منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يسر منتدى قرية اخطاب ان يرحب بالسادة الزوار .. ويتمنى لهم قضاء وقتا سعيدا ومفيدا ... يتم التسجيل أولا فى المنتدى ثم الذهاب إلى لفتح صندوق الوارد (inbox) ستجد رسالة بعنوان منتدى قرية اخطاب يتم الضغط عليها ثم الضغط على رابط التفعيل وإا لم تجد الرسالة فى صندوق الوارد ستجدها فى (spam) وبعدها سيتم دخولك على المنتدى ... ويسعدنا ونتشؤف بان تكون عضوا معنا
اترككم فى عناية الله وتوفيقة ... مع تحياتى مدير المنتدى ... مصطفى شلبى
منتدى قرية اخطاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى قرية اخطاب

ايد واحدة نبنى بلدنا
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول
أخــطـابُ يـا قـلعةً للنـورِ زاهـرةً فيك العفافُ ومنك الطهرُ والأدبُ لو لم أكن فيك يا أخطابُ مولودًا لبحثْتُ عنكِ كما أوصت بكِ الكتبُ الناسُ حيرى بعيدًا عنكِ يا أملى حــتى إذا مـا أتـوْكِ فـاتَهُـم تـَعَــبُ أهلُ الفضائلِ فى أنحائِك اجتهدوا كى يُسعدوا كــلّ مُـحتاجٍ لهُ طـلـبُ كلّ المكارمِ والأخلاقِ قد جـمعتْ مجدَ الفراعين حتى جاءكِ الـعـربُ دوماً أتيهُ عـلى مـرّ الـزمـانِ بكِ أفضالكِ الغرّ قدْ هامتْ بها السحبُ الشمسُ والنجمُ والأقمارُ ظلّ لها من أهـلـكِ الصـالحينَ دائماً نسـبُ أخـطـابُ أنتِ التى فى قلبنا أبـداً أنتِ التى فى شغافِ القلبِ تحتجبُ حبّ البـلادِ التى عاشتْ بداخـلِنا فرضٌ على من إلى الأخلاقِ ينتسبُ
المواضيع الأخيرة
» ارقى مناطق التجمع الخامس بمنطقة اللوتس الجنوبية
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالثلاثاء مايو 06, 2014 11:10 pm من طرف رحاب صلاح

» شراء شات صوتي و يدعم ايضا الكاميرات-شراء دردشة صوتيه-شراء دردشة كامات
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:19 am من طرف رحاب صلاح

» هل موقعك الالكتروني يتوقف دائما؟ هنا الحل www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:16 am من طرف رحاب صلاح

» معلومات تهمك عن التجمع الخامس
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالسبت مارس 15, 2014 12:14 am من طرف رحاب صلاح

» استضافة لينوكس أو استضافة الويندوز : تعلم كيفية اختيار الاستضافة المناسبة لك
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:49 am من طرف رحاب صلاح

» منتج الدردشة الأفضل والأقوى في العالم تفضلوا بالدخول وقراءة هذا الموضوع
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:47 am من طرف رحاب صلاح

» اسعار التمليك والمفروش في المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالجمعة مارس 14, 2014 5:44 am من طرف رحاب صلاح

» احمي موقعك وزوارك من الهاكر وسمعة موقعك على محركات البحث www.qpali.com
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:20 pm من طرف رحاب صلاح

» طريقة شراء 123 شات فلاش من أي مكان في العالم
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:19 pm من طرف رحاب صلاح

» افخم مناطق المهندسين
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 4:17 pm من طرف رحاب صلاح

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 86 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 86 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 285 بتاريخ الخميس أكتوبر 10, 2024 3:31 pm
عداد الزوار
تصويت

 

 كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الرحمن حسن

عبد الرحمن حسن


عدد المساهمات : 56
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/03/2011

كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر   كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر Emptyالخميس يوليو 28, 2011 6:47 am

أبواب سراياه صلى الله عليه وسلم كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يخرج بعث السَّرايا

الباب الأول
في عذره عن تخلفه عن السرايا صلى الله عليه وسلم

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلاَ أنْ أشُقَّ عَلَى المُسْلِمينَ ما قَعَدْتُ خِلاَفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبيْلِ الله أبَداً، ولكنْ لاَ أجِدُ سَعَةً فَيَتَّبِعوُنِي، ولا تَطِيْبُ أنْفُسُهُم فَيَخْلِفوُنِ بَعْدي، والذي نَفْسِي بِيَدِه لَوَدِدْتُ أن أغْزُوَ فِي سَبِيْلِ الله فأُقْتَلُ، ثُمَّ أغْزُوَ فأُقْتَلَ» .

الباب الثاني
في عدد سراياه صلى الله عليه وسلم
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستًّا وخمسين سَرِيّةً، فلم نر أن نطيل بذكرها، وإنما ذكرنا الغزوات لأنه أمرٌ باشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه.
قال أبو الوفاء بن عَقيل: يقول جُهَّال الملحدة: إنّ محمداً بُعث بالسيف.
وهذا مُحال، إنما بُعث بالبراهين والحجج، فلمّا لم يَقْبلوا قُتلوا بالسيف مكانَ عذابِ الله للأمم السالفة.

الباب الثالث
في وصاياه السرايا صلى الله عليه وسلم

عن سليمان بن بُرَيدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرَّ أميراً على جيش أو سَرِية أوصاه في خاصَّته بتقوى الله عزّ وجلّ، وبمن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: «اغْزُوا بِاسْمِ الله فِي سَبِيْلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله، اغْزُوا ولا تَغُلُّوا ولا تَغْدُرُوا ولا تُمَثِّلوا ولا تَقْتُلوا واحِداً، فإذَا لَقِيْتَ عَدوَّكَ مِن المُشْرِكِينَ فادْعُهُم إلى ثَلاثِ خِصَالٍ، فَأيْتُهُن ما أجَابُوكَ فَاقْبَل مِنْهُم وكُفَّ عَنْهُم: ادْعُهُم إلَى الإِسْلاَمِ، فإنْ أجَابُوكَ فَاقْبَل مِنْهُم وكُفَّ عَنْهُم. وادْعُهُم إلى التَّحَوُّلِ من دَارِهِم إلى دَارِ المُهَاجِرينَ، وأخْبِرْهُم أنَّهُم (إن) فَعَلوا ذَلكَ فَلَهُم مَا للمُهَاجِرينَ، وعَلَيْهِم ما عَلَى المُهَاجِرينَ، فإن أبَوْا أن يَتَحَوَّلوا مِنها، فأخْبِرْهُم أنَّهم يكُونونَ كأعْرَابِ المُسْلِمينَ يَجْرِي عَلَيْهِم حُكْمُ الله الذي يَجْرِي عَلَى المُؤمِنينَ، ولاَ يكونُ لَهْم فِي الغَنِيْمَةِ أو الفَيْءِ شَيْءٌ، إلا أن يُجَاهِدُوا مَع المُسْلِمينَ» .
«فإن هُم أبَوْا فسَلْهُم الجِزْيَةَ، فإنْ هُم أجَابُوكَ فَأقْبَلْ مِنْهُم وكُفَّ عَنْهُم» .
«فإن هُم أبَوْا فاسْتَعِنْ بالله عَزَّ وجَلَّ وقَاتِلْهُم» .
«وإذا حَاصَرْتَ أهلَ حِصْنٍ فأرَادُوكَ على أن تَجْعَلَ لَهُم ذِمَّةَ الله وذِمَّةَ نَبِيِّه، فلا تَجْعَل لَهُم ذِمَّةَ الله ولاَ ذِمَّةَ نَبِيِّه، ولكن اجْعَلْ لَهُم ذِمَّتَكَ وذِمَّةَ أصْحَابِكَ، فإنَّكُم أنْ تَخْفِرُوا ذِمَّتَكُم وذِمَّةَ أصْحَابِكُم أهْوَن من أن تَخْفِرُوا ذِمَّةَ الله عَزَّ وجَلَّ وذِمَّةَ رَسُولِه» .

«وإذا حَاصَرْتَ أهلَ حِصْنٍ فَأرَادُوكَ أن تُنْزِلَهُم عَلَى حُكْمِ الله، فلا تَنْزِلْهُم عَلَى حُكْمِ الله، ولكن أنْزِلْهم عَلَى حُكْمِكَ، فإنَّكَ لا تَدْرِي أتُصِيْبُ حُكْمَ الله فِيْهِم أوْ لاَ» .

البَابُ الرّابع
في إنكاره صلى الله عليه وسلم ما لا يصلح من فعل أمير السرايا
عن سالم عن أبيه قال: بَعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خالدَ بن الوليد إلى بني جُذَيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يُحْسِنوا أن يقولوا: أسلمنا. فجعلوا يقولون: صَبَأْنا صبأنا. فجعل خالد يقتل ويَأْسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيراً، حتى إذا كان يومٌ أمرَ خالدٌ أن يَقتل كلُّ رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجلٌ من أصحابي أسيره، حتى قَدِمْنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له. فرفع يده وقال: «اللهُمَّ إنِّي أبْرَأُ إليْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» مرتين.
ابواب مكاتبته الملوك صلى الله عليه وسلم

الباب الأول
في إرساله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس وكتابه إليه
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطِب بن أبي بَلْتعة إلى المقوقس.
فلما وصل أكرمه وأخذ كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب في جوابه: قد علمتُ أن نبيًّا قد بقي، وقد أكرمت رسولَك.
وأهدى إليه أربع جوارٍ، منهن مارية وحماراً يقال له عفير وبغلةً يقال لها الدلدل. ولم يُسْلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَنَّ الخبيث بمُلْكه ولا بقاء لملكه.
فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هديته واصطفى مارية لنفسه، فولدت إبراهيم، ونفق الحمار مُنْصَرفه من حجة الوداع، وبقيت البغلة إلى زمن معاوية.

عن ابن جعفر قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحُدَيبية في ذي القعدة سنة ست من الهجرة، بعث حاطَب بن أبي بَلْتعة إلى المقوقس صاحب إسكندرية، وكتب معه كتاباً يدعو إلى الإسلام، فلما قرأ الكتابَ قال له خيراً وأخذ الكتاب، وكان مختوماً، فجعله في حقَ من عاج، ودفعه إلى جارية له، وكتب له النبي صلى الله عليه وسلم جوابَ كتابه ولم يُسْلم، وأهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مارية وحماره يَعْفور وبغلته دُلْدل وكانت بيضاء ولم يكن في العرب يومئذ غيرها.
وقد كان المقوقس يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم حق بما سمع من صفاته من أهل الكتاب، ولكنه لم يؤمن.
وخرج إليه المغيرةُ قَبْل إسلام المغيرة، فحدَّثه بذلك.
قال المغيرة في خروجه إلى المقوقس مع بني مالك، وأنهم لمَّا دخلوا على المقوقس قال: كيف خَلْصْتُم إليَّ محمدٌ وأصحابُه بيني وبينكم؟
قالوا: لَصِقْنا بالبحر وقد خِفناه على ذلك.
قال: كيف صنعتم فيما دعاكم إليه؟
قال: ما تبعه منا رجلٌ واحد.
قال: ولِم؟ قالوا: جاءنا بدينٍ مُحْدَث لا تَدِين به الآباء ولا يدين به المِلك، ونحن على ما كان عليه آباؤنا.
قال: كيف صَنَع قومُه؟ قالوا: تَبعه أحداثهم وقد لاقاه مَنْ خالفَه مِن قومه وغيرهم من العرب في مواطن كثيرة، وتكون عليهم الدائرةُ مرِّة، وتكون لهم.
قال: أمَا تُخْبروني وتَصْدُقوني إلى ماذا يدعو؟
قال: يدعو إلى أن نَعْبد الله وحده لا شريك له ونَخْلع ما كان يعبد الآباء، ويدعو إلى الصلاة والزكاة.
قال: وما الصلاة والزكاة أله وقت يُعرف وعدد ينتهي إليه.
قال: يُصلُّون في اليوم والليلة خمس صلوات كلُّها لمواقيت وعددٍ قد سموه له، ويؤدون من كل ما بلغ عشرين مثقالاً. ثم أخبروه بصدقة الأموال.

قال: فإذا أخذها أين يضعها؟

قال: على الفقراء يردُّها على فقرائهم، ويأمر بصلَة الرحم وإدامة الوفاء بالعهد ويحرِّم الربا والزنى والخمر، ولا يأكل ما ذُبح لغير الله.
قال: هو نبيٌّ مرسَل إلى الناس كافة، ولو أصاب القبطُ والروم تبعوه، وقد أمرهم بذلك عيسى بن مريم، وهذا الذي تصفون منه بُعث به الأنبياء من قبله، وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد ويظهر دينُه إلى مُنْتهى الخُفّ والحافر ومنقَطع البحار، ويوشك قومه يدفعونه بالرِّماح.
فقلنا: لو دخل الناسُ كلُّهم معه ما دخلنا. فأَنْغَض رأسَه، وقال: أنتم في اللّعب.
(ثم) قال: كيف نَسَبُه في قومه.
قلنا: هو أوسطُهم نَسباً.
قال: كذلك المسيحُ والأنبياء عليهم السلام تُبْعث في نسَب قومها.
قال: فكيف صِدْقُ حديثه؟ قلنا: ما يُسمَّى إلا الأمينَ مِنْ صِدْقه.
قال: انظروا في أمركم، أترونه يَصْدِق فيما بَيْنكم وبَيْنه ويكْذب على الله
قال: فمن تَبعه؟ قلنا: الأحداث.
قال: هم والمسيح أتباعُ الأنبياء قبلَه.
قال: فما فعلتْ به يهودُ يثرب فهم أهلُ التوراة؟
قلنا: خالَفوا فأوقع بها فقتلهم وسبَاهم وتفرقوا في كل وجه.
قال: هم حَسَدةٌ حَسَدوا، أمَا إنهم يعرفون من أمره مثلَ ما نعرف.
قال المغيرة: فقمنا مِن عنده، وقد سمعنا كلاماً ذلَّلنا لمحمد وخضعنا، وقلنا: ملوكُ العجم يصدِّقونه ويخافونه في بُعْد أرحامهم منه،ونحن أقرباؤه وجيرانه ولم ندخل معه، وقد جاءنا داعياً إلى منازلنا.

الباب الثاني
في ذكر إرساله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر وكتابه إليه
قالوا: أصبح قيصر يوماً مهموماً فقالت له بطارقته: ما هذا الهمُّ؟
قال: رأيت في هذه الليلة أن مُلْك الختان قد ظَهر. قالوا: ما نعلم أنه تختتن إلا يهود، وهم في سلطانك فاقتلهم.
فبَيْنا هم في ذلك من رأيهم أتاهم رسولُ صاحب بُصرى برجل من العرب يقوده، فقال: يا أيها الملك إنَّ هذا من العرب يحدِّث عن أمرٍ حدَث ببلاده عجيب.

فقال: هرقل لترجمانه: سَلْه هذا الحدث الذي كان ببلاده.
فقال: خرج من بين أَظْهُرنا رجلٌ يزعم أنه نبيٌّ، فأتبعَه ناسٌ وخالفه آخرون، وكانت بينهم مَلاحمُ فتركتهم على ذلك.
فقال: جرِّدوه فإذا هو مختون، فقال هرقل: هذا أوانه الذي رأيتُ، أعطوه ثوبَه. انطلق.
ثم دعا صاحبَ شرطته، فقال له: قلِّب لي الشام ظهراً وبطناً حتى تأتيني برجل من قومِ هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي.
قال أبو سفيان: وكنت قد خرجتُ في تجارة فهجم علينا صاحبُ شرطته، فقال: أنتم من قوم هذا الرجل؟
قلنا: نعم. فدعانا.
عن عبدالله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، بعث بكتابه مع دِحْية الكلبي، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بُصْرى ليدفعه إلى قيصر.
وكان قيصر لمَّا كشف الله عنه جنودَ فارس مشى من حِمْص إلى إيلياء تُبْسط له الزَّرابي.
قال ابن عباس: فلما جاء قيصر كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين قرأه: التمسوا لي رجلاً من قومه أسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قَدِموا تجاراً، وذلك في المدة النتي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش.
قال أبو سفيان: فأتاني رسولُ قيصر، فانطلق بي وأصحابي وأدخلَنا عليه، فإذا هو جالس في مجلس مُلْكه عليه التاج، وإذا حوله عظماء الروم.
فقال لترجمانه: سَلْهم أيُّهم أقربُ نسباً من هذا الرجل؟ قلت: أنا. قال: وما قرابتُك منه؟ قلت: ابنُ عمي.
قال أبو سفيان: وليس في الرَّكْب رجلٌ من بني عبد مناف غيري. فقال قيصر: ادنه. ثم أمر بأصحابي فجعلوا خلفَ ظهري ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه: إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإنْ كذَبني فكذَّبوه.

قال أبو سفيان: فوالله لولا الحياءُ يومئذٍ أن يَأْثِر أصحابي عني الكذب لكذَبْتُه حين سألني ولكني، استحيَيْت أن يَأْثروا عني الكذب فصدَقْته عنه.

ثم قال لترجانه: قل له كيف نَسَبُ هذا الرجل فيكم؟
قلت: هو فينا ذو نسب.
قال: فهل قال هذا القول أحدٌ قبْله.
قلت: لا.
قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
قلت: لا.
قال: فهل كان من آبائه مَنْ مَلَك؟
قلت: لا.
قال: فأشرافُ الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم.
قلت: بل ضعفاؤهم.
قال: فيزيدون أم ينقصون؟
قلت: لا بل يزيدون.
قال: فهل يرتدُّ أحد منهم سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟
قلت: لا.
قال: فهل يَغْدر.
قلت: لا، ونحن الآن منه في مدة ونحن نخاف ذلك.
قال أبو سفيان: ولم تمكني كلمة أُدْخل فيها شيئاً أتنقصه به غيرها، لأني أخاف أن يُؤْثر عني.
قال: فهل قاتلتموه وقاتلكم؟
قال: نعم.
قال: فكيف كانت حربُه وحربكم؟
قلت: كانت دُولاً سِجَالاً، يُدَال علينا المرَّة ونُدَال عليه الأخرى.
قال: فبم يأمركم.
قلت: يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصِّلة والوفاء بالعهد وأداء الأمانة.
قال: فقال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن نسَبه فيكم، فزعمت أنه فيكم ذو نَسب، وكذلك الرسل تُبْعث في أنساب قومها.
وسألتك: هل قال هذا القول أحدٌ قبلَه. فزعمت أنْ لا. فقلتُ: لو كان أحدٌ قال هذا القول قبله لقلت: رجلٌ يتأسَّى بقول قيل قبلَه.
وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبلَ أن يقول ما قال: فزعمت أن لا. فقد عرفت أنه لم يكن ليَذَر الكذبَ على الناس ويكذب على الله.
وسألتك: هل كان مِنْ آبائه من ملَك فزعمت أنْ لا (فقلت: لو كان من آبائه مِلك) قلت: رجلٌ يطلب مُلْك آبائه.
وسألتك: أشرافُ الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم. فزعمتَ أنَّ ضعفاؤهم اتبعوه وهم أتباع الرسل.
وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟

فزعمت أنهم يزيدون، وذلك الإيمان حتى يتم.
وسألتك أيرتدَّ أحدٌ سَخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمت أنْ لا، وكذلك (الإيمانُ) حين تخالطُ بَشَاشتُه القلوبَ.
وسألتك: هل يَغْدر؟ فزعمتَ أنْ لا. وكذلك الرسل لا تَغْدر.
وسألتك: هل قاتلتموه وقاتلكم؟ فزعمت أنْ قد فعل، وأنّ حربَه وحربكم تكون دُوَلاً، يُدَالَ عليكم مرةً وتُدَالون عليه أخرى، وكذلك الرسل تُبْتلى ثم تكون لها العاقبة.

وسألتك: بماذا يأمركم؟ فزعمتَ أنه يأمركم أنْ تعبدوا الله وحده لا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصدق والوفاء بالعهد وأداء الأمانة. وهذه صفة نبيَ قد كنتُ أعلم أنه خارجٌ، ولكن لم أظن أنه منكم.
وإن يكن ما قلتَ حقًّا فيوشك أنْ يملك موضعَ قدميَّ هاتين، والله لو أعلم أني أَخْلُص إليه لتجشَّمتُ لقاءه، ولو كنت عنده لَغَسلتُ عن قدميه.
قال أبو سفيان: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به فقريء فإذا فيه: «بِسْمِ الله الرَّحْمانِ الرَّحِيْم. مِن مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله ورَسُولِه إلى هِرَقْلَ عَظِيْمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَن اتَّبَعَ الهُدَى، أمَّا بَعْدُ فإنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإسْلاَمِ أسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤتِكَ اللَّهُ أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فإن تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إثْمُ الأَرِيْسِيِّينَ: و {س3ش64قُلْ ياأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }
(آل عمران: 64)
.
قال أبو سفيان: فلما قضَى مقالته علَت الأصواتُ حوله من عظماء الروم، وكثر لغَطهم، فلا أدري ما قالوا وأمر بنا فأخرجنا.

قال أبو سفيان: فلما خرجت مع أصحابي وخلصتْ قلت لهم: أَمِرَ أَمْرُ ابن أبي كَبْشة إنه ليخافه مَلِك بني الأصفر.
قال أبو سفيان: فوالله ما زلتُ ذليلاً مُسْتيقناً أن أمره سيظهر حتى أدخل الله في قلبي الأسلامَ وأنا كاره.
وقد روينا عن الزُّهري قال: حدثني أسقفٌّ من النصارى أن هرقل قدم عليه كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله بين فخذه وخاصرته، ثم كتب إلى رجل برومية، وكان يقرأ الكتاب العِبْرانيّ يخبره الخبر.
فكتب إليه صاحبُ روميَّة أنه النبي الذي ننتظره لا شك فيه فاتَّبعه وصدِّقه.
فأمر ببطارقة الروم فجُمعوا له في دَسْكَرة، وأُغلقت أبوابها ثم اطّلع عليهم من عُلِّية له وخافهم على نفسه. فقال: يا معشر الروم، إنه أتاني كتابُ هذا الرجل يدعوني إلى دينه، وإنه والله لَلنَّبِيّ الذي كنا ننتظر ونجده في كتبنا فهلم فلنتبعه فتَسْلم لنا دُنْيانا وآخرتنا.
فنَخَروا نَخْرة رجلٍ واحد، ثم ابتدروا أبوابَ الدَّسْكرة، فوجدوها قد أُغلقت، فقال ردُّوهم. فقال: يا معشر الروم، إنما قلت لكم لأنظر كيف صِلابتكم في دِينكم، فقد رأيتُ الذي أُسرُّ به.

فوقعوا سُجَّداً له وانطلقوا.
عن دِحْية بن خليفة قال: وجَّهني النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى ملك الروم وهو بدمشق، فناولته كتابَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقبَّل خاتمه ووضَعه تحت شيء كان عليه قاعداً، ثم نادَى فاجتمع البطاركة وقومُه، فقام على وسائد ثُبِّتتَ له، وكذلك كانت فارس الروم، لم تكن لها منابر.
ثم خطب أصحابَه فقال: هذا كتابُ النبي الذي بشَّرنا به المسيح عيسى من ولد إسماعيل بن إبراهيم. فنَخَروا نَخْرةً، فأومأ بيده أن اسكتوا، ثم قال: إنما جرَّبتكم لأنظر كيف نُصْرتكم للنصرانية.
قال: فبعث إليّ من الغد سرًّا، فأدخَلني بيتاً عظيماً فيه ثلاثمائة وثلاثة عشر صورة، فإذا هي صور الأنبياء المرسلين. قال: انظر أين صاحبُك من هؤلاء.

قال: فرأيت صورة النبي صلى الله عليه وسلم كأنه ينظر، فقلت: هذا.
قال: صدقت.
قال: صورة مَنْ هذا عن يمينه؟
قلت: رجلٌ من قومه يقال له أبو بكر الصديق.
قال: فمن ذا عن يساره؟
قلت: رجلٌ من قومه يقال له عمر بن الخطاب.
قال: أما إنا نجدُ في الكتاب أنَّ بصاحبيه هذين يُتم الله الدِّين.
فلما قَدِمتُ على النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتُه الخبرَ.
فقال: «صدَق، بِأَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ يُتِمُّ اللَّهُ هَذا الدِّيْنَ ويَفْتَحُ» .
وحكى ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن هرقل قال لدِحْية: والله إني لأعلم أنَّ صاحبك نبيٌّ مُرْسل، وأنه الذي كنا ننتظره، ولكني أخاف على نفسي من الروم، ولولا ذلك لاتبعته.
وحكى ابن إسحاق عن خالد بن سِنَان، عن رجل من قدماء الروم، قال: لما أراد هرقلُ الخروجَ من الشام إلى القُسْطنطينيَّة، لما بلغه من أمرْ رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعَ الرومَ وقال: إني عارضٌ عليكم أمراً فانظروا.
قالوا: ما هو؟
قال: تعلمون والله (أن) هذا الرجل لنبيٌّ مُرْسل نجده في كتبنا نعرفه بصِفته، فهلم نتبعه.
قالوا: تكون تحت أيدي العرب
قال: فأعطيه الجزية كل سنة أكسر عنّي شوكته وأستريح من حربه.
قالوا: نُعْطِي العربَ الذلَّ والصَّغار لا والله.
قال: فأعطيه أرضَ سورية، وهي فلسطين والأردن ودمشق وحمص وما دون الدَّرْب.
قالوا: لا نفعل.
قال: أما والله لتَرونَّ أنكم قد ظَفرتم إذا امتنعتم في مدينتكم.
ثم جلس على بغل له فانطلق، حتى إذا أَشْرَف على الدَّرْب استقبل أرضَ الشام فقال: السلام عليكِ أرض سوريّة سلامَ الوداع. ثم ركض حتى دخل القسطنطينية.

قال المصنف: وقد بعث أبو بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر.

عن موسى بن عُقْبة أن هشام بن العاص ونُعَيم بن عبدالله ورجلاً آخر قد سمَّاه، بُعثوا إلى ملك الروم في زمان أبي بكر، قال: فدخلنا على جَبَلة بن الأيْهم وهو بالغوطة، وإذا عليه ثيابٌ سُود، وإذا كلُّ شيء حوله أسود.
فقال: لبستُ هذه نَذْراً ولا أنزعها حتى أخرجكم من الشام كلها.
قلنا: فاتَّئدْ حتى تَمْنع مجلسك، فوالله لنأخذنّه منك ومن الملِك الأعظَم، إن شاء الله تعالى، أخبرنَا بذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم.
قال: فأنتم إذاً السُّمراء.
قلنا: السُّمراء؟
قال: لستم بهم.
قلنا: ومن هم؟
قال: الذين يصومون النهار ويقومون الليل.
قلنا: نحن والله هم.
فكيف صَلاتُكم؟ فوصَفْنا له صَلاتنا.
قال: فوالله لقد غشيه سوادٌ حتى صار وجهه كأنه قطعةُ طابق.
قال: فقوموا فأمر بنا إلى الملك، فانطَلْقنا فلقينا الرسولُ بباب المدينة.
فقال: إن شئتم (أتيتكم) ببغال، وإن شئتم أتيتكم ببرَاذين.
قلنا: لا والله لا ندخل عليه إلا كما نحن.
قال: (فأرسل إليه أنهم يأبون. قالSmile فأرسل أنْ خَلِّ سبيلهم.
فدخلنا مُعْتَمِّينَ متقلدين السيوفَ على الرواحل، فلما كنا بباب الملك إذا هو في غرفة له عالية، فنظر إلينا فرفَعْنا رؤوسنا وقلنا: لا إله إلا الله.
قال: فالله أعلمُ لانتقضت الغرفة كلها حتى كانا عِذْقٌ نفضَتْه الريح.
قال: فأرسل إلينا: أنَّ هذا ليس لكم أن تَجْهَروا بدينكم عليّ.
وأرسل أن ادخلوا فدخلنا فإذا هو على فراش إلى السقف، وإذا عليه ثياب حُمر وإذا كل شيء (عنده أحمر إذا) عنده بطارقة الروم، وإذا هو يريد أن يكلِّمنا برسول.
فقلنا: لا والله لا نكلمه برسول وإنما بُعثنا إلى الملك، فإن كنت تحب أن نكلمك فاذن لنا نكلمك.
فلما دخلنا عليه ضحك، وإذا هو رجل فصيح يُحْسن العربية. فقلنا: لا إله إلا الله. فالله أعلم قد انتقض السقفُ حتى رفع رأسه هو وأصحابه.
فقال: ما أعْظمُ كلامِكم عندكم؟
قلنا: هذه الكلمة.
قال: التي قلتموها قبلُ؟
قلنا: نعم.

قال: فإذا قلتموها في بلاد عدوِّكم انتقضت سقوفهم؟
قلنا: لا.
قال: فإذا قلتموها في بلادكم انتقضت سقوفهم؟
قلنا: لا وما رأيناها فعلَتْ هذا وما هو إلا شيء مُيِّزتَ به.

قال: ما أحسنَ الصدق فما تقولون إذا افتتحتم المدائن؟
قلنا نقول: لا إله إلا الله والله أكبر.
قال: تقولون لا إله إلا الله ليس معه شيء، والله أكبر، أكبر من كل شيء؟ قلنا: نعم.
قال: فما يمنعكم أن تحيُّوني تحية نبيكم؟
قلنا: إن تحية نبينا لا تحلُّ لك، وتحيتك لا تحل لنا فنحييك بها.
قال: وما تحيتكم؟
قلنا: تحية أهل الجنة.
قال: وبها كنتم تحيُّون نبيكم؟
قلنا: نعم.
قال: فمن كان يورث منكم؟
قلنا: من كان أقربَ قرابةً.
قال: وكذلك ملوككم؟
قلنا: نعم.
قال: فأمر لنا بنزل كثير ومنزل حسن فمكثنا ثلاثاً، ثم أرسل إلينا ليلاً، فدخلنا عليه وليس عنده أحد، فاستعادَنا كلامَنا، فأَعَدْنا عليه، وإذا عنده شِبْه الربعة العظيمة مُذهبة، إذا فيها أبواب صغار، ففتح منها باباً فاستخرج منه خرقة حرير سوداء فيها صورة بيضاء، وإذا رجل طِوَالٌ أكثر الناسِ شعراً.
فقال: أتعرفون هذا؟
قلنا: لا.
قال: هذا آدم.
ثم أعاده، وفتح باباً آخر فاستخرج منه حريرةً سوداء، فإذا فيها صورة بيضاء، فإذا رجلٌ ضخم الرأس عظيم له شعر عظيم كشعر القبط أعظم الناس إلْيتيْن أحمر العينين.
قال: أتعرفون هذا؟
قلنا: (لا
قال): هذا نوح.
ثم أعاده، وفتح باباً آخر فاستخرج منه حريرةً سوداء فيها صورة بيضاء. قال: فقلنا: النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: والله هذا محمد رسول الله.
قال: فالله أعلم أنه قام وقعد (ثم) قال: آلله بدينكم إنه نبيكم؟
قلنا: الله بديننا إنه نبينا، كأنما ننظر إليه حيًّا.
ثم قال: أما إنه كان آخر الأبواب، ولكني عجلته لأنظر ما عندكم.

ثم أعاده وفتح باباً آخر فاستخرج منه خرقة سوداء فيها صورة بيضاء، فإذا رجل مقلَّص الشفتين، غائر العينين، مُتراكب الأسنان، كثُّ اللحية، عابسٌ.
قال: أتعرفون هذا؟
قلنا: لا.
قال: هذا موسى. وإلى جنبه رجل يشبهه غير أن في عينيه قبلاً وفي رأسه استدارة، فقال: هذا هارون.
ثم رفعها وفتح باباً آخر فاستخرج منه خرقة سوداء، فإذا صورة حمراء أو بيضاء، فإذا رجل مَرْبُوع أشبه من خَلْق امرأة عجوز.
قال: أتعرفون هذا؟
قلنا: لا.
قال: هذا داود.
ثم عاد وفتح باباً آخر واستخرج منه حريرة سوداء، وإذا فيها صورة بيضاء وإذا رجل راكب على فرس طويل الرجلين (قصير الظهر) كلُّ شيء منه جناح، تحفُّه الريح.

قال أتعرفون هذا؟
قلنا: لا.
قال: هذا سليمان.
ثم فتح باباً آخر واستخرج منه حريرة سوداء فيها صورة بيضاء، فإذا هو شاب تعلوه صُفْرَة صَلت الجبين حسن اللحية؛ قال: أتعرفون هذا؟
قلنا: لا.
قال: هذا عيسى بن مريم.
ثم أعاده وأمر بالربعة فنزعت.
فقلنا: هذه صورة نبينا قد عرفناها فإنا قد رأيناه، فهذه الصور التي لم نرها كيف نعرف أنها هي؟
فقال: إن آدم عليه السلام سأل ربه أن يريه صورة نبيّ (نبيّ)، فأخرج إليه صورهم في خِرَق الحرير من الجنة، فأصابها ذو القرنين في خزانة آدم في مغرب الشمس، فلما كان دانيال صوَّر هذه الصور فهي بأعيانها.
فوالله لو تطيب نفسي بالخروج عن مُلكي ما باليت أن أكون عبداً (لأشدكم ملكة) ولكن عسى أن تطيب نفسي.
قال: فأحسن جائزتنا وأخرجنا..
عن هشام بن العاص قال: بعثني أبو بكر الصديق ورجلاً آخر من قريش إلى هرقل صاحب الروم ندعوه إلى الإسلام، فخرجنا حتى قدمنا الغوطة ونزلنا على جبلة بن الأيهم. فذكر الحديث وذكر فيه صفة لوط وإسحاق ويعقوب وإسماعيل ويوسف.
فلما قدمنا على أبي بكر حدثناه، فبكى أبو بكر وقال: مسكين لو أراد الله به خيراً لفعل.

ثم قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم واليهود يجدون نَعْتَ محمد صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {س7ش157الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأٌّغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِى? أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (الأعراف: 157)


الباب الثالث
في ذكر إرساله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وكتابه إليه
عن عبدالله بن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بن حَذَافة بكتابه إلى كسرى، فدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيمُ البحرين إلى كسرى، فلما قرأه ـ يعني كسرى ـ مزَّقه.
قال ابن شهاب: فحسبت أن المسيَّب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُمزَّقوا كل ممزَّق.
عن محمد بن إسحاق قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بن حذافة بن قيس إلى كسرى بن هرمز ملك فارس، وكتب: «بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ. مِن مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسٍ سَلاَمٌ عَلَى مَن اتَّبَعَ الهُدَى وآمَنَ بالله ورَسُولِه. أدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الله، فإنِّي أنَا رَسُولُ الله إلى النَّاسِ كَافَّةً لأنْذِرَ مَن كَانَ حَيًّا ويَحِقَّ القَوْلُ على الكَافِرِينَ. فأسْلِمْ تَسْلَمْ، فإنْ أبَيْتَ فإنَّ إثْمَ المَجُوسِ عَلَيْكَ» .
فلما قرأ كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم شقَّ كتابه.

ثم كتب كسرى إلى باذان وهو على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز من عندك رجلين جَلْدَين فليأتياني به.
فبعث باذان قهرمانة وهو بابويْه، وكان كاتباً حاسباً، وبعث معه برجل من الفُرْس وكتب معهما كتاباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى، وقال لبَابويْه: ويلك انظر حال الرجل وكلمه وائتني بخبره.
فخرجا حتى قدما الطائف، فسألا عنه، فقالوا: هو بالمدينة. واستبشروا وقالوا قد نَصب له كسرى، كُفيتم الرجل
فخرجا حتى قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه بابويه وقال: إن شاه شاه ملك الملوك كسرى كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثني إليك لتنطلق معي، فإن فعلتَ كتبتُ فيك إلى ملك الملوك بكتاب ينفعك ويكفُّ عنك به، وإن أبيت فهو من قد علمتَ، وهو مهلكك ومهلك قومك ومخرِّب بلادك.
وكانا قد دخلا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما، فكره النظر إليهما وقال: «ويْلَكُمَا مَن أمَرَكُمَا بِهذا؟»
قالا: أمرنا بهذا ربُّنا. يعنيان كِسْرى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكنَّ رَبِّي أمَرَنِي بإعْفَاءِ لِحْيَتِي وقَصِّ شَارِبِي» .
ثم قال لهما: «ارْجِعَا حتَّى تَأْتِيَانِي غَدًا» .
وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر أن الله سلّط على كِسرى ابنَه شيرويه فقتله في شهر كذا في ليلة كذا وكذا ولكذا من الليل.

فلما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما: «إنَّ رَبِّي قَتَلَ رَبَّكُمَا لَيْلَة كَذَا وكَذَا لكَذَا وكَذَا منَ اللَّيْلِ، سَلَّطَ عَلَيْه ابْنَه شِيْرَوَيْه فَقَتَلَه» .
فقالا: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقِمْنا منك ما هو أيسر من هذا، أفنكتب بها ونخبر الملك؟».

قال: «نَعَمْ، أخْبِرَاه ذَلكَ عَنِّي، وقُولاَ لَه: إنَّ دِيْنِي وسُلْطَانِي سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى، وينْتَهِي إلى مُنْتَهَى الخُفِّ، والحَافِرِ، وقُولاَ لَه: إنَّكَ إن أسْلَمْتَ أعْطَيْتُكَ ما تَحْتَ يَدَيْكَ وملّكْتُكَ عَلَى قَوْمِكَ مِن الأَبْنَاء» .
ثم أعطى رفيقه الآخر مِنْطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك.
فخرجا من عنده حتى قدما على باذان (فأخبراه) الخبر فقال: والله ما هذا بكلام مَلك، إني لأرى الرجل نبيًّا كما يقول، ولننظرنَّ ما قال، فلئن كان ما قال حقاً إنه لنبي مُرْسَل، وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا.
فلم يلبث باذانُ أن قدم عليه كتابُ شيرويه: أمَّا بعد فإني قتلت كسرى ولم أقتله إلا غضباً لفارس، لما كان يستحلُّ بقتل أشرافهم وتَجْميرهم في ثغورهم فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممَّن قِبَلَك، وانظر الرجل الذي كان كسرى كتب لك فيه فلا تهِجْه حتى يأتيك أمري فيه.
فلما انتهى كتابُ ابن كسرى إلى باذان قال: إن هذا الرجل رسولُ الله، فأسلم وأسلمت الأبناء من فارس، من كان منهم (باليمن).
عن المقْبُري قال: جاء فيروز الديلمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن كِسرى كَتب إلى باذان: أن بلغني أن في أرضك رجلاً نبيًّا فاربطه وابعث به إليَّ: فقال: «إنَّ رَبِّي غَضِبَ عَلَى رَبِّكَ فَقَتَلَه بَنُوه سَحَرًا لِسَاعَةٍ» . فخرج من عنده فسمع الخبر فأسلم وحَسُن إسلامه.

الباب الرابع
في ذكر إرسال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي وكتابه إليه

قال ابن إسحاق: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أُمية إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه، وكَتب معهم: «بِسْمِ الله الرَّحْمانِ الرَّحِيم مِن مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلى النَّجَاشِيّ مَلِكِ الحَبَشَةِ. إنِّي أحْمَدُ إليْكَ اللَّهَ الذي لاَ اله إلاَّ هو المَلِكُ القَدُّوسِ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ، وأَشْهَدُ أنَّ عِيْسَى بْنَ مَرْيَمَ رُوْحُ الله وَكَلِمَتُه ألْقَاها إلى مَرْيَمَ البَتُولِ الطَّيِّبَةِ فَحَمَلَتْ بِعِيْسَى، وإنِّي أدْعُوكَ إلى الله وَحْدَه لا شَرِيكَ لَه وأنْ تَتَّبِعْنِي وتُؤْمِنَ بالذي جَاءَنِي، فإنِّي رَسُولُ الله، وقَدْ بَعَثْتُ إليْكَ ابْنَ عَمِّي جَعْفَرًا ومَعَه نَفَرٌ منْ المُسْلِمِينَ. والسَّلامُ عَلَى مَن اتَّبعَ الهُدَى» .
وكَتب النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشي سلامٌ عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام.
أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكَرت من أمر عيسى، فوربِّ السماء والأرض إن عيسى عليه السلام ما زاد على ما ذكرْت ثفرُوقاً، وإنه كما قلت. وقد عرفنا ما بعثته إلينا وقدم ابن عمك وأصحابه، وأشهد أنك رسول الله، وقد بايعتُك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين وقد بعثت إليك بابني، وإن شئت أن آتيك فعلتُ يا رسول الله. فإني أشهد أن ما تقول حق، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال ابن إسحاق: فذكر لي أنه بعث ابنه في ستين من الحبشة في سفينة حتى إذا توسطوا البحر غرقت بهم سفينتهم فهلكوا.

وقال الواقدي عن أشياخه: كَتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابين إلى النجاشي يدعوه في أحدهما إلى الإسلام ويتلو عليه القرآن، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه على عينيه ونزل عن سريره وجلس على الأرض تواضعاً، ثم أسلم وشهد شهادة الحق. وقال: لو كنت أستطع أن آتيه لأتيته.
وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجابته وتصديقه، وإسلامه على يد جعفر.
وفي الكتاب الآخر يأمره أن يزوجه بأم حبيبة بنت أبي سفيان، وكانت هاجرت إلى الحبشة مع عبيد الله بن جحش الأسدي فتنصَّر هناك ومات، وأمره في الكتاب أن يبعث إليه بمن قِبَله من أصحابه ويحملهم. ففعل ذلك.
عن أبي قتادة قال: قدم وفدُ النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يخدمهم بنفسه، فقال له أصحابه: نحن نكفيك.

فقال: «إنَّهُم كَانُوا يُكْرِمُونَ أصْحَابِي فَأُحِبُّ أنْ أُكَافِأَهُم» .
عن أبي هريرة قال: نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي اليوم الذي مات فيه فخرج إلى المصلى فصف أصحابه خلفه وكَبَّرَ عليه أَرْبعاً.
قال عائشة رضي الله عنها: لما مات النجاشي كُنَّا نتحدث أنه لا يزال يُرَى على قبره نور.
وقد روي لنا أن النجاشي الذي كَتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالنجاشي الذي صلّى عليه.
عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كَتب إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الباب الخامس
في ذكر إرساله صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر الغساني، وكتابه إليه
روى الواقدي عن أشياخه قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاعَ بن وهب الأسدي إلى الحارث ابن أبي شِمْر يدعوه إلى الإسلام، وكتب معه كتاباً.

قال شجاع: فانتهيت إليه وهو بغوطة دمشق لتهيئة الأنزال والألطاف (لقيصر) من حمص إلى إيلياء، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة، فقلت لحاجبه إني رسولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا. وجعل حاجبه ـ وكان روميَا ـ يسألني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أحدِّثه عن صفة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه فيرقُّ حتى يَغْلبه البكاء ويقول: إني قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي ونَعْته، وأنا أُومن به وأصدِّقه، وأخاف من الحارث أن يقتلني. فكان يكرمني ويحسن ضيافتي.
وخرج الحارث يوماً فجلس ووضع التاج على رأسه، فأذن لي عليه، فدفعت إليه كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأه ثم رمى به وقال: من ينزع مني مُلكي أنا سائر إليه عليَّ بالناس. فلم يزلْ يعرضُ ختى قام، وأمر بالخيول (أن) تُنعل.
ثم قال: أخبر صاحبك بما ترى.
(وكتب إلى قيصر يخبره بخبري) فكتب إليه قيصر: أن لا تسرْ إليه والْه عنه ووافِني بإيلياء.
فلما جاء جوابُ كتابه دعاني فقال لي؛ متى تريد أن تخرج لصاحبك؟ فقلت: غداً. فأمر لي بمائة دينار ذهباً، ووصَلني حاجبُه بنفقة وكسوة وقال: اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام.
فقدمتُ على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: «بادَ مُلْكُه» .
ومات الحارث بن أبي شمر عام الفتح.

الباب السادس
في ذكر إرساله صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفي وكتابه إليه

روى الواقدي عن أشياخه قالوا، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سَلِيط بن عمرو العامري إلى هَوْذَة بن علي الحنفي يدعو إلى الإسلام وكتب معه كتاباً، فقدم عليه فأنزله وحبَاه، وقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب إليه: ما أحسنَ أن تدعو إليه وأجمله، وأنا شاعر قومي وخطيبهم، والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر أتَّبعك. وأجاز سَلِيط بن عمرو يجائزة وكساه ثوباً من نسيج هجر.
فقدم بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره عنه بما قال، وقرأ كتابه فقال: «لَوْ سَأَلَنِي سَيَابةً مِن الأَرْضِ مَا فَعَلْتُ، بَادَ وبَادَ مَا فِي يَدَيْه».
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتح جاءه جبريل فأخبره أنه مات.

الباب السابع
في ذكر إرساله صلى الله عليه وسلم إلى جبلة بن الأيهم
كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبلة بن الأيهم ملك غسان يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وكتب بإسلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم لم يزل مسلماً إلى زمن عمر بن الخطاب، فطاف بالبيت فوطىء إزاره رجلٌ من بني فزارة فانحلّ، فرفع جبلةُ يده فلطمه فهشَم أنفه، فاستعدى عليه عمرَ فقال له: إما أن تُرْضِي الرجل وإما أن أُقيده منك. قال: إذاً أتنتصَّر. قال: إن تنصَّرْتَ ضربتُ عنقك. قال: سأنظر في أمري الليل. فتحمَّل في الليل هو وأصحابه حتى أتى القسطنطينية فتنصَّر ومات على ذلك.
وقد شرحنا قصته في كتاب «المنتظم».

الباب الثامن
في ذكر إرساله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الكلاع
(وكان) ملكاً من ملوك الطائف، واسمه سَمَيْفع بن حَوشب. وكان قد استعلى حتى ادعى الربوبية، فكاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على يد جرير بن عبدالله، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل عَود جرير.

وأقام ذو الكَلاَع على ما هو عليه إلى أيام عمر، ثم رغِب في الإسلام فوفد على عمر ومعه ثمانمائة عبد، فأسلم هو وعبيده كلهم، وقال لعمر: لي ذنبٌ ما أظن الله تعالى يغفره. قال: ما هو؟
قال: تواريتُ مرةً عمن تعبدَّ لي، ثم أشرفتُ عليهم فسجد لي زُهاء مائة ألف.
فقال عمر: التوبة بإخلاص يُرْجى بها الغفران.
عن علوان بن داود عن رجل من قومه قال: بعثني قومي بهدية إلى ذي الكَلاع في الجاهلية، فمكثت سَنة لا أصل إليه، ثم إنه أشرف بعد ذلك من القصر فلم يره أحد إلاَّ خَرَّ له ساجداً. ثم رأيته بعد ذلك في الإسلام قد اشترى لحماً بدرهم فلم يكن معه من يحمله فسمَطه على فرسه وأنشأ يقول:
أفّ للدنيا إذا كانت كذا
كلَّ يوم أنا منها في أَذَى
ولقد كنتُ إذا ما قِيلَ مَنْ
أنْعَمُ الناسِ معاشاً قيلَ ذا
بَدَّلَتْنِي بعدَ عِزِّي شَقْوَةً
حبَّذا فيك شَقايَ حبذا

الباب التاسع
في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فروة الجذامي
عن وائل بن عمرو قال: كان فَرْوَة بن عمرو الجذامي عاملاً للروم فأسلم وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وبعث به رجل من قومه وبعث إليه ببغلة بيضاء وفرس وحمار وأثواب، وبقَباء سندس محوَّص بالذهب.
وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِن مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلَى فَرْوَةَ بْنِ عَمْروٍ، أمَّا بَعْدُ فَقَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُكَ وبَلَّغَ مَا أرْسَلْتَ بِه، وخَبَّر عَمَا قِبلَكَ وأتَانَا بإسْلاَمِكَ. قَال: وإنَّ اللَّهَ هَدَاكَ بِهُدَاه» .
وأمر بلالاً فأعطى رسولَه اثنتي عشرة أوقية ونَشًّا.
وبلغ ملكَ الروم إسلامُ فورة فقال له: ارجع عن دينك. قال: لا أفارق دين محمد صلى الله عليه وسلم، وإنك تعلم أن عيسى بشّر به ولكنك تضِنُّ بملكك. فحبسه ثم أخرجه فقتله وصلبه.

الباب العاشر

في ذكر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ابني الجَلَنْدي
كتَب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما وهما بعُمان يدعوهما مع عمرو بن العاص.
قال: فعمدْت إلى عبْدٍ فقلت: إني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إليك وإلى أخيك.
قال: أخي المقدَّم عليّ بالسنِّ والملْك، وأنا أوصلك إليه.
فدخلتُ عليه فدفعتُ إليه الكتابَ مختوماً، فقرأه فقال: دعني يومي هذا وارجع إليّ غداً. فرجعت إليه، فقال: إني فكَّرتُ فيما دعوتني إليه، فأنا أضعفُ العرب إنْ ملَّكْتُ رجلاً ما في يدي (وهو لا تبلغ خيله ها هنا، وإن بلغت خيله ها هنا أَلِفَتْ قتالاً ليس كقتال من لاقى(. قلت: فإني خارجٌ غداً.
فلما أصبح أرسل إليّ فأجابَ إلى الإسلام هو وأخوه وخلَّيَا بيني وبين الصدقة فأخذتها فرددتها في فقرائهم.

الباب الحادي عشر
في إرساله صلى الله عليه وسلم إلى المنذر
بعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوَى العبدي بالبحرين، فكتب المنذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسلام والتصديق.

الباب الثاني عشر
في كتابه صلى الله عليه وسلم إلى ملوك حمير

عن محمد بن إسحاق عن عبدالله بن أبي بكر قال: قدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير مَقْدمه من تبوك بإسلام الحارث بن عبد كُلال ونُعيم بن عبد كلال والنعمان قَيْل ذي رُعَيْن وَهِمْدان ومعافر، فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بِسْمِ الله الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ. مِن مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلى الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ ونُعَيْمٍ بنِ عَبْدِ كُلاَلٍ والنُّعْمَانَ قَيْل ذي رُعَيْن وهَمْدَانَ ومَعَافِرُ، أمَّا بعدُ فإنِّي أحْمَدُ إليْكُم اللَّهَ الذي لاَ اله إلاَّ هو، فإنَّه وَقَعَ إليْنَا رَسُولَكُم قَافِلاً مِن أرْضِ الرُّومِ، فَلَقِيَنا بالمَدِينَةِ، فَبَلَّغَ مَا أرْسَلْتُم، وأنْبَأنا بإسْلاَمِكُم وقَتْلِكُم المُشْرِكِينَ، وإنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ هَدَاكُم بِهِدَايَتِه إن أصْلَحْتُم وأطَعْتُم اللَّهَ ورَسُولَه وأقَمْتُم الصَّلاَةَ وأعْطَيْتُم الزَّكَاةَ وأعْطَيْتُم مِن المِغْنَامِ خُمْسَ الله وخُمْسَ نَبِيِّه وصَفِيَّة، ومَا كَتَبَ اللَّهُ عَلى المُؤْمِنينَ مِن الصَّدَقَةِ، ومَن كانَ عَلَى يَهُودِيَّتِه أو نَصْرَانِيَّتِه، فإنَّه لا يُغَيِّرُ عَنْهَا وعَلَيْه الجِزْيَةُ» .
وقد كتب وأرسل إلى آخرين، فاقتصرنا على ما ذكرنا، والله الموفق.
قال ابن عقيل: من الدليل على صحة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كاتَبَ كسرى وقيصر وغيرهما، وأمْرُه مع قومه كلهم ما استتبَّ، فضلاً عن عامة العرب، ولولا أنه مدفوع إلى المكاتبة من جهة مَن إليه حفظُ العاقبة لم يفعل ذلك، فإن ذلك لا يَصْدر عن رأيِ ذي رأيٍ قط.
ثم أفْضَى الأمرُ إلى أن قُسمت غنائم كسرى في مسجده، وإنما كان يتكلم على ما اطلع عليه من انتشار دعوته وعُلوّها على كل الملْك، فذاك الذي أطالَ لسانَه على الكل.
فهل يكون في الاطلاع على الغيب أوْحَى من هذا ومن الثقة بالمرسِل له.
فهذا الذي لِلْعالم أن يستدلّ به على صدقه.

فما أسْخَف عقولَ الشاكِّين في نبوّته مع تَشَعْشُع أنوار صدقه.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الوفا بتعريف فضائل المصطفى - الجزء التاسع عشر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قرية اخطاب  :: اسلاميات-
انتقل الى: