اللهم إنا نسألك ان تجيرنا من عذاب القبر اللهم ارزقنا أعمالا تبيض وجوهنا يوم نلقاك يارب العالمين .
اخواني ماذا أعددنا لتلك الحفرة المظلمة .
اخواني ماذا أعددنا للقبور التي كان عثمان رضي الله عنه إذا راها بكى بكاء شديدا وعندما يسأل لما هذا البكاء فيقول ان القبر أول منازل الاخرة فإن صلح كان ما بعده ايسر وإن لم يصلح كان ما بعده اشد واعظم .
القبور عبادالله مدرسة يتعلم منها وفيها المسلم الكثير .
القبور تذكرنا بالاخرة وبقصر اعمارنا .قال صلى الله عليه وسلم
(الا واني قد نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها فإنها تذكركم بالاخرة )).
الفبور تغرس في قلوبنا ان الناس سواسية لا تفاضل بينهم الا بالتقوى .
عباد الله
إذهبوا الى القبور وتأملوا هل تفرقون بين غني وفقير بين ملك ومملوك بين عزيز وذليل لا فرق بينهم .
أتيت القبور فناديتها *** أين المعظم والمحتقر
تفانوا جميعا وماتوا *** جميعا ومات الخبر
تروح وتغدو بنات الثرى *** فتمحو محاسن تلك الصور
فياسائلي عن اناس مضو *** أما لك في مامضى معتبر
بينما النبي صلى الله عليه وسلم ماشيا مع اصحابه ذات يوم فرأى قبرا يحفر فأسرع نحوه ثم جثا على ركبتيه وبكى وقال يا اخواني لمثل هذا فأعدوا يا اخواني لمثل هذا فأعدوا .
وهاهو عمروبن العاص يرى ميتا يقبر فأسرع الى المسجد فصلى ركعتين فقيل له لما فعلت هذا؟ قال المقبرة فتذكرت قول الله جل وعلا ((وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ)) سبأ54
فأشتهيت الصلاة قبل ان يحال بيني وبينها .
الله اكبر فيا من يشتهي الصلاة صلي قبل ان يحال بينك وبينها
يامن يشتهي قول لا اله الا الله قلها قبل ان يحال بينك وبينها
يامن يشتهي صلة الرحم قبل ان يحال بينك وبينها
يامن يشتهي فعل الخيرات إفعلها قبل ان يحال بينك وبينها .
يقول سلمان الفارسي : أضحكني ثلاث : مؤمل للدنيا والموت يطلبه وغافل لا يغفل عنه وضاحك بملء فيه لا يدري الله راضٍ عنه أم ساخط .وابكاني ثلاث فراق الاحبة محمد وصحبه وهول المطلع يوم القيامة ووقوفي بين يدي الله لا ادري الله راض عني ام ساخط
عبادالله كلنا زار المقابر وشيعنا أباءا وامهات أحباباً وأصحاب هل أخذ الغني من ماله شيء في قبره هل استطاع صاحب الجاه والسلطان ان يستعين بسلطانه في قبره لا والله ,هل أدخل احدٌ معه سراجاًأو نوراً لا والله لا نور ولا سراج الا نور العمل الصالح .
عباد الله لو اذن الله لاهل المقابر أن يخرجوا من قبورهم ليقولوا لا اله الا الله لكانت هذه الكلمه خيرٌ من الدنيا وما فيها .
ياأهل الدنيا انتم في عمل ولا حساب أما أهل المقابر فهم في حساب ولا عمل .
فالميت ينطلق معه الى قبره ثلاثة أهله وماله وعمله فيرجع إثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله ويبقى عمله
وصدق الله القائل ((وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ))النجم39
والله لو عاش الفتى من عمره *** الفاً من الأعوام مالك أمره
متنعماً فيها بكل نفيسة *** متنعما فيها بنعمى عصره
لا يعتريه الهم طول حياته *** أبدا ولا تجري الهموم بباله
ما كان ذلك كله في أن يفي *** بمبيت أول ليلة في قبره
دخل علي بن ابي طالب المقبرة فسلم على اهلها وقال يا أهل المقابر أما بيوتكم فقد سكنت أما نساءكم فقد تزوجن غيركم أما أموالكم فقد قسمت
الله المستعان البيت الذي ضللت تبنيه سنين طويلة تركته ليسكنه غيرك الزوجة التي عشت معها سنين طويلة وربما فضلتها على إلام المباركة هذه الزوجة تزوجت غيرك ,المال الذي جمعته من حرام او حلال قُسم بين الورثه .
