عن التصوف و الصوفية

عن التصوف و الصوفية

الحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وآصحابه الطيبين الطاهرين

اعلموا ان الله تبارك وتعالى إذا أراد بانإان خيرا يفقه في الدين ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيراً يفقه في الدين , وهذا معناه : إن من لم يرد الله به خيراً كثيراً لا يفقهه في الدين ، بل يعيش جاهلاً.

فمن تعلم القدر الضروري في العقيده ثم الصلاة والطهاره ، وتعلم معاصي القلب واليد والرجل واللسان والبطن والبدن وتجنب المحرمات كلها وأدى الواجبات كلها وأكثر من السنن يصير ولياً ، أما بدون هذا فلا يصير ولياً بمجرد الذكر لا يصير ولياً.

الإنسان الذي لم يتعلم علم الدين الضروري هو كالإناء الفارغ يقبل ما يصب فيه ان كان شيئأ طاهراً وان كان شيئاً نجساً ، وبالعلم يعرف العمل الذي يحبه الله والعمل الذي لا يحبه الله.

الحقيقة باطن الشريعه هما شىء واحد ليسا متضادين ولا يصل الى الحقيقة الا من تمسك بالشريعه ، والكرامات والكشوفات لا يصل اليها إلا من عمل بالشريعة ؛ فهذا الجنيد سيد الطائفة الصوفيه رضي الله عنه المتوفى سنة مئتين واثنتين وتسعين قال ما أخذنا التصوف بالقال والقيل ولكن أخذناه بالسهر والجوع وترك المألوفات والمستحسنات ؛ لأن التصوف صفاء المعاملة مع الله

كما قال حارثه - رضي الله عنه - عزفت نفسي عن الدنيا أسهرت ليلي وأظمأت نهاري فكأني بعرش ربي بارزا وكأني باهل الجنة يتزاورون فيها وكأني باهل النار يتعاوون فيها. قال الحلاج : ولكن أخذناه بالسهر والجوع وترك المألوفات والمستحسنات اي ترك هوى النفس ترك شهوات النفس واما قوله رضى الله عنه لان التصوف صفاء المعاملة ، أي أن يعامل العبد ربه معاملة صافي

هذا الجنيد رضي الله عنه كان عالماً متبحرا حتى قال ما جعل الله سبيلاً لخلقه إلى علم إلا أعطاني حظاً من ذلك ، يعني كل فنون العلم من الحديث والفقه والنحو والبلاغة والحساب والفرائض وغير ذلك الله أعطاني من كل ذلك حظا.

يكفي ان يتعلم الشخص علم الدين الضروري ما يصحح به صلاته وصيامه وما يحل أكله وما يحرم وأحكام البيع وأحكام الشراء وعدة النساء و .......

فمن تعلم القدر الضروري الذي لا بد منه لتصحيح صلاته وصيامه وعقيدته ومعرفة الحلال والحرام مع تعلمه أحكام الصلاة والطهارة ، وما يتبع ذلك فهذا اذا جد في العمل صار صوفياً هذا يستحق ان يعطيه الله الحقيقه.

كان رجل يقال له حارثه بن مالك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم لقيه الرسول عليه الصلاة والسلام فقال له : كيف أصبحت يا حارثه ؟

فقال: أصبحت مؤمنا حقا .

فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم ):إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك ؟

فقال رضي الله عنه : عزفت نفسي عن الدنيا ، أسهرت ليلي وأظمأت نهاري ، وكأني بعرش ربي بارزا ، وكاني بأهل الجنة يتزاورون فيها ، وكأني بأهل النار يتعاوون فيها . فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : عرفت فالزم .

هؤلاء الصوفيه الذين يمنحهم الله الكرامات ، ويخرق لهم العادات

أبو مسلم الخولاني رضي الله عنه كان من التابعين من أهل اليمن ، ولد في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) ، لكنه لم يره ، وفي زمانه ادعى الأسود العنسي النبوة ، فصار أبو مسلم يكذبه ، ويقول للناس هذا كذاب .

فبلغه الخبر فأتى به ، فتكلم معه ، فكذبه أبو مسلم في دعواه ، اشعلوا ناراً ، فاشعلوا ناراً ، فرموه فيها فما أحرقته ، ثم في اليوم الثاني فعل مثل ذلك فلم تحرقه النار ، ثم في اليوم الثالث فعل مثل ذلك فلم تحرقه النار ، فقال له جماعته الذين آمنوا به أخرج هذا الرجل من أرضك حتى لا يفسد عليك الناس فنفاه.

هذا أبو مسلم بلغ خبره سيدنا عمر - رضي الله عنه - ن ثم عرفه سيدنا عمر لما رآه بالكشف وذلك لما حضر أبو مسلم الى المدينه المنورة ، فقال له عمر: أنت أبو مسلم الخولاني ؟ قال : نعم .

فقام سيدنا عمر فقبله بين عينيه وقال : الحمد لله الذي جعل في أمة محمد مثل خليل الرحمن ابراهيم .

هذا أبو مسلم - رضي الله عنه - في بعض الايام نام وهو يذكر الله تعالى فصارت السبحة تدورعلى يده . و لولا أنه متمسك بالشريعة ما حصل له ذلك

هؤلاء هم الذين جمعوا بين الحقيقة والشريعة. ليت الذين ينتسبون للتصوف – فى هذا العصر – يسيرون على نهج سادة التصوف الذين لم يحيدوا عن طريق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )

أشار تاج الدين بن عطاء الله في " لطائف المنن ": أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان في أول أمره على طريقة الفقهاء من المسارعة إلى الإنكار على الصوفية. فلما حج الشيخ أبو الحسن الشاذلي ورجع ، جاء إلى الشيخ عز الدين قبل أن يدخل بيته ، وأقراه السلام من النبي صلى الله عليه وسلم ، فخضع الشيخ عز الدين لذلك ، ولزم مجلس الشاذلي من حينئذ ، وصار يبالغ في الثناء على الصوفية لمَّا فهم طريقتهم على وجهها . وصار يحضر معهم مجالس السماع.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا على نهج النبي (صلى الله عليه وسلم) وأن يكرمنا برؤيته وشفاعته وسبحان الله وبحمده ، وسبحان الله العظيم ، والحمد لله رب العالمين .

» الصوفيه واصل التصوف