إن الطفل في المرحلة الأولى من حياته يتعلم بشكل عفوي عشوائي من خلال ما يراه من حوله من قيم وعادات وتقاليد و سلوكيات تصدر من الأم و الأب بالدرجة الأولى حيث أنه يحاول أن يقلد والده و والدته في عادات الطعام و الشراب و الدخول و الخروج ويتعلم من خلال الوالدين أو الأطفال الصغار الآخرين كيف يلعب و هنا يبدأ بالتعلم من خلال اللعب فكل ما يتعلمه الطفل في هذه المرحلة قد لا تكون بالضرورة من نتاج التربية المنظمة , بالاضافة أن تعلمه في هذه المرحلة جاء من خلال وجوه لطالما وجدها امامه ويلقى منها كل محبة و عطف ودلال حيث انه لم يتعلم الاجبار في التعلم ولا الإنتظام في الحصول على المعلومة أو السلوك المناسب , لذلك لابد من تهيئة الطفل و مساعدته للدخول في المرحلة الثانية و هي مرحلة دخول المدرسة , فطالما انه تعوّد الانفرادية في المنزل من حيث الحصول على العطف الكامل له ولوحده هنا لابد من مساعدته في الاندماج مع جو المدرسة حيث أن هناك عدد كبير من الأطفال الآخرين الذين سيتقاسمون معه كل ماهو موجود في هذا البناء الغريب نسبيا , كما لابد من مساعدته للتعوّد على الوجوه الغريبة التي سوف يراها في المدرسة بعد أن تعوّد التعامل مع أفراد محددين في المنزل أو بعض الجيران , و أيضا لابد من مساعدته على التعود على الابتعاد عن امه بعد أن كان يمضي معها كل أوقاته , بالاضافة الى كل هذا فتعوّده على التعلم العفوي العشوائي بحد ذاته يشكل مشكلة له في المدرسة حيث يلاقي نوع من التربية المنظمة و التعلم المنظم الهادف .
ولكن من حسن الحظ أن نُفور الطفل من التعليم المدرسي ليس أمراً طبيعياً بل يرجع إلى عوامل يمكن التحكم فيها أو التخفيف منها ومن تأثيرها.
فالطفل لديه دافع طبيعي للتعلم وهو دافع يطلق عليه العلماء والباحثون أسماء مختلفة فهو "الميل لارتياد المجهول" أو "حب الجديد".
وهكذا فأمام المدرسة فرصة ذهبية لتعزيز هذا الدافع الطبيعي وتوظيفه في توفير تهيئة نفسية عامة للتعلم المدرسي لدى أطفالها.
بعض هذه الظروف:
1- أن تهيئة الطفل نفسياً نحو المدرسة إنما هو أمر يعني كلاً من المنزل والمجتمع المحلي إلى حد بعيد، فإذا كانت أسرة التلميذ تتقبل المدرسة وتقدر دورها (كمؤسسة تعليمية) فإن الفرص كبيرة في أن ينتقل هذا الموقف إلى التلميذ نفسه، وإذا كان المجتمع يعطي اهتماماً لانتظام التلاميذ في التعليم المدرسي فإن هذا سينعكس على سلوك التلميذ الفرد.
2- أن المدرسة التي توفر لأطفالها جواً آمناً متحرراً من الخوف والقلق جواً يشجع الأطفال على المبادأة والمغامرة بالفكر والعمل، وجواً يسمح بالخطأ وتكرار الخطأ دون معاناة لمرارات الشعور بالفشل أو الخوف من السخرية، جواً يسمح للطفل بالتعبير .
إن هذه المدرسة لا تقدم للطفل بيئة محببة إلى قلبه فحسب، بل هي أيضاً تُنمي في هذا الطفل اتجاهات الثقة بالنفس والأصالة والتجريب.
وهذه بعض الأمور المساعدة على تهيئة الطفل نفسياً لتقبل التعليم المدرسي:
1- اتخاذ المنزل والمجتمع المحلي مواقف من المدرسة كمؤسسة تربوية.
2- تجنب نقد أهل المنزل للمدرسة أمام الطفل.
3- توفير جو تعليمي مفعم بالأمن والحرية في بيئة المدرسة والصف.
4- الامتناع عن العقاب البدني.
5- تقبل أفكار التلاميذ دون تهكم.
6- إتاحة فرصة النجاح أمام جميع التلاميذ.
7- تقديم إنجازات التلميذ بالإشارة إلى امكاناته لا بالمقارنة بأقرانه.
وتنقسم التهيئة النفسية للطفل إلى قسمين:
1- التهيئة العامة: وتهدف هذه التهيئة إلى إزالة القلق من نفس الطفل وإدخال الأمن والهدوء إلى قلبه في المجتمع الجديد كما ترمي إلى مساعدته على التكيف مع الظروف الطارئة على حياته.
ومن خلال هذه التهيئة يستطيع المعلم ملاحظة كل تلميذ ليقف على وضعه الجسدي وصفاته النفسية وقدراته العقلية، ويدرس ما يستطيع من نمو أعضائه التي يستخدمها في المجال اللغوي.
وتحقق هذه التهيئة من خلال مجموعة أنشطة يمارسها التلاميذ بإشراف المعلم، ومن هذه الأنشطة:
1- يُعرّف المعلم التلاميذ أقسام المدرسة.
2- يدفعهم إلى الحديث بطريق الحوار ويشجع الخجولين منهم على الكلام.
3- يدفعهم إلى سرد القصص ويقص عليهم حكايات طفولية مناسبة.
4- يحثهم على إلقاء ما حفظوا من أناشيد.
5- يبدد تحفظهم وقلقهم بسرد فكاهات مهذبة سارة.
6- يدفعهم إلى اللعب ولا بأس أن يكون لعباً لغوياً: كالألغاز .
7- يحاورهم فيما شاهدوا أو سمعوا ولا سيما فيما يتابعون من برامج تلفزيونية للأطفال.
8- يعلمهم الجلسة الصحية وآداب الدخول إلى الصف ويدربهم على أنواع التحيات ومناسباتها.
9- يدربهم على عادات النظافة كغسيل اليدين والوجه ونظافة الثياب.
10- يعرفهم كتابهم المدرسي ويحثهم على العناية به.
11- يستخدم لغة عامة قريبة من الفصحى فلا يلجأ إلى الفصيحة الصافية كيلا يشعر التلميذ بالغربة عن المألوف فيؤدي إلى نفوره من المجتمع المدرسي.
2- التهيئة اللغوية: وهي تدريب أعضاء النطق والسمع بالاعتماد على المحادثة، تنمية الثروة اللغوية، والتعرف على الأشياء المحيطة به وتسميتها، وتمييز الأشكال والأطوال والحجوم.