عباد الله ماأصعب بناء بيت الدنيا وما أسهل بناؤ بيت الاخرة يقول صلى الله عليه وسلم ((من صلى لله اثني عشرة ركعة تطوعاً من غير الفريضة بنى الله له بيتاً في الجنة ))
وقال صلى الله عليه وسلم ((من قرأ سورة الإخلاص عشر مرات بني الله له قصرا في الجنة ))
وشتان بين بيت اللبن والأحجار وبيت الذهب والفضة ,شتان بين بيت بناه البشر وبيت بناه رب البشر .
فقال علي بن ابي طالب هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم يا اهل المقابر ثم قال والله لو اجابوا لقالبوا إن خير الزاد التقوى . ووعظ عمر بن عبد العزيز يوماً أصحابه فكان من كلامه أنه قال ( أذا مررت بهم فنادهم إن كنت مناديا ؛ وأدعهم إن كنت داعيا ؛ ومر بعسكرهم ؛ وانظر إلى تقارب
منازلهم 00 سل غنيهم مابقي من غناه ؟ وسل فقيرهم مابقي من فقره ؟ 00 واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون ؛ وعن الاعين التي كانوا للذات بها ينظرون 00
واسألهم عن الجلود الرقيقة ؛ والوجوه الحسنة ؛ والأجساد الناعمة ؛ ماصنع بها الديدان تحت الأكفان ؟!00 أُكلت الألسن ؛ وعُفرت الوجوه ؛ ومُحيت المحاسن ؛
وكثسرت الفقار ؛ وبانت الأعضاء ؛ ومزقت الأشلاء 00 فأين حجابهم وقبابهم ؟ وأين خدمهم وعبيدهم ؟ وجمعهم وكنوزهم ؟ أليسوا في منازل الخلوات ؟ أليس الليل
والنهار عليهم سواء ؟ أليسوا في مُدلهمه ظلماء ؟ قد حيل بينهم وبين العمل ؛ وفارقوا الأحبه والمال والأهل 0فيا ساكن القبر غداً! مالذي غرّك من الدنيا ؟ أين
دارُك الفيحاءُ ونهرك المطرد ؟وأين ثمارك اليانعة ؟ وأين رقاقُ ثيابك ؟ وأين طيبك وبخورك ؟ وأين كسوتك لصيفك وشتائك ؟ 00 ليت شعري بأي خديك بدأ البلى 00 يا
مجاور الهلكات صرت في محلّة الموت 00 ليت شعري مالذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا 00 وما يأتيني به من رسالة ربي )) 00 ثم انصرف رحمه الله فما
عاش بعد ذلك إلا جمعه0
هاهو يزيد الرفاشي كان يحاسب نفسه كل يوم ويتذكر الآخرة ويقول ويحك يا يزيد من ذا يصلي عنك بعد الموت من ذا يصوم عنك بعد الموت من ذا سيتصدق عنك بعد الموت من الموت طالبه من القبر بيته من الدود أنيسة من التراب فراشه من منكر ونكير جليساه
ثم يقول أيها الناس ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم ما تبقى من حياتكم ,ثم يبكي بكاء شديدا .
وعن وهب بن الورد قال : بلغنا أن رجلاً فقيهاً دخل على عمر بن عبد العزيز فقال: سبحان الله !- كأنه تعجّب من أمره الذي هو عليه -وقال: تغيرت بعدنا ّ فقال
له عمر: وتبيّنت ذلك فعلاً ؟ فقال له : الأمر أعظم من ذلك فقال له عمر : يا فلان ! فكيف لو رأيتني بعد ثلاث ؛ وقد أُدخلتُ قبري 00 وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الخدين 00 وتقلصت الشفتان على الأسنان 00 وانتفخ الفم 00 ونتأ البطن فعلا الصدر 00 وخرج الصديد من الدُبر 00!!))0
تصور نفسك يا عبد الله وقد جاءك الموت وأصبحت محمولاًعلى الاكتاف فيا ليت شعري ما تقول جنازتك هل ستقول قدموني قدموني ام ستقول ياويلها أين تذهبون بها.
ثم تصور يا عبد الله وانت تدخل المقبرة لا زائراًولا حاملاً بل محمولاً ميتا فتخيل احب الناس اليك واقرب الناس اليك وهم ينزلونك الى قبرك ويضعون اللبن ليغلقوا قبرك فأنحجب الضوء عنك ثم بدأوا يحثون على قبرك التراب ويقول احدهم استغفروا لأخيكم وسلوا له الثبات فإنه الان يسأل ثم ذهبوا وتركوك وحيدا فريداً في ذلك الظلام من فوقك تراب ومن تحتك تراب وعن يمينك تراب وعن شمالك تراب ثم تعاد روحك الى جسدك ويأتيك منكر ونكير فيجلسانك ويسألانك من ربك ما دينك من نبيك فإن كنت من الصالحين الصادقين التائبين فإن الله سيثبتك فهو القائل ((يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ))
فتقول ربي الله وديني الاسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم فينادي منادي من السماء أن صدق عبدي فأفرشوا له من الجنة والبسوه من الجنة وأفتحوا له نافذة الى الجنة ثم يفسح لك في قبرك مد البصر ثم يأتيك رجلاًحسن الوجه حسن الثياب طيب الرائحه وهو عملك الصالح وهو انيسك في قبرك .
أما إن كان العبد والعياذ بالله كافرا مضيعاً لدينه تاركاً للصلاة أكلا للحرام فاعلاً للمنكرات ومات على ذلك فإنه سيقول هاه هاه لا ادري فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوا له من النار والبسوه من النار وأفتحوا له نافذة الى النار ويضيق له في قبره حتى تختلف اضلاعه ,ثم يأتي اليه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب فبيح الرائحة وهو عمله السيء وهو رفيقه .
عباد الله إذهبوا الى المقابر وأسألوا سكانها وصيحوا في واحد منهم يافلان ماغرك بالدنيا فقد تركتها أين بيتك الواسع أين الثياب الرفيعة اين العطور الفارهة اين الجلد الرقيق والجسد الناعم كيف انت والهوام والديدان خرقت الاكفن ومحت الالوان واكلت اللحوم والبنان ونخرت العظم واليدان .
عبد الله
مازلت مذ صورت في سفر *** وستنقضي وسينقضي السفر
ماذا تقول وانت في غصص *** ماذا تقول وانت تحتضر
ماذا تقول وانت في جدث ٍ *** ماذا تقول وفوقك المدر
اخي نعوذ بالله ان نكون من الذين
((إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ }محمد27
اخي نعوذ بالله ان نكون من الذين(( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ))النحل 28
أخي المسلم : هل رأيت القبور ؟ هل رأيت ظلمتها ؟ هل رأيت وحشتها ؟هل رأيت شدتها ؟هل رأيت ضيقها ؟ هل رأيت عمقها؟ هل رأيت هوامها وديدانها؟
ما علمت أنها أعدت لك كما اعدت لغيرك؟
أما رأيت أصحابك واحبابك وارحامك نُقلوا من القصور إلى القبور 00 ومن ضياء المهود إلى ظلمه اللحود 00 ومن ملاعبة الأهل والوالدان إلى مقاساة الهوام
والديدان 00 ومن لتنعُم بالطعام والشارب إلى التمرُغ في الثرى والتراب 00 ومن أُنس العشرة إلى وحشة الوحدة 00 ومن المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل ؟ فأخذهم
الموووووووووووووووتُ على غِرّة ؛ وسكنوا القبور بعد حياة الترف واللذة ؛ وتساووْا جميعاً بعد موتهم في تلك الحفرة ؛ فالله نسأل أن يجعل قبورنا روضة من
رياض الجنة 0
أخي الحبيب:
ماذا أعددت لأول ليلة تبيتها في قبرك ؟
أما علمت أنها ليلة شديدة ؛ بكى منها العلماءُ ؛ وشكى منها الحكماءُ ؛
وشمّر لها الصالحون الأتقياء ؟
فارقت موضع مرقدي 0000 يوماً ففارقني السكون ُ
القبر أول ليلةٍ 0000 بالله قل لي ما يكونُ ؟!
كان الربيع بن خثيم رحمه الله الذي قال عنه ابن مسعود رضي الله عنه يا ربيع والله لو رأك الرسول صلى الله عليه وسلم لأحبك0كان رحمه الله يتجهز لتلك الليلة
؛ ويروى أنه حفر في بيته حفرةً ؛ فكان إذا وجد في قلبه قساوةً دخل فيها ؛ وكان يمثل نفسه أنه قد مات وندم وسأل الرجعة فيقول : (( رب ارجعون لعلي اعملُ صالحاً فيما تركت)) المؤمنون : 99-100
فيجيب نفسه فيقول : قد رجعت يا ربيع !! فيرى فيه ذالك أياماً أي يُرى فيه العبادةُ والاجتهادُ والخوفُ والوجلُ0
وعن أبي هريرة ؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الميت يصيرُ إلى القبر: فيجلس الرجل الصالح في قبره فزعٍ ولاشعوف( أي غير خائف ولا مذعور )0 ثم
يقال له : فيم كنت؟ فيقول: كنت في الاسلام0 فيقال له:ماهذا الرجل ؟فيقول : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه0 فيقال
له : هل رأيت الله ؟فيقول ماينبغي لأحد أن يرى الله 0فيُفرج له فرجهٌ قِبل النار ؛ فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ؛فيقال له :انظر إلى ما وقاك الله عز وجل 0
ثم يفرجُ له قِبل الجنه ؛ فينظر إلى زهرتها وما فيها ؛ فيقال له : هذا مقعدك ؛ ويقال له : على اليقين كنت ؛ وعليه متّ؛ وعليه تُبعث إنشاء الله 0
قال: ويجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مشعوفاً ؛ فيقال له : فيم كنت؟ فيقول: لاأدري ؛ فيقال له : ماهذا الرجل ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون قولاً فقلته0
فيفرج له قِبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها ؛ فيقال له: انظر ماصرف الله عنك0 ثم يثفرج له فرجة قِبل النار ؛ فينظر إليها يحطم بعضثها بعضاً ؛ فيقال له
(( هذا مقعدك على الشك كنت ؛ وعليه متّ ؛ وعليه تبعث إنشاء الله )) رواه ابن ماجه وصححه البوصيري 0
أرى أهل القصور غذا أُميتوا 000 بنوا فوق المقابر بالصخورِ
أبوا إلا مباهاةً وفخراً000 على الفقراءِ حتى في القبورِ
لعمرُك لو كشفت التُرب عنهم 000 فما تدري الغنيّ من الفقيرِ
ولا الجلدَ المباشر ثوب صوفٍ 000 من الجلدش المباشرِ للحريرِ
إذا أكل الثرى هذا وهذا 000 فما فضلُ الغنيّ على الفقيرِ ؟!
فياإخوتاه : ألا تبكون من الموت وسكرته؟
وياإخوتاه : ألا تبكون من القبر وضمّته ؟
وياإخوتاه:ألاتبكون خوفاً من النار في القيامة؟
وياإخوتاه:ألاتبكون خوفاً من العطش يوم الحسرة والندامة؟
أسأال الله ان يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة وان لا يجعلها حفرة من حفر النار
الخطبة الثانية :-
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه
وبعد
عباد الله ما هي أسباب عذاب القبر
لقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم ) أن رجلاً ضرب في قبره سوطاً فامتلأ القبر عليه ناراً؛ لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور، ومر على مظلوم فلم ينصره) الحديث رواه الطحاوي في بسند حسن.
وأخبر صلى الله عليه وسلم كما في حديث سمرة بن جندب الذي رواه البخاري عن تعذيب من يكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وعن تعذيب من يقرأ القرآن ثم ينام عنه بالليل ولا يعمل به في النهار، وعن تعذيب الزناة والزواني، وعن تعذيب آكل الربا، أخبر عنهم كما شاهدهم في البرزخ.
وفي حديث آخر أخبر صلى الله عليه وسلم عن رضخ رؤوس أقوام بالصخر لتثاقل رؤوسهم عن الصلاة، وعن الذين يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة أموالهم، وعن الذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم، والذين تقرض شفاههم بمقارض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام والخطب.
وجاء في حديث رواه أبو سعيد عنه صلى الله عليه وسلم ذكر أرباب بعض الجرائم وعقوباتهم: فمنهم من بطونهم أمثال البيوت وهم على سابلة آل فرعون، وهم أكلة الربا، ومنهم من تفتح أفواههم فيلقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم، وهم أكلة أموال اليتامى، ومنهم من تقطع جنوبهم ويطعمون لحومهم، وهم المغتابون، ومنهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم، وهم الذين يمزقون أعراض الناس.
فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم، بحسب كثرتها وقلتها، وصغرها وكبرها. ما لم يغفر الله لهم ويتجاوز عنهم بتوبة أو رحمة منه تعالى.
فظواهر القبور تراب، وبواطنها حسرات وعذاب، ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات، وفي باطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها، ويحق لها وقد حِيل بينها وبين شهواتها وأمانيها.
تالله لقد وعظت فما تركت لواعظ مقالاً، ونادت: يا عُمار الدنيا، لقد عمرتم داراً موشكة بكم زوالاً، وخربتم داراً أنتم مسرعون إليها انتقالاً، عمرتم بيوتاً لغيركم منافعها وسكناها، وخربتم بيوتاً ليس لكم مساكن سواها، هذه دار الاستباق، ومستودع الأعمال وبذر الزرع، وهذه محل للعبر، رياض من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.
عباد الله مالنجاة من عذاب القبر إسمعوا الى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات أجري عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان }.
ومما ينجي من عذاب القبر ما دل عليه ما رواه النسائي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال: ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: )) كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة.((
وروى الترمذي وابن ماجه وغيرهما بسند صحيح عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه،( وهذا لفظ ابن ماجه وعند الترمذي( ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجه من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه )). وهذا بعض فضل الجهاد في سبيل الله والاستشهاد فيه.
ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما ثبت عند أبي داود والترمذي وابن ماجه والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى غفر له ((. فدل هذا الحديث وما جاء في معناه من الآثار على أن من حافظ على قراءة سورة الملك وداوم على ذلك وعمل بما دلت عليه؛ فإنها تنجيه من عذاب القبر.
ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره))(رواه الترمذي(
وهذا يحمل من أصيب بداء البطن أن يصبر ولا يجزع، ويحتسب الأجر عند الله، وأن يحتسبه أهله كذلك.
ومما جاء فيما ينجي من عذاب القبر: ما رواه الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله تعالى فتنة القبر )). وهذا محض فضل الله وتوفيقه لحسن الخاتمة.
وقد دل على ذلك أن تلك الأعمال من الصلاة والزكاة والصيام وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس من أسباب النجاة من عذاب القبر وكربه وفتنه.
والجامع في ذلك تحقيق التقوى لله تعالى، كما قاله سبحانه
: ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )) الأحقاف:13.
عبد الله أخيرا تأمل هذه الاية بتدبر
(حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ))المؤمنون99-100
كلا، آلان تراجع حساب ، آلان تتوب، آلان تنتهي عن المعاصي.
يا مدبرا عن المساجد ماعرف الصلاة.
يا معرضا عن القرآن، يا متهتكا في حدود الله.
يا ناشئا في معاصي الله.
يا مقتحما لأسوار حرمها الله.
آلان تتوب، أين أنت قبل ذلك ؟
خرج عليه الصلاة والسلام إلى تبوك:
وفي ليلةٍ من الليالي نامَ هوَ الصحابة، وكانوا في غزوةٍ في سبيل الله.
قال ابنُ مسعود رضي الله عنه و أرضاه:
قمتُ أخرَ الليل فنظرتُ إلى فراش الرسولِ صلى الله عليه وسلم فلم أجده في فراشه.
فوضعتُ كفي على فراشهِ فإذا هوَ بارد.
وذهبتُ إلى فراشِ أبي بكر فلم أجده على فراشه.
فألتفت إلى فراش عمر فما وجدته،
قال وإذا بنورٍ في أخر المخيم وفي طرف المعسكر، فذهبتُ إلى ذلك النور ونظرتُ.
فإذا قبرٌ محفور، والرسولُ عليه الصلاة والسلام قد نزلَ في القبر.
وإذا جنازةٌ معروضةٌ، وإذا ميتُ قد سجي في الأكفان.
وأبو بكرٍ وعمر حول الجنازة، والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بكر وعمرَ دليا لي صاحَبكما.
فلما أنزلاهُ، نزلهُ صلى الله عليه وسلم في القبر، ثم دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام ثم التفتَ إلى القبلةِ ورفع يديه وقال:
( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه)، ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه)،
قال: قلت من هذا ؟
قالوا هذا أخوك عبد الله ذو البجادين مات في أولِ الليل.
قال ابنُ مسعود فوددت واللهِ أني أنا الميت : ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه).
وإذا رضي اللهُ عن العبدِ أسعده.
هذا وصلوا وسلموا على محمد المصطفى والرسول المجتبى صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم