بصفته واسمه ، ومُهاجره المدينة فلما ظهر حسدوا وبغوا وأنكروا.

وقال أبو سعيد الخدري : سمعت أبي مالك بن سنان يقول: جئت بني عبد الأشهل يوماً لأتحدث فيهم ، ونحن يومئذ في هدنة من الحرب ، فسمعت يوشع اليهودي يقول: أظلَّ خروجُ نبي يقال له أحمد: يخرج من الحرم.


فقال له خليفة بن ثعلبة الأشهلي، كالمستهزىء به: ما صفته ؟.
قال: رجل ليس بالطويل ولا بالقصير، في عينيه حمرة ، يلبس الشَّمْلة ويركب الحمار، وهذا البلد مُهاجره.
قال: فرجعت إلى قومي بني خدرة وأنا يومئذ أتعجب مما يقول يوشع ، فأسمع رجلاً منا يقول: ويوشع يقول هذا وحده؟ كل يهود يثرب تقول هذا.
قال أبي مالك بن سنان: فخرجت حتى جئت بني قريظة فأخذوا جميعاً فتذاكروا النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال الزبير بن باطا: قد طلع الكوكب الأحمر الذي لم يطلع إلا لخروج نبي وظهوره، ولم يبق أحد إلا أحمد، وهذه مهاجره.
قال أبو سعيد: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أخبره أبي هذا الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لَوْ أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ وذَوُوه من رُؤَسَاءِ يَهُودَ لأَسْلَمَتْ يَهودُ كُلُّهَا، إنَّمَا هُم لَه تَبَعُ» .
وقال محمد بن مسلمة: لم يكن في بني عبد الأشهل إلا يهودي واحد يقال له: يوشع، فسمعته يقول وأنا غلام : قد أظلكم خروج نبي يبعث من نحو هذا البيت ، ثم أشار بيده إلى بيت الله تعالى ، فمن أدركه فليصدقه.
فبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا، وهو بين أظْهُرنا ولم يُسلم ، حسداً وبغياً.
عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: ما كان في الأوس والخزرج رجل أوْصف لمَحمد صلى الله عليه وسلم من أبي عامر الراهب ، كان يألف اليهود ويسائلهم عن الدين ويخبرونه بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن هذه دار هجرته ، ثم خرج إلى يهود تيماء فأخبروه بمثل ذاك ، ثم خرج إلى الشام فسأل النصارى فأخبروه بصفة النبي صلى الله عليه وسلم. وأن مهاجره يثرب، فرجع أبو عامر وهو يقول: أنا ديِّن على دين الحنيفية. وأقام مترهباً ولبس المسوح، وزعم أنه على دين إبراهيم عليه السلام وأنه ينتظر خروج النبي صلى الله عليه وسلم.


فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة لم يخرج إليه، وأقام على ما كان عليه، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة حسد وبغَى ونافق، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، بم بعثت؟.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بالحَنِيْفِيَّةِ دِيْنِ إبْرَاهِيم» .
(قال: فأنا عليها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّكَ لَسْتَ عَلَيها) .
فقال: أنت تخلطها بغيرها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَتَيْتُ بِها بَيْضَاءَ نَقِيَّةٌ، أيْنَ مَا كَان يُخْبِرُكَ الأحْبَارُ منَ اليهَودِ والنَّصَارَى مِن صِفَتِي؟» .
فقال: لستَ بالذي وصفوا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَذَبْتَ» .
فقال: ما كذبتُ.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكَاذِبُ أَمَاتَه اللَّهُ وَحِيْدًا طَرِيدًا» .
فقال: آمين.
ثم رجع إلى مكة فكان مع قريش يتبع دينهم، وترك ما كان عليه.
وفي رواية أخرى : فلما أسْلم أهلُ الطائف لحق بالشام فمات بها طريداً وحيداً غريباً.
وقال ابن عباس: إن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبْعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه .
فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البرَاء يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا، قد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم وإنا أهل شرك، وتخبرونا أنه مبعوث وتصفونه لنا بصفته.
فقال سلام بن مشكم: ما هو بالذي كنا نذكر لكم، ما جاءنا بشيء نعرفه.
فأنزل الله تعالى في ذلك منْ قولهم: {س2ش89وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ } (البقرة: 89)


يقول يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب. يعني بذلك أهل الكتاب، فلما بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه.
عن قتادة {وكانوا يستفتحون على الذين كفروا} .
قال: كانت يهود تستفتح بمحمد صلى الله عليه وسلم على كفار العرب، كانوا يقولون: اللهم ابعث النبيَّ الذي نجدُه في التوراة، نعذبهم ونقتلهم.
فلما بُعثَ منْ غيرهم كفروا به حسداً للعرب.
وقال المغيرة بن شعبة: إنه دخل على المقوْقس، وإنه قال له: إن محمداً نبي مُرْسل، ولو أصاب القبط والروم اتبعوه.
قال المغيرة: فأقمت بالإِسكندرية لا أعد كنيسة إلا دخلتُها وسألت أساقفها من قبطها ورومها عمَّا يجدون من صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أسْقُف من القبط هو رأسُ كنيسة أبي يحنس، كانوا يأتونه بمرضاهم فيدعو لهم، لم أر أحداً قط يصلي الصلوات الخمس أشدَّ اجتهاداً منه.
فقلت: أخبرني هل بقي أحدٌ من الأنبياء؟.
قال: نعم، وهو آخر الأنبياء، ليس بيْنه وبين عيسى بن مريم أحدٌ، وهو نبي قد أمرنا عيسى باتباعه، وهو النبي الأميُّ العربي، اسمه أحمد، ليس بالطويل ولا بالقصير، في عينيه حُمْرة وليس بالأبيض ولا بالآدم، سيفه على عاتقه ولا يُبالي من لاقى ، يباشر القتال بنفسه. ومعه أصحابُه يَفْدونه بأنفسهم ، هم له أشد حُبًّا من أولادهم وآبائهم ، يخرج من أرض القَرظ ومن حرم يأتي إلى حرم ، ويهاجر إلى أرضٍ ذات سباخ ونخل ، يدين بدين إبراهيم عليه السلام،
قال المغيرة بن شعبة: زدني في صفته.
قال: يأتزر على وسطه، ويغسل أطرافه، ويُخص بما لا يُخصُّ به الأنبياء قبله.
كان النبي يبعث إلى قومه وبُعث إلى الناس كافة، وجُعلت له الأرض مسجداً وطهُوراً أينما أدركتْه الصلاة تيمم ويصلي ، ومن كان قبْله مشدَّدٌ عليه لا يُصلون إلا في الكنائس والبيع.


ثم إن المغيرة جاء فأسلم وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجميع ذلك ، فأعجبه أن يسمعه أصحابه. قال: فكنت أحدثهم ذلك في اليومين والثلاثة.
وروي: أن ورقة بن نوفل ، وزيد بن سعيد خرجا يلتمسان الدين ، حتى انتهيا إلى راهب بالموْصل ، فقال لزيد: من أين أقبلت؟.
فقال: منْ بيت إبراهيم.
قال: وما تلتمس؟
قال: ألتمس الدين.
قال: ارجع، فإنه يوشك أن يظهر الذي تطلب في أرضك.
فرجع وهو يقول:
لبَّيْك حقَّا حقاً، تعبُّداً ورِقًّا.
عن خليفة بن عبدة المنقري قال: سألت محمدَ بن عديَ كيف سمَّاك أبوك محمداً.
قال: أمَا إني سألتُ أبي عما سألتني عنه، فقال: خرجتُ رابع أربعة من بني تميم، أنا أحدهم، وسفيان بن مُجاشع بن دارم، ويزيد بن عمرو بن ربيعة ، وأسامة بن مالك بن جنْدب ، نريد ابن جفْنة الغسَّاني.
فلما قدمنا الشام: نزلنا على غدير فيه شجيرات ، وقُرْبه ديرٌ وفيه ديراني ، فأشرف علينا وقال: إن هذه اللغة ما هي لأهل هذا البلد.
قلنا: نعم نحن قومٌ من مُضر.
قال: من أيِّ المضرين.
قلنا: من خنْدف.
قال: أما إنه سيبعث فيكم وشيكاً نبيٌّ فسارعوا إليه، وخذوا بحظكم منه ترْشدوا، فإنه خاتم النبيين واسمه محمد.
فلما انصرفنا من عند ابن جفْنة وصرنا إلى أهلنا، ولد لكلِّ رجل منا غلام فسماه محمداً.
عن سلمة بن سلامة بن وقش قال: كان لنا جارٌ من يهود في بني عبد الأشهل.
قال: فخرج علينا يوماً من بيته قبل مَبعث النبي صلى الله عليه وسلم بيسير، حتى وقف على مجلس بني عبد الأشهل.
قال سلمة : وأنا يومئذ أحدَث من فيه سناً ، عليّ بُرْدة مضطجع فيها بفناء أهلي.
فذكر البعث ، والقيامة، والحساب ، والميزان ، والجنة ، والنار.
فقال ذلك لقومٍ أهل شرك أصحاب أوثان، لا يروْن أن بعثاً كائن بعد الموت.
فقالوا: ويحك يا فلان ترى هذا كائناً، أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دارٍ فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم.


قال: نعم، والذي يحلف به، لودَّ أن له بحظه من تلك النار أعظم تَنوُّر يُحْمونه في الدار ثُمّ يدخلونه إياه فيطبقونه عليه، وأن ينجو من تلك النار غداً.
قالوا له: ويحك وما آية ذلك؟.
قال: نبي يبعث من نحو هذه البلاد. وأشار بيده نحو مكة واليمن.
قالوا: ومتى نراه؟.
قال: فنظر إليّ وأنا من أحدثهم سناً، قال: إن يستنفد هذا الغلام عُمْره يُدْركه.
قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حيٌّ بين أظهرنا، فآمنَّا به وكفر به حسداً وبغياً.
فقلنا له: ويلك يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت؟.
قال: بلى، وليس به.
عن ابن مسعود: أن الله تعالى ابتعث نبيه لإدخال رجل الجنة، وذلك أنه دخل الكنيسة فإذا هو بيهود. وإذا يهودي يقرأ عليهم التوراة فلما أتوا على صفة النبي صلى الله عليه وسلم أمسكوا، وفي ناحيتها رجل مريض.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا لَكُمْ أَمْسَكْتُم؟» .
قال المريض: إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا. حتى جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هذه صفتك، وصفة أمتك أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. ثم مات.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «ادْفِنوا أخَاكُم» .
عن أبيَّ بن كعب قال: لمَّا قدم تُبَّعٌ المدينة ونزل بقناة، بعث إلى أحبار يهود فقال: إني مُخْرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهوديةٌ ويرجع الأمر إلى دين العرب.
فقال له ساموكُ اليهوديُّ، وهو أعلمهم يومئذ:
أيها الملك، إن هذا بلدٌ يكون إليه مهاجرُ نبي من ولد إسماعيل، مولدُه مكة، اسمه أحمد، وهذه دار هجرته، وإن منزلك هذا الذي أنت به يكون به من القتل والجراح أمرٌ كثير في أصحابه وفي عدوهم.
قال تُبَّع: ومَنْ يقاتله يومئذ وهو نبي كما يزعمون؟.
قال: يسير إليه قومُه فيقتتلون ها هنا.
قال: فأين قبرُه؟.
قال: بهذا البلد.
قال: فإذا قوتل لمن تكون الدائرة.


قال: تكون له مرة وعليه مرة، وبهذا المكان الذي أنت به تكون عليه، ويُقْتل به أصحابه قتلاً لم يقتلوه في مَوْطن، ثم تكون له العاقبة، ثم يظهر فلا ينازعه هذا الأمر أحد.
قال: وما صفته؟.
قال: رجلٌ ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة، يركب البعير ويلبس الشَّملة، سيفُهُ على عاتقه، لا يبالي بمن لاقاه من أخ، أو ابن عم، أو عم حتى يظهر أمره.

قال تُبع: ما لي إلى هذه البلد من سبيل، وما كان ليكون خرابها على يدي.
فخرج تُبَّع منصرفاً إلى اليمن.
قال عبدالله بن سلام: لم يمت تُبع حتى صدق بالنبي صلى الله عليه وسلم لمَا كان يهود يثرب يخبرونه، وإن تبعاً مات مُسْلماً.
عن الزبير بن باطا وكان أعلم اليهود قال: إني وجدت سِفْراً كان أبي يختمه عليَّ، فيه: ذكر أحمد: نبي يخرج بأرض القَرظ، صفته كذا وكذا.
فيحدث به الزبير بعد أبيه والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ لم يبعث.
فما هو إلا أن سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة عمد إلى ذلك السِّفر فمحاه، وكتم شأن النبي صلى الله عليه وسلم وصفته، وقال: ليس به.
عن ابن عباس قال: كانت يهود قريظة والنضير وفَدَك وخيبر يجدون صفة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث وأن دار هجرته المدينة.
فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أحبار يهود: ولد أحمد الليلة، هذا الكوكب قد طلع.
فلما تنبأ قالوا: تنبأ أحمد، قد طلع الكوكب.
كانوا يعرفون ذلك ويقرُّون به ويصفونه، إلا الحسد والبغي.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سكن يهودي بمكة يبيع بمنى تجارات، فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من مجالس قريش: هل كان فيكم من مولود هذه الليلة؟.
قالوا: لا نعلمه.
قال: انظروا يا معاشر قريش، أحصوا ما أقول لكم: ولد الليلة نبي هذه الأمة أحمد، وبه شامة بين كتفيه فيها شعرات.


فتصدع القوم من مجالسهم وهم يتعجبون من حديثه، فلما صاروا في منازلهم ذكروا ذلك لأهاليهم، فقيل لبعضهم: ولد لعبدالله بن عبد المطلب الليلة غلام وسماه محمداً.
وأتوا اليهودي في منزله، فقالوا: علمنا أنه ولد فينا مولود.
قال: أبعد خبري أم قبله؟.
قالوا: قبله واسمه أحمد.
قال: فاذهبوا بنا إليه.
فخرجوا معه حتى دخلوا على آمنة رضي الله عنها، فأخرجته إليهم فرأى الشامة بظهره، فغشي على اليهودي ثم أفاق. قالوا: ما لك ويلك.
قال: ذهبت النبوة من بني إسرائيل، وخرج الكتاب من أيديهم، وهذا مكتوب أنه يقتلهم ويبيد أحبارهم، فازت العرب بالنبوة، أفرحتم به يا معشر قريش؟ أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج نبؤها من المشرق والمغرب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدارس فقال: «أخْرِجُوا إليَّ أَعْلَمَكم» .
فقالوا: عبدالله بن صوريا. فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فناشده بدينه، وبما أنعم الله عليهم وأطعمهم من المن والسّلوى، وظللهم من الغمام، أتعلم أني رسول الله؟.

قال: اللهم نعم، وإن القوم ليعرفون ما أعرف، وإن صفتك ونعتك لمبين في التوراة ولكن حسدوك.
قال: «فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْتَ؟» .
قال: أكره خلافَ قومي، عسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة، فأعجب من موافقة التوراة القرآن.
فقالوا: يا عمر ما أحدٌ أحب إلينا منك، لأنك تغشانا.
قلت: إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضاً.
فبينا أنا عندهم ذات يوم إذ مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا صاحبك.
فقلت: أنشدكم الله، وما أنزل عليكم من الكتاب أتعلمون أنه رسول الله؟.
قال سيدهم: نشدكم الله فأخبروه.
قالوا: أنت سيدنا فأخبرْه.
فقال: إنا نعلم أنه رسول الله.
قلت: فما أهلككم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله ثم لم تتبعوه.


قالوا: إن لنا عدواً من الملائكة وسلْماً من الملائكة، عدوُّنا جبريل، وهو ملك الفظاظة والغلظة، وسِلْمنا ميكائيل، وهو ملك الرأفة واللين.
قلت: فإني أشهد ما يحل لجبريل أن يعادي سِلم ميكائيل، ولا لميكائيل أن يسالم عدو جبريل.
ثم قمت، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أَلاَ أقْرَأَتُكَ آيَاتٍ نَزَلَتْ عَلَيَّ قَبْلُ؟ فتلا: {س2ش97قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ }(البقرة: 97).
فقلت: والذي بعثك بالحق، ما جئت إلا لأخبرك بقول يهود، فإذا اللطيف الخبير قد سبقني.
قال عمر: فلقد رأيتني في دين الله أصلبَ من الحجَر.
عن أبي سفيان بن حرب قال: خرجت أنا وأمية بن أبي الصَّلت تجاراً إلى الشام، فكنا كلما نزلنا منزلاً أخرج من رحله سِفْراً يقرؤه علينا.
فكنا كذلك حتى نزلنا بقرية من قرى النصارى، فرأوه وعرفوه وأهدوا له وذهب معهم إلى بَيْعتهم، ثم رجع في وسط النهار فطرح ثوبيه واستخرج ثوبين أسودين فلبسهما، ثم قال: يا أبا سفيان، هل لك في عالِم من علماء النصارى إليه تناهى علم الكتب تسأله عما بدا لك؟.
قلت: لا.
فمضى هو وحده، وجاءنا بعد هَدْأة من الليل، فطرح ثوبيه ثم انجدل على فراشه فوالله ما نام ولا قام حتى أصبح.
وأصبح كئيباً حزيناً ما يكلمنا ولا نكلمه، فسرنا ليلتين على ما به من الهم، فقلت له: ما رأيت مثل الذي رجعتَ به من عند صاحبك.

قال: لمُنْقَلبي.
قلت: وهل لك من مُنْقَلب؟.
قال: إي والله لأموتن ولأحاسبن.
قلت: فهل أنت قابلٌ أمانِي؟.
قال: علَى ماذا؟.
قلت: على أنك لا تُبعث ولا تحاسَب.
فضحك وقال: بلى والله لنبعثن ولنحاسبن، وليدخلن فريق في الجنة وفريق في النار.
قلت: ففي أيهما أنت أخبرك صاحبك؟.
قال: لا علم لصاحبي بذلك فيَّ ولا في نفسه.


فكنا في ذلك ليلتنا، يعجب منا ونضحك منه، حتى قدمنا غوطة دمشق، فبعنا متاعنا وأقمنا شهرين.
ثم ارتحلنا حتى نزلنا قرية من قرى النصارى، فلما رأوه جاؤوه وأهدوا له وذهب معهم إلى بيعتهم، حتى جاءنا مع نصف النهار، فلبس ثوبيه الأسودين فذهب حتى جاءنا بعد هَدأة من الليل، فطرح ثوبيه ثم رمى بنفسه على فراشه، فوالله ما نام ولا قام، فأصبح مبثوثاً حزيناً لا يكلمنا ولا نكلمه.
فرحلنا فسرنا ليالي، ثم قال: يا صخر، حدِّثني عن عُتبة بن ربيعة: أيجتنب المحارم والمظالم؟
قلت: إي والله.
قال: ويصل الرحم ويأمر بصلتها؟
قلت: نعم.
قال: وكريم الطرفين وسط في العشيرة؟
قلت: نعم.
قال: فهل تعلم قُرشياً أشرف منه.
قلت: لا والله.
قال: أمُحْوجٌ هو؟
قلت: لا، بل ذو مالٍ كثيرٍ.
قال: كم أتى له من السنين؟
قلت: هو ابن سبعين قد قاربها.
قال: فالسن والشرف أزْرَيا به.
قلت: لا والله بل زاداه خيراً.
قال: هو ذاك.
ثم إن الذي رأيتَ بي أني جئت هذا العالِم فسألته عن هذا الذي يُنتظر.
فقال: هو رجل من العرب من أهل بيت تحجه العرب.
فقلت: فينا بيت تحجُّه العرب.
قال: هو من إخوانكم وجيرانكم من قريش. فأصابني شيء ما أصابني مثله، إذ خرج من يدي فوز الدنيا والآخرة، وكنت أرجو أن أكون أنا هو.
قلت: فصِفْه لي.
قال: رجل شابٌّ حين دخل في الكهولة، بدءُ أمره أنه يجتنب المحارم والمظالم، ويصل الرحم ويأمر بصلتها، وهو مُحْوج كريم الطرفين متوسط في العشيرة، أكثر جنده من الملائكة.
قلت: وما آية ذلك؟
قال: قد رجفت الشام منذ رفع عيسى بن مريم ثمانين رجفة كلها فيها مصيبة، وبقيت رجفة عامة فيها مصيبة، يخرج على أثرها.
فقلت: هذا هو الباطل، لئن بعث الله رسولاً لا يأخذه إلا مسنًّا شريفاً.

قال أمية: والذي يحلف به إنه لهكذا.


فخرجنا حتى إذا كان بيننا وبين مكة ليلتان أدركَنا راكب من خلفنا، فإذا هو يقول: أصابت الشام بعدكم رجفة دمِّر أهلها فيها وأصابتهم مصائب عظيمة.
فقال أمية: كيف ترى يا أبا سفيان؟
فقلت: والله ما أظن صاحبك إلا صادقاً.
وقدمنا مكة، ثم انطلقت حتى جئت أرض الحبشة تاجراً، فمكثت فيها خمسة أشهر، ثم قدمت مكة فجاء الناس يسلِّمون عليَّ وفي آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهندٌ تلاعب صبيانها، فسلم علي ورحب بي وسألني عن سَفري ومقدَمي، ثم انطلق.
فقلت: والله إن هذا الفتى لعجب ما جاءني أحد من قريش له معي بضاعة إلا سألني عنها وما بلَغَتْ، ووالله إن له معي لبضاعة ما هو بأغناهم عنها ثم ما سألني عنها.
فقالت: أوما علمتَ بشأنه؟
فقلت وفزعت: وما شأنه؟
قالت: يزعم أنه رسول الله
فذكرتُ قول النصارى ووجمتُ.
ثم قدمتُ الطائفَ فنزلتُ على أمية، فقلت: هل تذكر حديث النصارى؟
قال: نعم.
قلت: قد كان.
قال: ومن؟
قلت: محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، فتصبب عرقاً وقال: إن ظهر وأنا حيٌّ لأُبلين الله في نصره عذراً.
فعدت من اليمن، فنزلت على أمية، فقلت: قد كان من أمر الرجل ما بلغك، فأين أنت منه؟
قال: والله ما كنت لأومن برسول من غير ثقيف أبداً
عن عاصم بن عمر بن قَتادة عن رجال من قومه قالوا: إن مما دعانا إلى الإِسلام مع رحمة الله وهداه لَمَا كنا نسمع من يهود.
كنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس عندنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: إنه تقاربَ زمان نبي يبعث الآن، نتبعه فنقتلكم معه قتلَ عاد وإرم.


فكنا كثيراً ما نسمع ذلك منهم، فلما بعث الله رسوله أجبناه حين دعانا إلى الله وعرفنا ما كانوا يتواعدوننا به فبادرناهم إليه، فآمنا به وكفروا، ففينا وفيهم نزلت هذه الآيات: {ولمَّا جاءهم كتابٌ مِنْ عندِ الله مُصَدّق لما معهم} إلى قوله: {س2ش89وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }(البقرة: 89)

قال عاصم: وقال لي شيخ من بني قريظة: هل تدرون عما كان إسلام ثعلبة وأسد ابني سعية وأسدُ بن عبيد نفر من بني ذهل إخوة بني قريظة، كانوا معهم في جاهليتهم ثم كانوا سادتهم في الإِسلام؟
قلت: لا أدري.
قال: فإن رجلاً من يهود أهل الشام يقال له ابن الهَيِّبان قدم علينا قبل الإِسلام فحلَّ بين أظهرنا، فما رأينا رجلاً لا يصلي الخمس أفضل منه، وكان إذا قحط المطر استسقى لنا فنسقى، فلما حضرته الوفاة قال: يا معشر يهود ما ترون أخرجني إلى أرض الجوع والبؤس؟
قلنا: أنت أعلم.
قال: فإني قدمت هذه البلدة أتوكَّفُ خروج نبي قد أظل زمانه، هذه البلدة مهاجره، وكنت أرجو أن يبعث فأتبعه، وقد أظلكم زمانه فلا تُسبقن إليه يا معشر اليهود، فإنه يبعث بسفك الدماء وسَبْي الذراري والنساء مما خالفه، فلا يمنعنكم ذلك منه.
فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وحاصر بني قُريظة قال هؤلاء الفتية، وكانوا شباناً أحداثاً: يا بني قريظة، والله إنه النبي الذي عهد إليكم فيه ابن الهيِّبان قالوا: ليس به.
قالوا: بلى والله إنه لهو. فنزلوا فأسلموا وأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهْليهم.


عن سَلمان الفارسي رضي الله عنه أنه صحب الرهبان في طلب الدين، إلى أن قال له آخر من صحبه: أي بني: والله ما أعلمه أصبح على مثل ما كنا عليه أحد من الناس بمكان تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب، مُهاجره إلى أرض بين حرَّتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة.
وقال طلحة بن عبيدالله: حضرت سوق بُصرى فإذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل الموسم هل فيكم أحد من أهل الحرم؟
قال طلحة: فقلت نعم أنا.
قال لي: ظهر بمكة بعدُ أحمد؟
قلت: ومن أحمد؟
قال: ابن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه وهو آخر الأنبياء، ومَخرجه من الحرم ومهاجره إلى نخل وحَرة وسباخ.
قال طلحة: فوقع في قلبي ما قال الراهب، فخرجت حتى قدمت مكة، فقلت: هل كان من حديث؟
قالوا: نعم محمد بن عبدالله الأمين تنبَّأ وتابَعه ابن أبي قُحَافة.
فخرجت حتى أتيت أبا بكر فأخبرته وقلت له اتبعت هذا الرجل؟
قال: نعم انطلق فتابعْه فإنه يدعو إلى الحق. وذهب أبو بكر معه.
قال طلحة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبر الراهب وما قال لي.

عن جُبَير بن مُطْعم: لما بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فظهر أمره بمكة خرجتُ إلى الشام، فلما كنت ببُصرى أتاني جماعة من النصارى فقالوا لي: أمن أهل الحرم أنت؟
قلت: نعم.
قالوا: فتعرف هذا الذي تنبأ فيكم؟
قلت: نعم. فأخذوا بيدي وأدخلوني ديراً لهم فيه تماثيل وصور.
فقالوا: انظر هل ترى صورة هذا النبي الذي بعث فيكم، فنظرت فلم أر صورته.
قلت: لا أرى صورته. فأدخلوني ديراً أكبر من ذاك، فإذا فيه تماثيل وصور أكثر مما في ذلك الدير، فقالوا لي: انظر هل ترى صورته؟ فنظرت فإذا أنا بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصورته، وإذا أنا بصفة أبي بكر وصورته آخذٌ بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لي: هل ترى صفته؟


[color=black]قلت: نعم.
قلت: لا أخبرهم حتى أعرف ما يقولون.
قالوا: هل هو هذا؟
قلت: نعم. فأشاروا إلى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: اللهم نعم، أشهد أنه هو.
قالوا: تعرف هذا الذي آخذٌ بعقبه؟
قلت: نعم.
قالوا: نشهد أن هذا صاحبكم، وأن هذا الخليفة من بعده.
عن جبير بن مطعم قال: كنت أكره أذى قريش رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلما ظننت أنهم سيقتلونه خرجت حتى لحقت بدير من الديارات، فذهب أهل الدير إلى رئيسهم فأخبروه، فقال: أقيموا له حقه الذي ينبغي له ثلاثاً.
فلما مرت ثلاث أحضروه الصورة.
قال: قلت ما رأيت شيئاً أشبه بشيء من هذه الصورة.
قال: فتخاف أن يقتلوه؟
قلت: أظنهم قد فرغوا منه.
قال: والله لا يقتلونه وليقتلن من يريد قتله، وإنه لنبي، وليظهرنه الله تعالى.
عن صفية بنت حُييّ قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء غدا عليه أبي حييُّ بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين.
قالت: فلم يرجعا حتى كان غروب الشمس، فأتيا كالَّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى، فهششت إليهما فما التفت إليَّ أحد منهما مع ما بهما من الهم، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟
قال: نعم والله.
قال: أتثبته وتعرفه؟
قال: نعم.
قال: فما في نفسك منه.
قال: عداوته والله ما بقيتُ أبداً.
ومن حديث مُخَيْريق وكان حَبراً عالماً كثير المال من النخل، وكان يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته وغلب عليه إلْف دينه، فلم يزل على ذلك حتى كان يوم أُحد، وكان يوم السبت.
فقال: يا معشر اليهود والله إنكم لتعلمون أن نصْر محمد عليكم لحقٌّ.

قالوا: فإن اليوم يوم السبت.
قال: لا سبت.


[font='Simplified Arabic']ثم أخذ سلاحه وخرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأُحد، وكان يوم السبت، وعهد إلى من ورائه من قومه: إن قُتِلتُ هذا اليوم فمالي لمحمد يصنع فيه ما أراه الله تعالى. فقاتل حتى قُتل فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يقول: «مُخَيْريْقُ خَيْرُ يَهُود» . وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله فعامة صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم منها.
عن ابن عباس: أن قريشاً اجتمعوا فيهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل، وأبو جهل، وأمية وأبيّ ابنا خلف، والأسود بن المطلب، وسائر قريش، فبعثوا منهم خمسة رهط، منهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث إلى المدينة، يسألون اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صفته ومبعثه، وقالوا: يزعم أنه نبي واسمه محمد وهو يتيم فقير، وإنا نزعم أنه يتعلم من مسيلمة الكذاب.
فقالوا: نجد نعته وصفته في التوراة وخاتم النبوة بين كتفيه.
قالوا: إن كان كما وصفتم فهو نبي مرسل وأمره حق فاتبعوه، ولكن سلُوه عن ثلاث خصال، فإنه يخبركم بخصلتين ولا يخبركم بالثالثة إن كان نبياً، فإنا قد سألنا مسيلمة عن هؤلاء الثلاث خصال فلم يدر ما هي، وقد زعمتم أنه يتعلم من مسيلمة.
فرجعت الرسل إلى قريش بالخبر من اليهود، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد أخبرنا عن خصال ثلاث: أخبرنا عن ذي القرنين، وعن الروح، وعن أصحاب الكهف.
فقال: «أخبركم بذلك غداً» . ولم يقل إن شاء الله.
فأبطأ عليه جبريل خمسة عشر يوماً لترك الاستثناء، فشق ذلك عليه، فجاء جبريل فقال:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء السادس عشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء السابع عشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثانى
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثامن عشر
» كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قرية اخطاب  :: اسلاميات-
انتقل الى: